الكاتب: محمد بن عيسى البلوشي
كلنا يدرك ما أحدثته وسائل الاتصال الحديثة من تغيرات في مجتمعاتنا وذلك من ناحية السلوك وايضا مستوى الاستيعاب والأفكار التي يتبناها المجتمع. وربما أعود في تحليل ما أكتبه في هذا المقال إلى استرجاع السلوكيات التي كان أفراد المجتمع يقود بها الرسائل العامة التي تصل إليه عبر البريد الإلكتروني والتي كان البعض يمررها عبر خاصية إعادة الارسال.
اليوم تقود هذه الخاصية معظم من لديهم خدمات الواتس اب او منصات أخرى، فتراهم ينشرون دون وعي مواد كتابية ومرئية غير مفيدة بل وتستحف بالعقل الإنساني الذي كرمة الله بقدرات كبيرة، بل وصل الأمر بالبعض بأن ينشروا مواد تستهزأ بالأديان السماوية في مقاطع او رسائل ترمى على أنها كوميدية.
الأمر الآخر الذي نراه جليا في مواقع التواصل ومنها محركات الفيديو، وهو جذب إهتمام الإنسان من خلال نشر مواد مرئية عارية من الفائدة أو الرسالة تحت مسميات أغرب حالة، ماذا فعل الله في قوم كذا، العذاب الذي حل بقوم كذا، عراك الممثل او الرياضي او المذيع او المهندس مع فلان، انظر كيف رد فلان بشكل ساخن مع علان، انظر كيف خانت الزوجه، انظر كيف تفعل الممثلة او الإعلامية مع كذا، وكلها مواد غير مفيدة لا لعقل بشري بل وقد يكون فيها حكم ديني.
ما جعلني أعيد التذكير في هذا الموضوع، هو حجم الخراب الذي يسببه إعادة نشر هذا النوع او مشاهده هذا النوع من المواد، سواء على العقل البشري الذي سيكون مهووسا بعد فترة زمنية لمطالعة هذا النوع من المواد، أو المجتمع كونه ينشر الكثير من السلبية والتوتر بين البشر، أو للدين والذي أمرنا بالتقيد بتعاليمه في عدم نشر ما لا يفيد وعدم إشاعة الخطأ.
ولم أجد ما أختم به قولي إلا أبيات رائعة قالها الفيلسوف والمفكر علي الهويريني:
قصرك عقلك، فحفظ قصرك
لا يدخله ثرثرة تبني شكلا تغريك بأنك آية عصرك،
فسفينك في بحر لجي مظلم
والشكل زجاجي معتم،
فاجعل من عقلك ربانا يهديك إلى قصدك،
واحذر أن ترمي عقلك بغيابة شكلك
فالبحر عميق قاعه والحوت طويل باعه،
جهول لاهوم يتنكر في شكلك
فحفظ قصرك، فقصرك عقلك.