فاطمة بنت ناصر
“لقد أتممنا بنجاح كبير هجومنا على ثلاثة مواقع نووية في إيران، بما في ذلك فوردو، نطنز، وأصفهان… الآن هو وقت السلام!”
— دونالد ترامب / فجر الأحد الموافق 21 يونيو 2025
رسالة في قنوات التواصل يبعثها ترامب بنفسه معلنًا الانتهاء من الضربة الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية!.
هذا العالم يتغير بسرعة.. حرب تبدأ وتنتهي بمنشور إلكتروني، حرب تكاد تخلو من الأسرار، والناس أصبحوا على اطلاع حتى بحركات الطيران.
فرص إخفاء الحقيقة صعبة، لكن فرص الكذب والتضليل زادت أيضًا. ففي هذا الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال، هناك من يؤكد الضربة، وآخرون يشككون، في احتمالية قرصنة حساب ترامب واردة أيضًا! فالحرب الإلكترونية تقوم بالتوازي مع الحرب الواقعية.. وكل شيء معقول!
هل يخرج السلام من بطن الحرب؟!
لا يمكننا التكهن بما سيحصل في قادم الأيام، فهل تصعد طهران من هجماتها فتستهدف المصالح الأمريكية بالمنطقة؟ أم تكتفي بعدة غارات صاروخية لردّ الاعتبار، ثم تعود لطاولة المفاوضات؟
لكن المفاوضات هذه المرة ليست سوى شروط تُملَى، فالحلم النووي قد تبخّر في أقل من ساعة!
جهد سنين طويلة من العمل الإيراني المنهك قد ذهب الآن، فهل يجنحون إلى السلام أم يقاتلون حتى آخر رمق؟
إذا ما أخذنا بمقولة هنري كيسنجر: “في السياسة، لا يُشنّ الهجوم لإلحاق الهزيمة، بل لفرض شروط التفاوض”، فسوف نرى إيران على طاولة التفاوض بعد الصحوة من الصدمة.
“إننا نقتل لكي نصنع السلام… أليس هذا قمة التناقض؟” — إدوارد سعيد
كتب ترامب بعد الضربة الأمريكية: “الآن حان وقت السلام”،
فهل يتحقق السلام حقًا بعد هذه الضربة القاسية؟
لعل ترامب بمقولته هذه ظنّ أن إيران قد تتعامل مع الضربة كما تعاملت اليابان معها، وهذا محال!
فإيران قد ضحّت من أجل المشروع النووي براحة شعبها وظروف معيشته.
لكن ما هو مؤكد أن الشرق الأوسط بعد تاريخ ٢١ يونيو لن يكون كما قبله.
ماذا ستفعل دول الخليج الآن؟
هناك عدة خيارات معروفة:
1. الاصطفاف مع طرف ضد آخر، وهذا أسوأ الخيارات التي يمكن أن تتخذها أي دولة خليجية. فهي بذلك ستكون تحت الضغط والاستهداف الأمريكي لو اصطفت مع إيران، وفي حال وقوفها مع الولايات المتحدة فستُعدّ عدوًا لإيران، وهذا خطير، فقد تحرّك إيران ببساطة خلاياها النائمة فيها، أو تقوم بأعمال ضد القواعد العسكرية الأمريكية، وهذا مستبعَد خاصة بعد الضربة التي تلقتها.
أظن أن إيران الآن أكثر وعيًا بأن الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، نفسها التفاوضي قصير للغاية، ولا تملك صبر الدبلوماسية الإيرانية وطول نَفَسها في التفاوض.
2. السعي إلى التهدئة ولعب دور الوسيط، وإعلاء مصلحة المنطقة وسلامها على كل مصلحة أخرى.
دول الخليج كلها الآن في موقف صعب، ومواقفها وخطواتها القادمة قد تحمي المنطقة أو تقودها نحو الهاوية.
حمى الله وطننا وسائر الأوطان.