محمد بن عيسى البلوشي – كاتب وصحفي اقتصادي
لا شك أن الحكومة وفقا لرؤيتها عمان ٢٠٤٠ تتطلع لأن تلعب المحافظات دورا محوريا في تنمية إقتصادها، وهو أمر حميد ومطلب مجتمعي يضفي الى الاقتصاد القدرة على صناعة الفرص واستثمار المقدرات والجهود الممكنة.
ويتطلب ذلك وجود قيادات توجه الدفة الاقتصادية بكل تمكين وحرص، وتقتنص الفرص بعين ثالثة وفاحصة، وتعمل على ضبط الإجراءات بما يتوافق مع الرؤية الاقتصادية للمحافظة خاصة والسلطنة عموما.
إن العمل الذي نتطلع أن تقوم عليه المحافظات خلال المرحلة المقبلة، هو النظر إلى مكامن القوة الاقتصادية والاستثمارية سواء على مستوى المشاريع العملاقة وتلك المتوسطة والصغيرة، وأن تضع يدها على إمكانيات المحافظة في جذب الاستثمارات المتنوعة، والتي ستوفر معها فرصا متجددة للعمل في مختلف ولاياتها.
كما أن الدور التقليدي الذي تقوم به بعض المؤسسات الخدمية في المحافظات لابد أن يتطور ليواكب التوجه الاقتصادي العام، فليس من المعقول أن تظل البلديات تقدم خدمات التشجير والنظافة ومراقبة التصاريح المتعلقة بشأنها فحسب، بل هناك دور أكبر من المهم الالتفات إليه على مستوى المحافظة وهو استقراء الخدمات التي يتطلبها أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والوقوف على احتياجات ومتطلبات أصحاب المصلحة (صناعيين، تجار، عقاريين، مستثمرين) وحل التحديات التي يواجهونها في مشاريعهم ، ومراجعة الإجراءات وتبسيطها بما يتسق مع تطلعات الدولة نحو تحقيق رؤيتها الوطنية.
ويتفق معي الاقتصاديون والمحللون والمراقبون أن تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسط والوقوف على التحديات التي يواجهها أصحابها وحلها بالطرق المناسبة، هو أحد أسرار نجاح المشاريع وضمان نموها واستدامتها وتأثيرها الإيجابي في الاقتصاد الوطني.
فعندما تقوم الجهات الحكومية بتلبية احتياجات هذا القطاع وتسخير كافة الامكانات لذلك وتهيئة المناخ الاستثماري والتجاري والاقتصادي الصحي، فإنها بذلك تعزز الدور الذي تقوم به مؤسسات القطاع الخاص (الكبرى، المتوسطة، الصغيرة، أصحاب المصلحة) في اقتصادها القطري وتأثير ذلك على الاقتصاد الوطني.
إن المرحلة المقبلة من عمر نهضتنا المتجددة التي يقودها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه- يتطلب شحذ الهمم من أجل تمكين الملف الاقتصادي للمحافظات، وأيضا تعزيز مكاتب المحافظين بكفاءات اقتصادية ترسم خارطة الطريق نحو هذا الهدف الوطني الشامل، وتوجيه أصحاب القرار في دفع المسيرة الاقتصادية من أجل تمكين الدور الاقتصادي في الملفات الوطنية المستدامة ومنها ملف الباحثين عن العمل.
ونقترح في هذا الصدد وجود محافظين إقتصاديين مائة بالمائة لقيادة دفة إقتصاد المحافظات الى جانب مهاراتهم في الادارة التنموية، وإنشاء مديرية عامة لاقتصاد المحافظة بمكتب المحافظ ليكون معملا تنفيذيا للمشاريع الاقتصادية والاستثمارية ومتابعة تنفيذها، وتمكين ذلك بكفاءات اقتصادية واستثمارية متحققة، وأيضا ايلاء الخدمات العامة (تنظيف،تشجير) الى البلدية، على أن تحال بقية الخدمات (تصاريح، تصديق المعاملات التجارية، التجديد، خدمات ومتطلبات التطوير، مراجعة الاجراءات، احتياجات المؤسسات والشركات من الخدمات الاخرى) الى المديرية العامة لاقتصاد المحافظة. وبهذا يمكن أن ننطلق برؤية متجددة وعزم أكبر نحو تحقيق رؤيتنا لعمان ٢٠٤٠ كما أراد لها قائدها ورءها بعين شعبة ومشورته الوطنية.