طالب بن سيف الضباري
dhabari88@hotmail.com
يُمثّل العشرينُ من نوفمبر عام 1744، أي قبل 281 عام، وهو بداية حكم البوسعيديين، مرحلةً جديدة من مراحل تاريخ سلطنة عُمان، الذي يمتد إلى حوالي 3 آلاف عام، ذلك أن هذه المرحلة التي اقتضت الإرادةُ السامية أن يُحتفى بها في كل عام، لها العديد من الدلالات والأبعاد سواء كانت تاريخية لطول فترة حكمها حتى الآن واستعادة الأمن والاستقرار، أو سياسية من خلال تثبيت الشرعية، أو حضارية وثقافية تُنقل للأجيال المتعاقبة: كيف كانت دولتهم؟ والآن أين وصلت؟
وإذا كانت هذه الدولة قد مرّت قرابة الثلاثة قرون بالعديد من المحطات والاضطرابات والتغيرات السياسية والنزاعات الداخلية، وكذلك التدخلات الخارجية، إلا أنها استطاعت، وبتوفيق من الله، لقادتها العظماء أن تتخطّى ذلك بإصرار وعزيمة وإرادة صلبة وقوية، وأن تشهد مرحلة جديدة وحديثة منذ عام 1970 بعيد تولّي الحكم المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيّب الله ثراه، حيث كانت النقلة النوعية لتاريخ حديث يواكب التطور الذي بات يشهده العالم من حولنا، والذي يرتكز على التعليم والمعرفة، لذا كان التعليم أوّل بند على خارطة سلطنة عُمان الحديثة، ثم الصحة والخدمات الأخرى من كهرباء واتصالات وطرق وتشكيل فرق عمل لتنمية القرى والولايات.
ولمّا كان الإيقاع سريعًا هدفه تعويض شعب عانى لسنواتٍ الحرمانَ مما لدى البعض من تنمية، فإن الخمسة عقود الأخيرة من عهد هذه الدولة وفق المعطيات الحديثة شهدت تحقيق إنجازاتٍ اقتحمت بها مراحل زمنية بوتيرة متسارعة من أجل الارتقاء بالوطن والمواطن، وذلك بطبيعة الحال لا يُدركه إلا من قُدّر له أن يعيش نهاية عصر شاق وبداية عصر مشرق، جعل من الإنسان العُماني أيقونة عالمية تُقدّر وتُحترم، وقيادة مرجعية لمعالجة ملفات إقليمية ودولية شائكة. ذلك الإرث التاريخي والحضاري لهذه الدولة العريقة لا شك ارتكزت عليه لانطلاقة مستمرة ومسيرة شاملة تجددت في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، برؤية صيغت بمشاركة وطنية شاملة تستهدف تحقيق العديد من المرتكزات على مدى العشرين عامًا القادمة، تُحافظ وتُطور ما تحقق من منجز، وتعمل على الانتقال إلى مرحلة جديدة من البناء والإنجاز في كافة القطاعات.
النهضة المتجددة، على الرغم من حجم التحديات التي واجهتها خلال الخمس سنوات الماضية، إلا أنه وبمشاركة وطنية في تحمّل تبعات تخطي تلك التحديات، بدأت تسجل تحسنًا واضحًا في العديد من المؤشرات، خاصة الاقتصادية منها والاستثمارية، والتوسع اللحظي في البنى الأساسية وحراك المحافظات، فضلًا عن الجدية في البحث عن إيجاد حلول مستدامة لعدد من القضايا المرتبطة بالمحافظة على استمرار أمن واستقرار المجتمع، الذي ظل متماسكًا ولا يزال وسيستمر في ظل حكم الدولة البوسعيدية. لذا فإن الاحتفال بيومٍ أُسّس لتكون عُمان اليوم والغد والمستقبل، يمثل رسالة تحمل في طياتها قوة نظام وتماسك شعب، ورؤية للمستقبل مبنية على مواكبة التغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات، وأبرزها اللوجستيات والاتصالات وتقنية المعلومات.
