حمود بن علي الطوقي
منذ تأسيسها في عام 2004، سعت جمعية الصحفيين العمانية إلى أن تكون مظلة حقيقية للصحفيين والإعلاميين في السلطنة، وأن تواكب متطلبات أبجديات العمل الصحفي والإعلامي المتسارع. وعلى مدار عقدين من الزمن، أثبتت الجمعية حضورها كواحدة من الجمعيات النشطة التي نجحت في ترجمة أهدافها إلى واقع ملموس انعكس إيجابًا على مسيرة الصحافة العُمانية بشكل خاص، وعلى الحراك الإعلامي في البلاد بشكل عام.
اليوم، تضم الجمعية في عضويتها عددًا كبيرًا من الصحفيين والإعلاميين، وهو ما يفرض تحديًا جديدًا يتمثل في الحاجة إلى رؤية أكثر وضوحًا للمرحلة القادمة، رؤية تستجيب للتطلعات الوطنية وتواكب التطور المتسارع الذي يشهده القطاع الإعلامي عالميًا، في ظل الثورة الرقمية وإنترنت الأشياء وبروز منافسين جدد استطاعوا اقتحام المشهد الإعلامي عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ومع تنظيم محافظة ظفار للملتقى الإعلامي، تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي ال سعيد الموقر محافظ ظفار وحضور أعضاء من جمعية الصحافين الخليجين يجد الصحفيون العُمانيون أنفسهم أمام فرصة ثمينة للتباحث والتشاور حول مستقبل المهنة. فالملتقى لا يمثل مجرد تجمع مهني، بل يشكل مساحة لتبادل الخبرات واستشراف آفاق جديدة تعزز من مكانة الصحافة العُمانية وتمنحها أدوات قادرة على المنافسة.
إن التحدي الأبرز أمام جمعية الصحفيين العمانية في تقديرينا. اليوم هو رسم خارطة طريق متكاملة تحفظ للإرث الصحفي العُماني مكانته في إطار ما يُعرف بالصحافة التقليدية، وفي الوقت نفسه تعمل على تأهيل الصحفيين وتوعيتهم لاستخدام الأدوات الحديثة في الممارسات الصحفية، بما يضمن الاستفادة المثلى من معطيات الإعلام الجديد دون التفريط بجوهر المهنة وقيمها الأصيلة.
فالصحافة – باعتبارها “بلاط صاحبة الجلالة” – لا يمكن أن تفقد بريقها ومصداقيتها أمام موجات التغيير، إذا ما تمسكت بجوهر رسالتها واستفادت بذكاء من التطورات التكنولوجية. والجمعية اليوم أمام اختبار حقيقي لقيادة دفة التطوير، وتعزيز قدرات الصحفي العماني ليبقى صوته فاعلًا ومؤثرًا في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتنوع فيه مصادر المعلومة.
وقبل ان اختم هذا المقال أتمنى أن يخرج أعمال هذا الملتقى بتوصيات هادفة نحو توجيه البوصلة إلى مستقبل اكثر اشراقا لرسالتنا الصحفية والإعلامية
وبهدف تعزيز دورها الريادي، ومن منطلق خبرتي الصحفية والإعلامية اسدي بهذه المقترحات لجمعيّتها الصحفية كلاتي
١- يمكن لجمعية الصحفيين العمانية أن تتبنى مشروعًا استراتيجيًا يشمل شراكات فعّالة مع الجهات الحكومية لتكون الجمعية جهة مرجعية يُستشار رأيها في توظيف الشباب العماني من الجنسين، مع توفير البرامج التدريبية اللازمة لإعدادهم لدخول سوق العمل الإعلامي بكفاءة
٢- كما يمكن أن تشارك الجمعية في منح التراخيص للمواقع الإخبارية والمنتديات والمنصات الرقمية، بما يجعلها شريكًا فاعلًا يضمن الحفاظ على جودة الإعلام العماني ومصداقيته، مستندة في ذلك إلى الدعم السامي لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله.
٣- وفي الوقت نفسه، يجب على الجمعية التمسك بالقيم الصحفية الأصيلة، مستلهمة مقولة صاحب الجلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – حين قال: “نريد لصحافتنا وإعلامنا أن يكون رسول سلام”، مع العمل على ترجمة أهداف رؤية عمان 2040 الإعلامية بشكل عملي، بما يعكس النهضة المتجددة ويجعل الصحفيين والإعلاميين شركاء فعليين في بناء مستقبل إعلامي وطني متطور ومستدام.
بهذه الخطوات، تظل جمعية الصحفيين العمانية نموذجًا يحتذى به في مهنية الإعلام وصون إرثه، مع التأقلم الذكي مع متطلبات العصر الرقمي، ليظل “بلاط صاحبة الجلالة” منارة للحق والمصداقية والتأثير الإيجابي.