أحمد بن حسن بن إبراهيم البحراني
محامٍ ومستشار قانوني
في ظل ما يشهده العالم من تحديات أمنية واقتصادية متسارعة، بات من الضروري تسليط الضوء على بعض الجرائم التي تهدد أمن واستقرار المجتمع، ومنها جريمة دخول أراضي الدولة خلسة (التسلل)، التي تتكرر بأشكال متعددة وتمثل خطرًا حقيقيًا على السيادة الوطنية والنظام العام.
واقعة حديثة في ولاية السيب
في 17 سبتمبر 2025، أعلنت الجهات المختصة بولاية السيب عن إلقاء القبض على خمسة أشخاص، بينهم أربعة متسللين من جنسية أفريقية دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة، إضافة إلى شخص خامس من جنسية آسيوية قام بتسهيل دخولهم ونقلهم في مركبته. هذه الواقعة تسلط الضوء مجددًا على أهمية تطبيق القانون بحزم تجاه كل من يعبث بأمن الدولة وحدودها.
الإطار القانوني لجريمة التسلل
وفقًا للمادة (41) من قانون إقامة الأجانب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 16/95، فإن كل أجنبي يدخل أراضي السلطنة خلسة أو بالمخالفة لأحكام المواد (5) و(6) يُعاقب بما يلي:
-
السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات،
-
وغرامة لا تقل عن 100 ريال ولا تزيد على 500 ريال،
-
أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتنص المادتان (5) و(6) على ضرورة حمل جواز سفر أو وثيقة رسمية، والحصول على تأشيرة دخول، والدخول عبر المنافذ المحددة وبإذن رسمي.
دور الشريك في الجريمة: مسؤولية لا تقل خطورة
من الجوانب القانونية المهمة في هذه القضية الدور الذي لعبه الشخص الخامس – الآسيوي الجنسية – الذي قام بنقل المتسللين بسيارته. وهنا يبرز تطبيق أحكام المساهمة الجزائية كما وردت في قانون الجزاء العُماني، وتحديدًا في المواد (37 إلى 43).
فوفق المادة (37)، يُعد فاعلًا في الجريمة كل من ساهم في تنفيذ أحد أفعالها المكوّنة، وهو ما ينطبق على المتهم الخامس إذا ثبت علمه بطبيعة أفعال المتسللين.
أما المادة (38) فتُعدّه شريكًا إن كان دوره يقتصر على تسهيل أو تحريض أو تقديم وسيلة لتنفيذ الجريمة، ويعاقب وفق المادة (39) بعقوبة الفاعل إذا كان دوره حاسمًا في وقوع الجريمة، أو بما يصل إلى نصف العقوبة في الحالات الأخرى.
أهمية التوعية القانونية
جريمة التسلل لا تقتصر على كونها مخالفة لقواعد الدخول والإقامة، بل تتعدى ذلك لتصبح تهديدًا مباشرًا لأمن الدولة، وقد تُستغل لتهريب البشر أو ارتكاب جرائم منظمة. ومن هنا تأتي أهمية التوعية، سواء للأفراد أو للمقيمين، بخطورة المساهمة – عن قصد أو غير قصد – في مثل هذه الجرائم.
يجب أن يدرك كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة أن تسهيل دخول المتسللين أو نقلهم يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، وقد تترتب عليها مسؤوليات جسيمة لا يمكن التهاون بها.
كلمة أخيرة
إن تطبيق القوانين بحزم، إلى جانب رفع مستوى الوعي القانوني لدى المجتمع، هما الركيزتان الأساسيتان لحماية الوطن من هذه الجرائم العابرة للحدود. وعلى كل فرد أن يكون شريكًا في الحفاظ على أمن البلاد لا مهددًا له، وأن يدرك أن السكوت أو التعاون مع المخالفين يُعد جرمًا لا يقل عن الفعل الأصلي ذاته.
حفظ الله عُمان آمنة مطمئنة تحت ظل قيادتها الحكيمة.