شؤون عمانية- خاص
أكد الدكتور محمد صالح صدقيان، مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية -في تصريحات لـ”شؤون عمانية”- أن زيارة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى سلطنة عمان اليوم، تأتي في إطار العلاقات المتنامية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلطنة عمان، مشيرًا إلى أن هناك روابط تاريخية متينة تجمع بين البلدين، تمتد إلى أعماق التاريخ، حيث شهدت ضفتا الخليج تبادلًا تجاريًا وثقافيًا واقتصاديًا في مختلف المجالات، فيما تميزت العلاقات الحديثة بين الطرفين أيضًا بالثبات والاحترام المتبادل.
وأضاف صدقيان أن سلطنة عمان تحظى بمكانة خاصة في الذاكرة الإيرانية، وهناك إشادة واسعة من قبل الجهات الرسمية والاقتصادية والشعبية الإيرانية بالعلاقات الودية التي تربط إيران بعمان، مؤكدًا أن الزيارة الحالية للرئيس الإيراني يجب أن تُفهم في سياق هذا التاريخ الطويل من التعاون والصداقة بين الشعبين.
وأوضح أن زيارة بزشكيان تتمحور حول أبعاد عدة، يأتي في مقدمتها البعد الثنائي، حيث تهدف إلى تعميق العلاقات بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. ومن المتوقع أن تتخلل الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في قطاعات متنوعة تشمل الاقتصاد، والجمارك، والاستثمار، بين القطاعين الحكومي والخاص في كلا البلدين، ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون والشراكة.
وأشار صدقيان إلى أن هذه الزيارة تأتي في ظل المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، حيث تلعب سلطنة عمان دور الوسيط الرئيسي في هذه العملية، لافتًا إلى أن السلطنة تبنت هذا الدور من منطلق سياستها المتزنة والعقلانية، وقد استضافت حتى الآن خمس جولات من المفاوضات، بعضها في مسقط، وأخرى في سفارة عمان في العاصمة الإيطالية روما. وأشاد بدور معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية العماني، في تقريب وجهات النظر بين الجانبين الأمريكي والإيراني، مؤكدًا أن التوصل إلى اتفاق لا يخدم الطرفين فحسب، بل يشمل المنطقة والعالم بأسره.
وأضاف أن الدور العُماني في الوساطة يعكس نهجًا إيجابيًا قائمًا على الحوار والدبلوماسية الهادئة، مشيرًا إلى الإشادات التي تلقتها السلطنة من دول مجلس التعاون الخليجي، والأردن، ومصر، تقديرًا لاحتضانها المفاوضات رغم تعقيداتها، وإدارتها بحكمة وحنكة سياسية واضحة.
وأكد أن زيارة الرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان تؤكد على أهمية الاستقرار الإقليمي، وتسعى إلى توسيع العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح الدول الإسلامية، ويحدّ من التدخلات الأجنبية، ويعزز الأمن في المنطقة. كما تعكس هذه الزيارة رؤية الرئيس بزشكيان لتعزيز الشراكات الإقليمية، لا سيما مع دول الجوار مثل سلطنة عمان، التي تتميز علاقاتها مع إيران بأنها نموذج يُحتذى به في التفاهم الإقليمي.
واختتم الدكتور صدقيان تصريحه بالتأكيد على أن الزيارة تأتي في سياق ظروف إقليمية ودولية معقدة، تتضمن تطورات الملف النووي، والأوضاع في غزة واليمن. ونظرًا لما تتمتع به سلطنة عمان من علاقات متميزة مع الأطراف اليمنية ودورها الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، فإنها مؤهلة للعب دور ريادي في حل الأزمات الإقليمية. وأشار إلى وجود مشروع استراتيجي مشترك بين البلدين لنقل الغاز الإيراني إلى سلطنة عمان، متوقعًا أن يتم التطرق إليه خلال الزيارة، إلى جانب ملفات التعاون الاقتصادي الأخرى، بما يعكس الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين لتعزيز العلاقات وتطويرها بما يخدم مصالح الشعبين العماني والإيراني.
