فايزه محمد
تمثل الزيارة الرسمية التي يقوم بها فخامة الرئيس مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سلطنة عمان، ومباحثاته مع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- دفعة قوية لعلاقات راسخة ضاربة في القدم بين حضارتين عريقتين.
وتتميز هذه العلاقات بالثبات والتوازن والحفاظ على المصالح المشتركة، ما يمثل صمام أمان للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
وتعود هذه العلاقات الراسخة إلى عصور ما قبل الإسلام حيث كانت السفن التجارية بمثابة سفراء بين الحضارتين، وكان هناك تعاون بين موانئ بلاد فارس والموانئ العمانية، ثم اتخذت هذه العلاقات شكلها الدبلوماسي المتميز في العصر الحديث خاصة مع تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 1979.
وكان الشق الاقتصادي في هذه العلاقات هو المعبر الحقيقي لإعلاء المصالح المشتركة وتحقيق ما تصبو إليه الشعوب من تقدم وازدهار، حيث تمثل إيران شريكا تجاريا واستثماريا مهما لسلطنة عمان، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي 512.1 مليون ريال عماني، علاوة على التبادل الاستثماري بين البلدين والذي يشمل قطاعات الطاقة والموانئ والنقل البحري.
كذلك تبرز متانة هذه العلاقات في الدور الذي تقوم به سلطنة عمان في تقريب وجهات النظر بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، إذ إن متانة العلاقات العمانية الإيرانية ومثلها بالطبع العلاقات الوطيدة مع الولايات المتحدة أهلت سلطنة عمان للقيام بدور الوسيط النزيه والموثوق به من قبل الطرفين، الأمر الذي أسفر عن التوصل للاتفاق النووي الموقع في عام 2015 والذي مثل انفراجة كبيرة في العلاقات الإيرانية الأمريكية، وانعكس إيجابا على الاستقرار في المنطقة وذلك قبل أن تنسحب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق، ثم يعاد التفاوض عليه عبر المحادثات التي تستضيفها وتتوسط فيها سلطنة عمان، وأسفرت عن تقدم ملموس في عدد من النقاط وفق تصريحات الطرفين.
ولعل متانة ورسوخ العلاقات العمانية الإيرانية سواء في الشق السياسي الذي يتجلى في التنسيق والتشاور المستمر في العديد من الملفات والقضايا التي تهم المنطقة، وأيضا في الشق الاقتصادي الذي يبرز من خلال التبادل المستمر للوفود التجارية التي تسعى إلى زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري واستكشاف المزيد من الفرص للتعاون بين الجانبين، يدفع نحو تطلع الشعبين الصديقين إلى توسيع نطاق هذا التعاون خاصة في التبادل الثقافي عبر الفعاليات المشتركة بين الجانبين، ليشكل هذا التبادل امتدادا للتواصل الحضاري التاريخي بين الجانبين، وأيضا تعميق التعاون ليشمل مجالات أخرى منها الرياضة التي تعد أحد سفراء السلام في العالم.
إن ما تتميز به العلاقات العمانية الإيرانية من تفاهم واحترام متبادل يعد نموذجا دبلوماسيا رائدا يستند إلى التاريخ المشترك والجوار الجغرافي بهدف وحيد وهو تحقيق السلام والازدهار.