إعداد: فاطمة بنت أحمد بن خميس المنجية
يُعلمنا القرآن الكريم بأن أهم ما ينبغي أن يعيش الإنسان من أجله هو العطاء والإحسان، بل أن الأموات يتمنون أن يعودُ إلى الحياة من جديد من أجل أن يحسنوا للأخرين، قال تعالى: {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خيركم، أنفعكم للناس)، ولهذا قال أحد الفلاسفة: (طوبى للفقراء، فبفضلهم يمكننا أن نتقرب الى الله). وعندما نعطي علينا أن نتحلى بالقيم والمبادئ الإسلامية، وأن نبتعد أن التعالي والغرور والريا، فبعض الناس (هداهم الله)، يتفاخرون بما يقدمونه من العطاء وبالأخص في أيامنا المعاصرة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن بعض المجتمعات أصبح موضوع (الإحسان) فيها ظاهرة من مظاهر (الإتكيت)، فكل فرد أو أسرة أو فئة من الناس تحرص على أن تُظهر للأخرين حجم وقيمة العطاء الذي تقدمه من خلال التصوير مع الفقراء والمساكين ونشرها عبر الوسائل المتاحة. وهذا التصرف (الغير أخلاقي) يتسبب في الكثير من الألم للفقراء والمساكين الذين يأخذون الصداقات، قال تعالى:{قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }، وعلى الإنسان أن يتبعد في أعماله التطوعية عن الإشهار والشهرة والريا، وإنما ينبغي عليه أن ينطلق بمنظور أوسع، وهدف أعظم من مجرد رغبته الحصول على إشادة الناس ومدحهم له نظير احسانه للأخرين. ولنا في نبي الله موسى علسه الصلاة والسلام المثل الأعلى، فعندما شاهد بنات سيدينا شعيب لا تسقي حتى يسقي الرعاة، ذهب لمساعدتهن، ثم (تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ)، ولم يسألهن أجراً، أو أراد مدحا أو ثناء من أحد، رغم ما يعانية في تلك اللحظة من تنكيد وتهجير ومطاردة من قومه الذين يحاولون قتله. وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ الله يوم الْقِيَامَةِ في ظِلِّهِ يوم لَا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ) وذكر منهم: (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حتى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ)، وهكذا علينا أن نكون دائما وأبدا، نعطي بلا مقابل، ولا نسعى إلى إظهار ما نقدمه للناس من إحسان، وأن نبتغي في هذا العطاء طاعة الله والتقرب إليه وهو القائل:{وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون }. إعداد/ فاطمة بنت أحمد بن خميس المنجية المراجع: 1.القرآن الكريم. 2.الحديث الشريف.
*”فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ” (24) سورة القصص