خاص – شؤون عمانية
أتاحت منصات التواصل الاجتماعي للجميع سهولة النشر والحديث عن مختلف القضايا، إلا أن البعض وخاصة ممن يعيشون خارج الوطن، يستغلها في توجيه سهام النقد غير البناء للجهود والمنجزات الوطنية التي تتحقق على أرض الواقع، وقد يتطور الأمر للتحريض ضد هذه الجهود، الأمر الذي قد يخلق حالة من الزعزعة وعدم الاستقرار داخل المجتمع.
ويؤكد عدد من القانونيين أن المشرّع تعامل مع مثل هذه الحالات، وتضمن القانون عددا من المواد التي تخص هذه الممارسات.
ويقول المحامي أحمد البحراني: “مع التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي، باتت هذه المنصات فضاءً مفتوحًا للتعبير عن الآراء حول مختلف القضايا، إلا أن بعض الأصوات التي تنطلق من خارج سلطنة عمان بدأت تتجاوز حدود النقد البناء إلى الإساءة والنيل من المنجزات الوطنية، ما يهدد النظام العام وهيبة الدولة”.
ويضيف: “في شأن النظام العام وحمايته قانونيًا: النظام العام هو الركيزة الأساسية التي تضمن استقرار المجتمع وسلامته، وهو يشمل الحفاظ على القيم الاجتماعية والدينية وحماية مؤسسات الدولة من أي تهديد، وقد أقر المشرّع العُماني في المادة (19) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (المرسوم السلطاني رقم 12/2011) عقوبات صارمة ضد من يستغلون الشبكة المعلوماتية لنشر أو إنتاج محتوى يهدد هذا الاستقرار، فالنص القانوني يقول: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو توزيع ما يمس القيم الدينية أو النظام العام”.
ويوضح البحراني: “أما فيما يتعلق بالتطبيق العملي: يشمل هذا النص حماية المجتمع من المحتوى الذي يثير البلبلة أو يحرض على الكراهية أو يمس وحدة الصف الوطني، وما يخص هيبة الدولة والحفاظ على مكانتها: تعد هيبة الدولة جزءًا لا يتجزأ من كيانها السياسي والاقتصادي، وأي محاولة للمساس بها تمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرارها. وقد تصدى المشرّع لهذا الأمر في المادة (115) من قانون الجزاء العُماني (المرسوم السلطاني رقم 7/2018)، التي تعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من: حرض أو نشر عمدًا أخبارًا أو إشاعات كاذبة أو مغرضة، سواء في الداخل أو الخارج.
• بث دعايات مثيرة كان من شأنها النيل من هيبة الدولة أو إضعاف الثقة في الأسواق المالية أو مكانتها الاقتصادية”.
ويتابع: “هذه النصوص القانونية تسلط الضوء على حرص السلطنة على حماية المجتمع من التأثيرات السلبية للإشاعات والتحريض، فالتحريض العلني أو نشر الأخبار المغلوطة يهدد النظام العام ويزعزع الثقة بمؤسسات الدولة، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على وسائل الإعلام الرقمي، والخلاصة: حماية النظام العام وهيبة الدولة ليست مجرد مسؤولية قانونية، بل واجب وطني يعكس تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات، ومن خلال تطبيق صارم للقوانين مثل المادتين (19) و(115)، يمكن مواجهة هذه الظواهر التي تهدد استقرار المجتمع ومكانة السلطنة، كما أن التزام الجميع بمسؤولياتهم، سواء في الداخل أو الخارج، هو الضمانة الحقيقية لاستمرار سلطنة عمان كواحة أمن واستقرار وسط تحديات العصر الرقمي”.
وفي السياق، يذكر المحامي خميس العبري: “المشّرع العُماني يوازن بين ضمان حرية التعبير والمعاقبة على التحريض والتشكيك الممنهج والذي يضر بالمجتمع، وما نجده في القوانين النافذة كما في مواد قانون الجزاء العُماني وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك حرية ومساحة كبيرة في التعبير عن الرأي، لكن يبقى أن التشكيك والتقزيم للمكتسبات الوطنية هي نوع من الطعن على الجهود التي تبذلها المؤسسات الرسمية”.
ويضيف: “هذا التشكيك يسبب عنف نفسي لدى المتلقي خاصة من هم في سن لا يستطيع أن يميز بين الغث والثمين، وبالتالي هناك في المجتمع أنصاف المثقفين الذين يتلقون هذه المعلومات وربما يتأثرون بها سلبا تجاه الوطن ومكتسباته، وهنا يجب أن تفعّل القوانين النافذة في الدولة تجاه هؤلاء من خلال المساءلة الصريحة تجاه ممن يدعون حرية الرأي أو التعبير (الناشطين سواء من داخل او خارج سلطنة عمان) وهم من شقين، شق ربما يكونوا أفرادا عمانيين يحملون الجنسية العمانية، وهم مساءلون وتنطبق عليهم القوانيين المنظمة في الدولة وتلاحقهم، ولو كانوا خارج الوطن وهناك أفراد ربما يكونوا غير عمانيين ومدفوعين من جهات خارجية، وهنا على الدولة أن ترد على هؤلاء بقوتها الناعمة التي تمتلكها من خلال مؤسساتها الصحفية والإعلامية ذات الصلة لحماية مكتسباتها ومقدراتها الوطنية وذلك من خلال توضيح الحقائق بمصداقية، كإبراز الإنجازات الوطنية وتسليط الضوء عليها وتقديم إحصائيات وأدلة ملموسة، أيضا التأكيد على أهمية النسيج المجتمعي إضافة إلى نقد الآراء المغلوطة بشكل موضوعي، وكذلك تقديم آراء بديلة لمعالجة أي قصور في الأداء المؤسسي إذا ما وجد.