خاص- شؤون عمانية
حققت سلطنة عمان إنجازاً اقتصادياً مهماً باستعادة التصنيف الائتماني بدرجة -BBB من وكالة “ستاندرد آند بورز” بعد سنوات من التحديات.
ويعكس هذا التصنيف الجدارة الائتمانية لعُمان وثقة المستثمرين في اقتصادها، حيث يمثل هذا الإنجاز إشارة واضحة للمقرضين والمستثمرين بأن سلطنة عُمان تتمتع بدرجة عالية من الموثوقية، وأن الاستثمار في السندات والصكوك الحكومية يعد استثماراً آمناً.
وأكد المكرم الدكتور سعيد المحرمي، الخبير الاقتصادي، أن هذا التصنيف يحمل انعكاسات إيجابية على الحكومة والاستثمار والمجتمع بشكل عام، حيث ستنخفض تكلفة الاقتراض مما يخفف من العبء على الميزانية العامة للدولة، كما سيؤدي ذلك إلى تحسين الظروف المالية، مما يُمكِّن الحكومة من تقديم برامج اجتماعية وخدمات عامة بشكل أفضل بدلاً من توجيه الأموال لدفع فوائد القروض.
وأشار المحرمي إلى أن رفع التصنيف سيجعل سلطنة عمان وجهة جاذبة للاستثمار، مما سيزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي، كما ستحصل الشركات الوطنية والأجنبية على تمويلات بمعدلات فائدة أقل، مما يساعدها في التوسع في مشاريعها الجديدة والقائمة، ويحفز الاستثمار في بورصة مسقط، مما يُعزز النشاط الاقتصادي والسيولة في السوق.
ويرى المحرمي أن ثقة المستثمرين في الاقتصاد العُماني ستؤدي إلى إنشاء مشاريع جديدة، مما يساهم في زيادة فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة، بالإضافة إلى ذلك، سيتيح هذا التصنيف للحكومة توجيه الأموال لتحسين الخدمات الحكومية والبنية الأساسية التي يستفيد منها الجميع، وبفضل تحسن التصنيف، يمكن أن تنخفض أسعار الفائدة على القروض التجارية، مما يقلل من التكاليف التشغيلية للشركات، ويؤدي إلى خفض نسبة التضخم وتحسين القدرة الشرائية للأفراد.
من جانبها، أوضحت عزة الحبسية، نائب الرئيس المساعد للبحوث الاقتصادية والاتجاهات الناشئة في شركة أومنفست، أن من أبرز العوامل التي ساهمت في رفع التصنيف هو الانخفاض الكبير في ديون الحكومة من 41% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 إلى 30% في النصف الأول من 2024، مشيرة إلى تحويل العجز المالي المستمر منذ عام 2014 إلى فوائض منذ عام 2022، بفضل الإدارة المالية السليمة وزيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 10% خلال العقد الماضي.
وأضافت الحبسية أن “ستاندرد آند بورز” أشادت بالخطوات القوية التي اتخذتها الحكومة لإعادة هيكلة الشركات المملوكة، والتحول إلى دور تنظيمي، مؤكدة أن جهاز الاستثمار العماني لعب دوراً مهماً في هذا التحول من خلال التخارج من الاستثمارات والاكتتابات العامة.
ولفتت الحبسية إلى أن حصة عُمان من الاستثمار الأجنبي المباشر داخل دول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت من 5% إلى نحو 10% في السنوات الأخيرة، وأن التصنيف الائتماني الأخير يعزز من فرص ترقية التصنيف من وكالة موديز في وقت لاحق من هذا العام، بالإضافة إلى توقعات إيجابية من وكالة “فيتش”.
وأكدت أن هذا التصنيف يُعتبر تصويتاً قوياً على الثقة في المرونة الاقتصادية لعُمان، مما سيكون لديها إمكانية أكبر للوصول إلى أسواق رأس المال الدولية بأسعار أكثر ملاءمة، مما يقلل من تكلفة التمويل لكل من الحكومة والشركات، إضافة إلى أن السندات العمانية بالدولار الأمريكي ستكون مؤهلة الآن للإدراج في المؤشرات الرئيسية مثل بلومبرج باركليز العالمي، مما يفتح الباب أمام المزيد من رأس المال الدولي المتدفق إلى سوق السندات المحلية في عمان، وتعزيز السيولة المالية وتحفيز النمو الاقتصادي، كما يؤدي هذا الاعتراف إلى رفع مكانة عمان العالمية، مما يزيد من جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز شراكات أقوى مع الكيانات والشركات الدولية.
وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف البلوشي أن التصنيف يعزز قدرة السلطنة على الحصول على تمويلات بفائدة أقل، ويجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، مؤكدا أن هذا التصنيف ينعكس إيجابياً على قدرة البنوك والشركات المحلية على الاستدانة من الخارج.
وأشاد جاستن ألكسندر، المحلل الاقتصادي والمستثمر في دول مجلس التعاون الخليجي، بالجهود المبذولة لتحويل المالية العامة للسلطنة، وأكد أن هذا الإنجاز جاء نتيجة للسياسات المالية الحكيمة والمبادرات الإصلاحية التي تم اتخاذها خلال السنوات الماضية.
وقال الكسندر إن هذا العام يسير على الطريق الصحيح للفائض المالي الثالث على التوالي، بعد 13 عاما من العجز، وانخفضت الديون إلى حوالي 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو نصف ذروته في عام 2020.
وذكر: “بالطبع، فرضت الإصلاحات المالية تكاليف على البعض، ولكن الحكومة أوجدت منظومة الحماية الاجتماعية التي كانت بشارة خير على المواطنين”.
وتابع الكسندر: بدأت الكتابة بانتظام لمستثمري السندات حول المالية العامة العمانية في عام 2019، وللأسف كنت متشائما جدا بشأن حالتها في ذلك الوقت، ومع ذلك ومن أوائل عام 2020 وحتى عندما فرض كوفيد أعباء إضافية، تحول تحليلي إلى إيجابي لأنني كنت مقتنعا بأن هناك خطة لتحقيق التوازن المالي والدعم رفيع المستوى للحصول على ذلك، وفي مارس، عندما وضعتها S&P على توقعات إيجابية، كتبت أن هذا يشير إلى “إمكانية الترقية إلى BBB- درجة الاستثمار في غضون 18 شهرا، إذا ظلت أسعار النفط قوية ولم ينزلق الانضباط المالي، فإننا نعتقد أنه من الممكن أن تأتي ترقية في أقرب وقت في سبتمبر، ولقد انخفض سعر النفط قليلا، ولكن الانضباط المالي ظل قويا وبالتالي جاءت الترقية بالفعل بسرعة”.