إعداد: المحامي أحمد بن حسن البحراني
مقدمة:
في ظل ما يشهده المجتمع من تطور تقني وتغيرات اجتماعية متسارعة، برزت الحاجة إلى تعزيز حماية الفئات الأضعف في المجتمع، وفي مقدمتها المرأة، التي أصبحت تتعرض لأشكال متعددة من الأذى الجسدي والمعنوي، سواء في الواقع أو في الفضاء الرقمي. وبينما يطالب البعض، لا سيما من التيارات النسوية، بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، فإن القراءة المتأنية للنصوص التشريعية العمانية، وخصوصًا قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 12/2011، تكشف أن المرأة تحظى بحماية قانونية خاصة، تنبع من طبيعتها الاجتماعية والبيولوجية، وليس من منطلق التمييز السلبي.
أولاً: الحماية الجنائية للمرأة في قانون الجزاء العماني
أقر المشرع العماني حماية جنائية صريحة للمرأة في عدد من النصوص، ومن أبرزها:
1. المادة (266) من قانون الجزاء العماني: يعاقب بالسجن والغرامة أو بإحدى العقوبتين كل ذكر يتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها، سواء بالقول أو الفعل، أو يتطفل عليها في خلوتها، أو يتنكر في زي امرأة ليدخل مكانًا خاصًا بالنساء، أو يظهر علنًا بمظهر النساء.
2. المادة (268): تُجرّم استخدام الوسائط الإلكترونية لنقل محتوى خادش للحياء، وهو ما يندرج ضمن حماية المرأة من التحرش الرقمي.
3. المواد (257-260): تنص على عقوبات مشددة في حال ارتكاب جريمة مواقعة أو هتك عرض ضد أنثى، وتصل العقوبة إلى الإعدام إذا ارتكبت الجريمة بين المحارم أو ترتب عليها وفاة الضحية.
ثانيًا: الحماية الرقمية للمرأة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
وفر هذا القانون مظلة قانونية تفاعلية لحماية الأفراد، خاصة النساء، من الجرائم التي تقع عبر الفضاء الإلكتروني، ومن أبرز مظاهر هذه الحماية:
1. المادة (17): تُجرّم إنشاء أو نشر أو إرسال محتوى إباحي أو خادش للحياء باستخدام وسائل تقنية.
2. المادة (18): تعاقب من يستخدم الشبكة المعلوماتية في التعدي على حرمة الحياة الخاصة، كالقيام بتصوير النساء أو تسجيل أصواتهن دون إذن، أو نشر ذلك.
3. المادة (19): تشدد العقوبة إذا كانت الضحية أنثى أو قاصرًا.
ثالثًا: الفلسفة التشريعية في الحماية الخاصة للمرأة
إن منح المرأة حماية قانونية خاصة لا يُعد تمييزًا، بل هو استجابة لحقيقة واقعية مفادها أن المرأة غالبًا ما تكون الطرف الأضعف في الجرائم التي تمس العرض أو الحياء أو السمعة. والمشرع العماني، من خلال هذه النصوص، لم ينتقص من مكانة المرأة، بل عزز من كرامتها وصان حرمتها، بما يتماشى مع قيم المجتمع وثقافته.
خاتمة:
تؤكد القراءة التحليلية للنصوص الجزائية والتنظيمية في سلطنة عمان أن حماية المرأة لم تكن مسألة هامشية أو شكلية، بل هي حماية حقيقية، قائمة على أسس تشريعية راسخة. ومن ثم، فإن الدعوة للمساواة المطلقة يجب أن تُقرأ ضمن هذا السياق، بحيث لا تُستخدم لتهميش أو إلغاء هذه الحماية التي تمثل جوهر العدالة الاجتماعية.