الكاتبة: فايزة محمد
ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها السلطنة لأنواء مناخية استثنائية مثل الإعصار المداري ( ميكونو ) الذي آثر على محافظتي ظفار والوسطى مؤخرًا؛ فقد تعرضت السلطنة بمحافظاتها المختلفة عبر السنوات والقرون الماضية إلى أعاصير وعواصف مدارية ومنخفضات جوية مختلفة، ولكنها جميعها جوبهت بصلابة الإنسان العماني الذي لم تستطع هذه الحالات الطبيعية – وغيرها- من إضعاف عزيمته وإيمانه بقدرته على مواجهتها.
وقد شاهد العالم أجمع كيف وقف أبناء الشعب العماني صفا واحدا كالبنيان المرصوص في مواجهة الحالة المدارية الأخيرة، سواء الجيش أو الشرطة أو القطاعات المدنية وأبناء الشعب، حتى أن كاتباً كويتياً هو عبدالله علي القبندي كتب في صحيفة ” القبس الإلكتروني ” بتاريخ 27 / 5 / 2018 مقالا بعنوان ” مدرسة اسمها سلطنة عمان ” وصف فيها السلطنة بانها ” تتحدى وتقف أمام الأمواج العاتية وتكون أقوى مما سبق ، فهي كطائر العنقاء الذي ينهض ويعلن الولادة ” ثم تساءل قائلا: “فأي مدرسة أنتِ يا عمان نتعلم منها “.
وجميعنا نتذكر ما حصل عندما تأثرت السلطنة بالإعصار ” جونو ” في يونيو سنة 2007، فقد كان إعصاراً من الدرجة الخامسة، وأحدث أضراراً كبيرا بالبنية الأساسية في مسقط وبعض المحافظات التي تأثرت بالإعصار، ولكن العماني نجح – وبجدارة – في إعادة بناء من دمره الإعصار دون مساعدة من أحد، لقد وقف هذا الشعب وحيدًا وهو يواجه تلك القوة الطبيعية العاتية التي حطمت كثيرا من الشوارع والجسور والأبنية وتسببت في وفاة بعض المواطنين ، دون أن ينتظر مساعدة من أحد من خارج عمان. وقف وحيدًا لا يملك سلاحاً إلا عقيدته الإيمانية التي تأبى الخضوع والاستسلام إلا لله سبحانه وتعالى فقط، وإيمانه بوطنه، وولائه لقيادته الحكيمة المتمثلة في جلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله ورعاه، وفي وقت قياسي لا يكاد يذكر استطاع ان يعيد بناء معظم ما دمره الإعصار بتكاتف الشعب وتعاونه الذين وقفوا يدا واحدا ومن اجل هدف واحد وهو :عمان .
وتكررت هذه الملحمة الوطنية في الإعصار المداري (فيت) الذي ضرب محافظة جنوب الشرقية في 2- 4 يونيو 2010.
أما في الحالة المدارية الاخيرة التي أثرت على محافظتي ظفار والوسطى، فقد أثبت العماني مجددا قدرته على مواجهة جميع التحديات والصعاب التي تواجهه، حيث شاركت جميع القطاعات العسكرية والأمنية والمدنية في مواجهة الحالة عن طريق الاستعداد المبكر الذي تجلى بصورة واضحة في إجلاء المواطنين من المناطق التي كانت في مرمى الإعصار ، ونقل الحالات الطارئة ومرضى الكلى بسرعة قياسية من ظفار إلى مسقط وبعض المحافظات الأخرى عن طريق وزارة الصحة بالتعاون مع سلاح الجو السلطاني العماني والدفاع المدني، وقد أظهر العمانيون في هذه الحالة المدارية – كما في الحالات السابقة – بأنهم كالجسد الواحد الذي إذا أشتكى منه عضو تداعي سائر الجسد بالسهر والحمى.
ومن الملاحظات الجديرة بالاهتمام في الأنواء المناخية الأخيرة مواكبة الإعلام العماني الحدث لحظة بلحظة، سواء الإعلام المرئي أو المسموع او المقروء أو الإلكتروني، ولا بد من الإشارة هنا إلى التغطية الإعلامية المجيدة التي قام بها تلفزيون سلطنة عمان الذي قام بتغطية الحالة أولا بأول من المناطق المتأثرة بالإعصار، وكذلك مركز التواصل الحكومي عن طريق حساب ” عمان مستعدة “؛ فقد استطاع الكادر الإعلامي المجيد في المركز أن ينقل أخبار وآخر مستجدات الحالة المدارية لحظة بلحظة، بالإضافة إلى الحسابات الاخرى مثل : شرطة عمان السلطانية ، والدفاع المدني ، ووزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من الحسابات الإخبارية والإعلام الإلكتروني.
وأخيرا وليس آخراً، فإن الأعاصير تأتي وترحل، ولكن الإنسان العماني باقٍ يواصل مسيرة التنمية والإعمار في هذا الوطن الحبيب.