الكاتبة: فاطمة بنت أحمد المنجية
الصمت والهدوء والعمل دون ضجيج؛ كلها من وصايا الانبياء والرسل والصالحين، ولست هنا بصدد ذكر الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، التي تؤكد على أهمية أن يعمل الإنسان بصمت بعيدا عن الأضواء، فهي كثير ومعروفة ويمكن الولوج لها عبر شبكة الإنترنت بكل سهولة ويُسر. ولكن اتحدث هنا عن هذا (الهوس والحمى والمبالغة ) التي نراها تنتشر يوما بعد بين كثير من أبناء المسلمين، وهي ( العمل تحت الاضواء)، حيث تتسابق بعض الدول خلال شهر رمضان المبارك في استعراض ما قدمته طيلة العام من صدقات ومبادرات ودعم للفقراء والمساكين، ويتم إظهار هذه البرامج بطريقة إخراجية محترفة، وتبث على القنوات الفضائية خلال وقت الذروة، إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي. وهذه الظاهرة لا تقتصر على بعض الدول، وإنما تفشت وانتشرت بين الكثير من المسلمين، فبعضهم لا يمكن أن يقدم (فلسًا) واحدا؛ إلا إذا تم تصويره ألف مرة ونشر هذه الصور عبر الفضاء الإلكتروني ومختلف وسائل الإعلام الأخرى، دون أن يتم مراعاة مشاعر الفقراء والمساكين والمحتاجين، فأين نحن من قوله تعالى:{ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }، و قوله تعالى:{الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، وأي أذى أشد من أن يستهدف المسلم مشاعر أخوه المسلم بالاستفزاز والاستغلال المقيت الذي نشاهده يوميا عبر مختلف وسائل الإعلام الرسمية والغير رسمية، حتى امتلأت الدنيا في مختلف الوسائل والملفات بصور “سليفي الصدقات”، فهذا (يطعم قطة، وذاك يعطي خبزة، وأخر يقدم مالا، وهنا من يساعد محتاجاً، وألخ)، وأكثرها صور للمباهاة والتنافس على الظهور والترويج والدعاية والإعلان. وهنا لا ينبغي أن نُقصي ونقلل من أهمية الإنفاق في العلن، من أجل تشجيع الاخرين وبالأخص في الظروف الاستثنائية، ولكن ينبغي احترام وتقدير الروح الإنسانية، وأن لا نؤذي مشاعر المحتاجين، ولنسعي إلى إسعادهم وتقديم العون والمساعدة لهم دون أن يعرفوا بأننا فعلنا ذلك؛ وهذا أنبل واسمى وأعلى درجات الخير والأجر بإذن الله تعالى.