مسقط- شؤون عمانية: قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية خلال الفترة الماضية بنشر تقنية تصنيع القوالب العلفية لتغذية الحيوانات باستخدام المخلفات الزراعية والسمكية، والتي لاقت قبول كبير من المربين بعد إرشادهم بهذه التقنية على امل تطبيقها مستقبلا حسب استطاعتهم. ويعود ذلك بعد ان قام فريق بحثي من مركز بحوث الإنتاج الحيواني بدراسة هذه التقنية واثبات نجاحها وجدواها واستغلالها كأعلاف تكميلية بديلة ذات قيمة غذائية عالية في تغذية الحيوانات… التفاصيل في سياق التقرير التالي..
تتوفر في السلطنة كميات من المخلفات الزراعية والصناعية غير المستغلة أو التي لم تستغل في تغذية الحيوانات، كما تتوفر كميات كبيرة من مخلفات أشجار النخيل مثل السعف ومخلفات صناعة التمور مثل بثل (تفالة) التمر ونوى التمر، وتنتج السلطنة كميات كبيرة من أنواع التمور والتي منها تعتبر غير صالحة للاستهلاك البشري ويمكن أن تستخدم في تغذية الحيوانات. كما توجد أيضا كميات كبيرة من أسماك السردين المجففة بصورة تقليدية ويستخدم جزء منها في تغذية الحيوانات إلا أن استعمالها غير كفؤ في تغذية الحيوانات.
خلال العقود الأخيرة تم تطوير منهجية حديثة لاستخدام الأعلاف التكميلية في تغذية الحيوانات المجترة التي تعتمد في تغذيتها على المراعي الفقيرة وبقايا مخلفات الحصاد للمحاصيل الزراعية، حيث تعتمد هذه المنهجية على استخدام المصادر العلفية غير التقليدية كأعلاف تكميلية بديله في تغذية الحيوانات المجترة وتعرف بالقوالب العلفية.
يقول المهندس خلفان بن مطر الشرجي، رئيس قسم تغذية الحيوان بوزارة الزراعة والثروة السمكية: أن هناك تطوراً كبيراً في أعداد الأغنام والماعز في السلطنة لكن إنتاجيتها من اللحم والحليب ضعيفة، حيث أن القدرة الإنتاجية للسلالات العمانية من الأغنام والماعز يمكن أن تصل إلى 85% حسب النتائج المتحققة في المحطات البحثية، وأن من أهم أسباب انخفاض الإنتاجية هو انخفاض الكفاءة التناسلية للماعز والأغنام وارتفاع نسبة الوفيات في المواليد وكذلك انخفاض أوزان الفطام تحت النمط التقليدي المتبع في السلطنة، وأضاف أيضا أن اعتماد الحيوانات المجترة على المراعي الطبيعية كمصدر رئيسي في تغذيتها هو السبب الرئيسي لانخفاض إنتاجيتها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحبوب والأعلاف المركزة المصنعة محلياً مما أدى إلى محدودية استخدامها من قبل المربين .لذا فقد ساهمت تقنية القوالب العلفية في التغلب على هذا العجز حيث أنها تعتبر مصدر علفي قليل الكلفة يساهم في توفير العناصر الغذائية التي تحتاجها الحيوانات وتعمل على توفير الطاقة والنيتروجين بالإضافة إلى الفيتامينات والعناصر المعدنية والتي تؤدي إلى تحسين ورفع الكفاءة الإنتاجية للحيوان (زيادة الوزن و إنتاج الحليب) بصورة كبيرة.
الاهداف الرئيسية
وفيما يتعلق بالأهداف الرئيسية لاستخدام القوالب العلفية قال المهندس رئيس قسم تغذية الحيوان: بأن القوالب العلفية تعمل على زيادة الكفاءة الإنتاجية للمجترات الصغيرة من خلال الاستخدام الأمثل للمخلفات الزراعية والصناعية المتاحة في السلطنة واستخدامها كعلف تكميلي بديل خلال المراحل الإنتاجية المختلفة (التناسل، الحمل و الرضاعة)، وأيضا استغلال أسماك السردين المجففة المتوفرة في السلطنة حيث أثبتت الدراسات بجدواها الفنية والاقتصادية باستغلالها كأعلاف تكميلية بديلة ذات قيمة غذائية عالية في تغذية الحيوانات المجترة، كما ساهمت تقنية القوالب العلفية في الحد من ظاهرة أكل لحاء الأشجار من قبل الإبل وخاصة في محافظة ظفار، وأيضا تنمية وتطوير صناعة الأعلاف لدى مربي الحيوانات وصغار المنتجين من خلال استحداث وحدات تصنيعية) لإنتاج الأعلاف على شكل قوالب العلفية.
النتائج المتحققة
وحول النتائج المتحققة ً من استخدام القوالب العلفية قال المهندس خلفان الشرجي: أنه تم نشر وتبني هذه التقنية بشكل كبير بين المربين، وقام فريق بحثي بمركز بحوث الإنتاج الحيواني بالعمل على تطوير هذه التقنية من حيث أجهزة التصنيع والتراكيب المصنعة التي تلائم أنظمة الإنتاج للحيوانات المجترة.
مواصفات القوالب العلفية
وأوضح أيضا أن القوالب العلفية اتصفت – بالإضافة لكونها علف تكميلي ذو قيمة غذائية – بأنها كذلك تحتوي على نسبة عالية من البروتين (24%) والطاقة والفيتامينات والعناصر المعدنية حيث أن استخدام الضغط العالي للكبس الهيدروليكي يؤدي إلى التقليل من نسب المواد الرابطة المستخدمة في تراكيب القوالب مما يزيد في المادة العضوية وفي القوالب المنتجة، كما أن هذه القوالب ذات مواصفات عالية من حيث التماسك والصلابة واتصفت أيضا بسرعة الجفاف حيث لا تتجاوز فترة التجفيف 1-2 يوم في حين أن الطرق السابقة تحتاج إلى فترة لا تقل عن 5-7 أيام بالإضافة إلى سهولة تداولها ونقلها أثناء التصنيع والتغذية والاستساغة العالية من قبل الحيوانات وهذا مؤشر جيد لنجاح هذا النمط من الأعلاف.
طريقة التصنيع
وفيما يختص بطريقة تصنيع القوالب العلفية قال المهندس طلال بن مرهون السديري من وزارة الزراعة والثروة السمكية: أن المختصون بالمركز نجحوا في تطوير وتصنيع وحدة تصنيع القوالب العلفية محلياً في إحدى الورش المحلية وبإشراف فني من قبل الفريق البحثي بالمركز وشملت هذه المعدات الخلاط الأفقي والمكبس الهيدروليكي. وفيما يختص بطريقة تصنيع الخلاط الأفقي تم تصميمه بسعة (150-200 كغم) لكي يعطي أفضل خلط إذ انه يضمن الحصول على تجانس كامل للمواد الأولية المخلوطة وعدم حدوث تكتل للمواد المخلوطة وخاصة المواد الخفيفة وبالتالي فهو مثالي لإنتاج خلطات متجانسة. وأضاف السديري: ان الخلاط يعتبر جزء أساسي في تصنيع القوالب العلفية وهو يعمل بواسطة محرك كهربائي بقوة 15 حصان، وتتمحور فكرة عمله بأن يتم نقل الحركة بواسطة نظام ناقل حركة، ويتم الخلط من خلال ثلاثة أذرع كلاها يكمل الأخر بحيث يضمن دقة في الخلط وبسرعة 32 دورة في الدقيقة.
وقال طلال السديري: أن تصنيع هذا الخلاط محلياً سوف يساهم بصورة كبيرة في نشر هذه التقنية في السلطنة؛ حيث أنه أدى إلى الحصول على قوالب علفية ذات مواصفات عالية من حيث التماسك والصلابة في حين أن استخدام خلاط الاسمنت التقليدي يؤدي إلى عدم حصول تجانس للمواد المخلوطة والتصاق المواد الثقيلة الوزن على جدار الخلاط وخاصة المواد الرابطة.
الخلاط الأفقي (Pan Mixer)
وفيما يتعلق بالمكبس (Press) أوضح المهندس طلال السديري بأنه تم التوجه إلى استخدام المكبس الآلي المجهز بضغط هيدروليكي حيث تم تصنيعه أول مرة في السلطنة بإحدى الورش بالمنطقة الصناعية في محافظة مسقط بضغط 100 طن ويكبس 4 قوالب في الكبسة الواحدة. تم تجهيز المكبس بمحرك كهربائي قوة 15 حصان وحجم القوالب المنتجة بقطر 236 ملم وارتفاع 200 ملم ومعدل وزن القالب هو 4-5 كغم وكذلك حسب كثافة المواد الداخلة في التصنيع. وأفاد أنه تم تطوير هذه المنهجية الجديدة بهدف تقليل عدد العمالة المستخدمة في عملية التصنيع وكذلك إنتاج قوالب علفية ذات مواصفات عالية النوعية من حيث التماسك والقيمة الغذائية، كما أن الضغط العالي للكبس الهيدروليكي يؤدي إلى التقليل من نسب المواد الرابطة المستخدمة في تراكيب القوالب مما يزيد من المادة العضوية في القوالب المنتجة.
المكبس الهيدروليكي
وفيما يختص بتراكيب القوالب العلفية أشار إلى أنه تم تصنيع تراكيب مختلفة من القوالب العلفية اعتمدت بصورة رئيسية على المصادر العلفية المتوفرة محلياً وتشمل التمور غير الصالحة للاستهلاك البشري وأسماك السردين المجففة تقليدياً ونخالة القمح المنتجة محلياً واليوريا كمصدر للنيتروجين وأطيان البنتونايت والجير الحي كمادة رابطة وكبريتات الكالسيوم بالإضافة لكونها كمادة رابطة فهي أيضا مصدر للكبريت الذي تحتاجه الحيوانات المجترة عند استخدام اليوريا في تغذيتها.
الاستساغة العالية للقوالب العلفية
وقال سلطان بن سعيد المعولي، فني إنتاج حيواني بمركز بحوث الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة والثروة السمكية: أن الكميات المصنعة من القوالب العلفية في وحدة تصنيع القوالب العلفية بلغت ما يقارب10000 قالب (5 كغم/قالب) وبمعدل إنتاج أكثر من 50 قالب/يوم، تم إختبار القوالب في تغذية الماعز من حيث الاستساغة وكذلك تم إرسال ما يقارب 1000 قالب إلى الوحدة البحثية لماعز الجبل الأخضر لاستخدامها في تغذية الحيوانات وتم توزيع القوالب كذلك على المربين بنيابة الجبل الأخضر بهدف أخذ مؤشرات أولية حول قبول المربين لهذا النمط العلفي الجديد.
وقال : ان المختصين بالمركز يخططون للبدء في تنفيذ برنامج بحثي لإنتاج تراكيب من القوالب العلفية حاملة للمستحضرات البيطرية للوقاية و معالجة الديدان الداخلية التي تصيب الحيوانات في السلطنة من خلال استخدام أغصان) الشجيرات مثل المسكيت وشجرة القرم والأَكاسيا المنتشرة في السلطنة حيث تتصف أغصان هذه الشجيرات بكونها مصدر غني بالتانين وأظهرت أحدث الدراسات بأن لهذه المادة تأثير ايجابي طبيعي في الوقاية و معالجة الطفيليات الداخلية والتي يمكن أن تكون كإحدى الطرق البديلة لطريقة التجريع بالمستحضرات البيطرية التقليدية والتي تكلف مبالغ كبيرة بالإضافة إلى حصول مقاومة للمستحضرات البيطرية التقليدية من قبل الديدان والطفيليات و الأثر السلبي لهذه المستحضرات على المنتجات الحيوانية (اللحم والحليب).