محمد بن عيسى البلوشي/ كاتب اقصادي
أستأذن الوزير المتقاعد الأستاذ العزيز معالي الدكتور عبدالمنعم الحسني في اقتباس عبارته لتكون عنوان هذه المقالة، ففي “بيت الخنجي” كان لنا لقاء. فرمضان يعود بنا إلى هذه المرة ونحن في الحارات القديمة بمطرح ومسقط المليء بالتاريخ والقصص والحكايات والحنين، حيث تكون لهذه الأيام المباركة طعم أخر عندما تفطر في منازلها القديمة المفعمة بالذكريات.
قبل عامين من الان وفي شهر رمضان المبارك كنت بمعية أبي -رحمه الله- وأسكنه الفردوس الأعلى، في زيارة الى خليل بن عبدالله الخنجي، وحينها استقبلنا أبو عبدالله وكعادته بحفاوة الذكريات التي تجمع أبي الحاج عيسى بن باقول بن عيسى البلوشي بالوجيه الحاج عبدالله بن محمد بن عبدالله الخنجي رحمهم الله جميعا، وكأنني أرى المشهد يتكرر في كل زيارة إلى هذا المنزل العامر.
ومن المتتبع لبرنامج بيت الخنجي الرمضاني يجد انه يبدأ باستضافة أفراد العائلة الكبرى من كل الأعمار يتلوها دعوة أهالي حارة العرين ومن ثم أهالي حارة الشمال والجيدان وحارة الجبل وجبروه ومسقط القديمة كل هذا هو توجيه عملي لسكانها حول أهمية ترميم البيوت وإحيائها من جديد في حلةٍ جديدة من العمارة العمانية مع برامج رمضانيه تليق بالمكان والزمان وعلى رأس تلك الأنشطة مناسبة القرنقشوه التي تجتمع فيها أسرة الخنجي من كبارها الى أطفالها لمشاركة أهل الحي فرحتهم بهذه المناسبة السنوية في أنحاء عمان.
أعود الى شهر رمضان في الحارات القديمة، وأهمية ربط الأجيال الحديثة بتاريخ تلك الحارات واستحضار أهميتها عبر مختلف الأنشطة، سواء أكانت عبر برامج الإفطار الرمضاني أو الأنشطة الأخرى، فمن الضروري أن ينتبه أبناء هذا الجيل الى هذا الإرث العريق والخالد في الحارات والمدن القديمة، ويعملوا على المحافظة عليه واستدامته.
وهنا نؤكد على أهمية أن يفكر أهالي الحارات القديمة في إعادة ترميم منازلهم القديمة، وتكون أماكن لتجمعهم في المناسبات الرمضانية والأعياد وغيرها من المناسبات الاجتماعية، حيث تحتفظ تلك البيوت بعبقها التاريخي والحضاري في نفوس أبنائها ومن حولهم، وعليهم دور اجتماعي في ربط الأجيال اللاحقة بذلك التاريخ.
ربما ما قام به خليل الخنجي واخوته من جهد في ترميم منزل العائلة “بيت الخنجي” في ولاية مطرح بحلة العرين والتي كانت تسمى سابقاً بالعريانة هو نموذج يمكن أن يحتذى به في إعادة احياء تاريخ المنزل القديمة والمحافظة على هذا الإرث الحضاري والثقافي والتاريخي والإنساني الواقع في الحارات القديمة بطابعها التراثي القديم. ولربما هي مناسبة لأشير فيها إلى ما قام به الدكتور عبدالله البلوشي من ترميم منزله القديم الذي ورثه عن أبيه في حارة البلوش بولاية صور، بنفس الطابع الذي بني عليه المنزل لأول مرة؛ فالأبواب الصورية وباللون الأزرق والغرف الصغيرة ذات الألوان البيضاء والروزنة الصورية حاضرة بكافة تفاصيلها.
إن إحياء المناسبات في الحارات القديمة له طابع خاص لا يمكن وصفه، وعلينا جميعا أن نجدد الرباط الذي يجمعنا بتلك الحارات ومنازلها وبيوتها وتفاصيل أزقتها، وأعتقد بأن وجود لمسات إضافية مثل تبليط ازقة الحارات القديمة بحيث تحافظ على رونقها وجماليتها وتحافظ على اساساتها من التآكل وتوفير الخدمات البنى الأساسية التي تضمن انسيابية مسارات مياه الأمطار وتوفر المواقف والتشجير المناسب، وانارتها بشكل مناسب بالإضافة الى ضرورة مد شبكة الصرف الصحي سوف يسهم في عودة الأهالي إليها مرة أخرى، فلرمضان في الحارات القديمة ألق اخر وطعم مختلف.