طهران- شؤون عمانية
قال المحللّ السياسي الإيراني محمد صالح صدقيان، في حديثٍ لـ«شؤون عُمانيّة»، إنّ الحديث الدائر حاليًّا عن وقفٍ لإطلاق النار بين الكيان الإسرائيليّ المعتدي والجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة يستدعي طرح سؤالٍ جوهريّ: ماذا حقّق كلٌّ من الطرفين من هذه الحرب؟ وهل تمكّن الكيان الإسرائيلي من بلوغ أهدافه الثلاثة المعلَنة، أم أخفق فيها؟ وهل واجهت إيران العدوان بقوّة أم أظهرت ضعفًا؟
يُذكِّر صدقيان بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عندما بدأ هجومه يوم 13 يونيو، أعلن ثلاثة أهداف رئيسة: تدمير القدرات النوويّة الإيرانيّة، وتدمير المنظومة الصاروخيّة الباليستيّة، وتغيير النظام السياسي بضرب قيادته. وبعد أحد عشر يومًا من القتال (من 13 إلى 24 يونيو)، يتّضح أنّ أيًّا من تلك الأهداف لم يتحقّق:
-تغيير النظام: راهن نتنياهو على أن يؤدّي ضرب القادة العسكريين إلى انهيار بنية الحكم، وأن يخرج الجيش الإيراني إلى الشوارع مهلِّلًا له. لكنّ الواقع أظهر تماسكًا شعبيًّا وسياسيًّا غير مسبوق؛ حتى شرائح كانت متضرّرة أو مهمَّشة شاركت في الدفاع عن وحدة الوطن وسيادته.
-القدرات النوويّة: المنشآت التي بُنيت بعقول إيرانيّة خالصة يمكن إعادة تأهيلها مهما كانت الأضرار؛ فالمعرفة لا تُقصف بالصواريخ. وبحسب صدقيان، «لو كانت طهران مستعدّة للتخلّي عنها لما تَعرَّضت لهذا العدوان أصلًا، بل إنّ الهجوم عزّز إصرارها على تطوير برنامجها».
-المنظومة الصاروخيّة: تمسّكت بها إيران أكثر من أيّ وقتٍ مضى، ورسّخت بفضلها معادلة «توازن الرعب». فبرغم تفوّق إسرائيل الجوي، استطاعت الصواريخ الإيرانيّة أن تطال عمقها الاستراتيجي بدقّة. وللمرّة الأولى منذ 75 عامًا، تعرّضت مدنٌ مثل تلّ أبيب وحيفا لوابلٍ من الصواريخ الخارجيّة، وهو ما لم يحدث حتى في الحروب العربيّة–الإسرائيليّة السابقة.
وعن الخسائر التي تكبّدها الجانب الإيراني، يؤكّد صدقيان استشهاد ما بين عشرة إلى اثني عشر عالمًا نوويًّا، وسقوط نحو عشرين قائدًا عسكريًّا، بينهم ستّة من كبار ضبّاط الحرس الثوري ــ ومنهم قائد القوّة الجوّيّة-الفضائيّة. ومع ذلك، جرى ملء الفراغات في غضون يومٍ واحد، ولم يظهر أيّ ضعفٍ في أداء المؤسّسة العسكريّة خلال الردّ.
ويشير صدقيان إلى أنّ إيران، ردًّا على استهداف منشآتِها النوويّة، قصفت قاعدة «العديد» الأمريكيّة في قطر، مؤكّدًا أنّ طهران فرضت نفسها لاعبًا إقليميًّا لا يمكن تجاهله. كما كشف العدوان عن وجود اختراقات وخلايا نائمة مرتبطة بالموساد، «وهو ما يستدعي إعادة ضبطٍ أمني شاملة».
ويختم المحلّل الإيراني بالقول: «إيران ليست نظامًا كرتونيًّا ولا نمرًا من ورق. الضربة التي لا تقتل تقوّي، وقد خرجت طهران من هذه الحرب أقوى، وأكثر تماسكًا، ورقمًا صعبًا في معادلات المنطقة».