الكاتب: بدر بن سالم العبري
بعد نجاح الرّحلة القميّة – أي إلى قم في إيران – في 21 فبراير 2017م قررنا نقل التّجربة إلى منطقة أخرى لتحقيق مبدأ التّعايش بعيدا عن الجو الرّسميّ المليء بالمجاملات، ولتحقيق دائرة التّعايش والحوار من داخل الدّائرة الثّقافيّة ذاتها، وتواصلنا مع العديد من الأخوة في أكثر من جهة فجاء التّرحيب بالفكرة، وهنا وصلتنا دعوة كريمة من الأستاذ أبي عمار نبيل المسقطيّ من الكويت نيابة عن ديوانيّة تجمع الميثاق الوطنيّ
والأستاذ أبو نبيل شاركنا في رحلة قم، وهو من الطّائفة الإماميّة، وصاحب خلق كبير جدا، وصاحب نكتة ومزحة، لا يكف عن المزح في الطّريق والسّيارة والسّوق والمطعم، ويسعفه لذلك حفظه لحكايات وقصص كثيرة مضحكة، خاصة في مجالس المتدينين لخلطته بهم، وهو يقرب لسماحة العلامة كمال الحيدريّ، وبينهما رحم عن طريق أمّه، وأصله عمانيّ، إلا أنّه عاش بالكويت مع أهله وأبيه، ولا زال أكثر أرحامه بعمان، وسمى شركته باسم الكويت وعمان، وخاله الأستاذ كمال اللّواتيّ من عمان، والأخير لا يقلّ عنه خلقا وكرما وجودا، والاثنان يحملان عقليّة منفتحة على الآخر، ولهما غاية في تحقيق التّعايش بين الجميع، والانفتاح على الحضارة والعلم والمعرفة، ولهما شهرة كبيرة عند العديد من الرّموز الدّينيّة الشّيعيّة في لبنان والعراق وإيران والكويت والقطيف والبحرين وعمان، ومن خلال خبرتي بهما وصحبتي معهما شهادة لله تعالى أنّهما يحملان إرادة صادقة في توسيع دائرة التّعايش بين المدارس الإسلاميّة، وينفقان في ذلك ويبذلان مالهما ووقتهما.
عموما بالتّشاور مع الأستاذ إبراهيم بن أحمد الصّلتيّ من عمان، وهو رجل فاضل معنا في لجنة الفكر، وداعم كبير لنا في القناة اليوتيوبيّة، وصاحب قراءة ومعرفة، حيث قررنا الذّهاب أواخر مارس، إلا أنّه بسبب ظروف الأستاذ أبي عمار تأخرت الرّحلة إلى شهر مايو.
عموما وضعنا الجدول على هذا التّأريخ، وقرر مشاركتنا الأستاذ خميس بن راشد العدويّ، والطّالب من الكليّة التّقنيّة يونس بن محمد الحبسيّ، وهو شاب هادئ خلوق قليل الكلام كثير التّأمل، ثمّ لاحقا قرر أن يلتحق معنا الطّالب مهديّ عياشيّ، وهو يحمل الجنسيّة الفرنسيّة، ويدرس في عمان، وبدأ دراسة العربيّة عندنا، حيث لا يعرف العربيّة، فأبوه أصله من الصّحراء الجزائريّة، وهاجر إلى فرنسا منذ السّبعينات من القرن العشرين، وأمّه فرنسيّة، وكانوا يتحدثون الفرنسيّة، لذا هو يتحدث الفرنسيّة كلغة أم والإنجليزيّة بإتقان، وهنا عندما كان طالبا بإحدى الجامعات الفرنسيّة في باريس تخصص العلوم الاجتماعيّة اقترح عليه دراسة العقلانيّة في عمان، حيث أنّ أحد الباحثين والعلماء الفرنسيين سمع تداول هذه اللّفظة أثناء زيارته لعمان تقرييا عام 2009م، ولهذا أرسل مهديّ إلى عمان في مرحلة الماجستير حيث كانت رسالته عن العقلانيّة الإباضيّة في عمان، وفي الوقت نفسه يدرس اللّغة العربيّة، ولما أتمّ الماجستير قرر مواصلة دراسته في الدّكتوراه في عمان بحيث يدرس الحالة الثّقافيّة يشكل عام، ومهدي رجل اتصلت به منذ البداية، وهو رجل فاضل، وصاحب خلق كبير، يحب عمان وأهلها، وصحح لي الكثير من المعلومات الخاطئة في أذهاننا عن الحياة الأوربيّة والفرنسيّة خصوصا، وقرر أن يسافر معنا باللّباس العمانيّ.
كذلك قرر أن يأتي معنا الأستاذ أحمد بن مبارك النّوفليّ، والأستاذان العدويّ والنّوفليّ غنيان عن التّعريف، وذهابهما معنا مكسب؛ لأنّهما يحملان مشعل التّنوير والتّعايش عن إيمان وقناعة وتضحيّة لا عن رسميات ومجاملات.
عموما كان السّفر يوم الثّلاثاء 8 مايو 2018م، وهنا انطلقتُ بسيارتي إلى المطار ومعي الأستاذ أحمد النّوفليّ والفاضل سالمين الجابريّ تنزانيّ الجنسيّة يعمل كقائم في جامع الدّعوة بالموالح الجنوبيّة، حيث يرجع سيارتي بعدها إلى البيت.
عموما وصلنا المطار قرب الثّانية عشر ظهرا، وهنا وجدنا يونس الحبسيّ سبقنا، ثمّ التحق بنا إبراهيم الصّلتيّ والأستاذ خميس العدويّ وأخيرا الأستاذ كمال اللّواتيّ.
وهذه أول مرة نسافر على مطار مسقط الدّوليّ الجديد، حيث افتتح في 20 مارس 2018م، وهو قريب من المطار القديم الّذي افتتح عام 1974م، إذ يقع في ولاية السّيب بمحافظة مسقط، والمطار الجديد تحفة معماريّة كبيرة، ومنظم وواسع بشكل كبير جدا، وقمّة الجمال والنّظافة، ويتسع حسب التّصريحات لعشرين مليون مسافر سنويا، وعلى العموم لا زالت المراحل الأخرى قيد الإنشاء، ونأمل أن يحقق استثمارا كبيرا بالبلد، ويساعد على ذلك، فعمان تستحق ذلك، والنّظرة الاستثماريّة مهمة، خاصة أنّ عمان واجهة في الخليج العربيّ والمحيط الهنديّ، وذات استقرار داخلي وخارجيّ، وهذا يساعدها كثيرا على تحقيق ذلك إذا ما استغلت عقول وطاقات الشّباب العمانيّ.
عموما ذهبنا إلى الكاونتر إلا أننا تأخرنا قليلا لسببين: الأول أنّ ثلاثة أشخاص مكتوبون في تذكرة واحدة وهم العبد الفقير والصّلتيّ وكمال، حيث أنا سبقتهم في الكاونتر والاثنان في الكاونتر الآخر، ثمّ إنّ إبراهيم حمل معه الموسوعة العمانيّة في حقيبته وكانت ذات ثقل كبير، والطّيران العمانيّ لا يقبل أنّ تزيد الحقيبة الواحدة عن ثلاثين كيلو، ولعلّه رحمة بالعمال الّذين يحملون الحقائب، ولضمان سلامة الجميع، لهذا اضطر أن يفتح حقيبته، ويوزع الحقائب بين الجميع، ثمّ أنّ هناك سبب ثالث أنّ آلة الطّباعة على الكاونتر الّذي كنت فيه توقف عن الطباعة عندما جاء دور مهديّ عياشيّ من بعدي، وهذا أحدث خللا وتأخرا.
عموما تمّ الأمر بعد تأخير والحمد لله تعالى، ثمّ ذهبنا إلى البوابة رقم Y6، وقبل أن نصل صلينا الظّهر والعصر، بالنّسبة لي ولكمال والصّلتيّ والحبسيّ صليناها أربعا أربعا لأننا في الوطن، أمّا البقيّة فركعتين ركعتين لأنّهم مسافرون، وبعدها وصلنا إلى القاعة، وجلسنا فترة بسيطة حتى جاء الثّانية والرّبع ظهرا ففتحت البوابة إلى الطّائرة، وكان أغلب من كان معنا هنود، حيث مروا مسقط ترانزيت، والقليل جدا من العمانيين، وهنا استخدمنا أول مرة الخرطوم في مطار مسقط فقد تعودنا على الحافلات في المطار السّابق، وفي الطّائرة جاء أحد المضيفين فسلّم على النّوفليّ بحرارة ويعرفه، وقال لي أنت لست غريبا عني، فهو متابع للكتابات في وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وبهذا انطلقنا إلى دولة الكويت كما سنراه في الحلقة المقبلة بإذن الله تعالى.