إبراهيم المنسي – مملكة البحرين
Fadhoo1@live.com
في مقهى صغير عند زاوية السوق، جلس وحيدًا أمام طاولةٍ خشبية، أمامه دفترٌ مفتوح وكوب شاي بارد. أوراق الدفتر بدت مثل سفنٍ ورقية أغرقها المطر. كان يحاول أن يكتب حلمًا بسيطًا: أن يعود إلى بيتٍ لم يغادره، أن يجد يدًا تسنده، أن يستعيد طريقًا ضاع منه. لكن كلما خطّ جملة، سال الحبر وتحوّل إلى بقعة.
اقتربت النادلة، وضعت منشفة على الطاولة وقالت: «ألا تملّ من الكتابة التي لا تُقرأ؟» رفع رأسه، ابتسم بإرهاق: «أنا لا أكتب لأُقرأ… أكتب كي لا أغرق.» ثم أشار إلى بقع الحبر: «كل بقعة هنا هي قارب فشل، لكنها أيضًا دليل أنني ما زلت أتنفّس.»
صمتت قليلًا، ثم تركته. عاد إلى أوراقه. كتب هذه المرة ببطء: «الحلم ليس ما يتحقق… الحلم ما يصرّ على البقاء حتى وهو يتفتّت.» مسح بقعة ماء بيده، ثم رسم فوقها خطًّا يشبه الموج. ابتسم لنفسه: «حتى الورق المبلّل يعرف كيف يصير بحرًا.»
حين نهض ليدفع الحساب، لمح في الزجاج انعكاسه. بدا كأنه رجل خرج للتو من غرقٍ طويل، لكنه ما زال قادرًا أن يكتب اسمه على سطح الماء.