بقلم: فاطمة بنت أحمد بن خميس المنجية**
(1-30) مواقيت للناس
اتخذت الكثير من شعوب الأرض القمر ألهاً يعبدونه، ويتضح ذلك جليا من خلال الآثار والرسومات التي تم اكتشافها لبعض الحضارات والأمم ومنها: الفينيقية والكنعانية والسومرية، والبابلية، و(كان العرب في جنوب الجزيرة العربية يعبدون ثالوثاً هو: الإله القمر والإلهة الشمس والابن عشتار، وكان الإله الأكبر في هذا الثالوث هو الإله القمر، وكان الناس يعتبرون في كل الأنحاء أنفسهم ذريته) ، وحتى المسلمين اليوم تجمعهم علاقة وثيقة بالقمر، فالسنة الهجرية تبدا برؤية القمر، والأشهر جميعها تبدا بذات الطريقة، كما يتم تحديد (الصوم، والحج، وأيام الأعياد الفطر والأضحى) عن طريق رؤية الهلال، وكثير من الدول الإسلامية تضع (الهلال) شعارا لها في أعلامها كما يرفع المسلمين الهلال على منارات مساجدهم، وجاء ذكر القمر في القرآن الكريم أكثر من (50) مرة، وفي السنة النبوية أكثر من (2000) مرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الأن: ( هل المسلمين اليوم أيضا يمارسون عبادة غير مباشرة للقمر؟)، وللإجابة على السؤال علينا العودة إلى الطريقة التي يستخدمها غير المسلمين في تعاملهم مع القمر وبالأخص تلك الشعوب التي اتخذت من القمر ألهاً يعبدونه، نجدهم يعظمون القمر وينزلونه منزلة الآله، وقد صنعوا له التماثيل واقاموا له الطقوس الدينية، وجعلوه في منزلة الخالق-تعالى الله عن ذلك-، بينما الإسلام نهى عن كل هذه الممارسات، من خلال الكثير من آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وما القمر عند المسلمين؛ إلا وسيلة سخرها الله لهم، قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .
والإسلام لا يدعونا إلى تقديس القمر، بل يحثنا على أن نتفكر ونتدبر ونستفيد منه في حياتنا اليومية، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} .
وإذا كان بعض المسلمين يؤمنون ببعض المعتقدات عن القمر، وبالأخص خلال فترة “خسوف القمر”، فلا يعني هذا أن الإسلام يأمر بذلك، (فهذه المفاهيم لا تمثل إلا أصحابها ونظرتهم القاصرة وجهلهم الذي يؤدي إلى فهمٍ مغلوط للمعاني والمقاصد التي جاءت الشريعة الإسلاميّة لتحقيقها وبيانها، فقد جلى الإسلام بنظرته الشمولية ومنهجه الكامل كثيراً من تلك المفاهيم التي كثر حولها اللغظ والجدل)
والهدف من كتابتي لهذه السلسلة من المقالات، هي تلك الكتابات التي ينشرها بعض المتعصبين ضد الإسلام والمسلمين، وللأسف الشيد أن بعضها يجد القَبول من بعش المسلمين وبالأخص فئة الشباب، وقد يعود السبب إلى من يتبنى نشر مثل هذه المغالطات من اصحاب الشهادات العُليا، وعبر المراكز التي تدعي نشر الثقافة والفِكر، فقد تم ترجمة كتاب بعنوان: (الصورة الشائعة للعرب والمسلمين في الثقافة الشعبية الامريكية، وهو تقرير من تأليف البروفيسور/جاك شاهين، المحاضر في معظم الجامعات الامريكية ومؤلف مئات الكُتب في هذا المجال، وقد نشر التقرير عبر “مركز التفاهم الاسلامي المسيحي” بجامعة “جورج تاون” في واشنطن، وفيه أببشع صورة يمكن أن نراها لا نفسنا في عيون ومرايا الآخرين) ، حيث يستدل أمثال هؤلا بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، يحرفونها ويفسرونها حسب أهوائهم، لتحقيق مآربهم وعلينا أن نثقف أنفسنا، وأن ننشر الحقيقة التي ينبغي أن نصدقها ونؤمن بها نحن قبل أن ندعوا الأخرين لذلك.
ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك لهذا العام، علينا أن نتعمق قليلا في ما سخره الله لنا من كواكب ونجوم لنهتدي بها إلى معرفة الله والتقرب إليه بشكل أكثر من أي وقت مضى، فكلما تزود الإنسان من المعرفة الحقيقة الغير محرفة، كلما زاد إيمانه بالله، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} .
المراجع:
1.القرآن الكريم.
2.دائرة المعارف البريطانية، ج 1، ص 1075.
3.طلال مشعل، مفاهيم خاطئة عن الإسلام، صيد الفوائد، 14ديسمبر2016م.
4.عادل حمودة، هل يعبد المسلمون.. القمر، البيان الإماراتية، 10أكتوبر1998م.
*هذه سلسلة مقالات عبارة عن تجميع لبعض المعلومات من مختلف الكتب، والمجلات، والصحف، والدوريات، والمواقع الإلكترونية الموثوقة، والتي يتم إدراجها مع كل مقال، بغرض إثراء المحتوى الإلكتروني بمواضيع ذات قيمة وإيجابية.
** ناشطة إلكترونية، مهندسة، ونشطة في مجال الإعلام، وبالأخص في “مواقع التواصل الاجتماعي” .