سامر بن محمد البلوشي
تشهد سلطنة عُمان تطورات اقتصادية واجتماعية مهمة، حيث تسعى الحكومة العمانية إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين.
وفي هذا السياق، يعد تفعيل برامج مثل Bolt وUber في السلطنة خطوة حاسمة تسهم في تحقيق هذه الأهداف، إذ تُمثل هذه المنصات فرصًا مبتكرة لحل مشكلة الباحثين عن عمل المتزايدة، من خلال تمكينهم من الاستفادة من مصادر دخل جديدة وتحسين جودة حياتهم.
وتُعد Bolt وUber من بين أكثر المنصات شهرة عالميًا في مجال النقل التشاركي، وتعتمد هذه الخدمات على تطبيقات الهواتف الذكية لربط السائقين بالركاب بشكل فوري وفعال.
ويُمكّن هذا النموذج من العمل المرن، حيث يمكن للسائقين اختيار أوقات العمل المناسبة لهم، ما يجعل هذه المنصات خيارًا جذابًا للأفراد الذين يبحثون عن مرونة في العمل أو مصدر دخل إضافي.
وتعمل هذه المنصات وفق نموذج اقتصادي تشاركي، حيث تُمكّن الأفراد من استخدام مركباتهم الخاصة لتحقيق دخل، ويتلقى السائقون عمولة مقابل كل رحلة يقومون بها، بينما تقتطع الشركة المشغلة نسبة معينة من كل رحلة كرسوم مقابل خدمات التوصيل والإدارة.
ويعتبر هذا النموذج فعالًا في توفير خدمات نقل سريعة وبتكلفة معقولة للمستخدمين، مع تحقيق منفعة اقتصادية للسائقين.
ومن أكبر الفوائد التي يمكن أن تجنيها سلطنة عمان من تفعيل برامج Bolt وUber هي توفير فرص عمل جديدة، ويمكن أن يكون هذا الأمر حلاً سريعًا وفعّالًا لمشكلة الباحثين عن عمل، حيث يمكن للأفراد الباحثين عن عمل الانضمام إلى هذه المنصات كسائقين، بالإضافة الى ذلك لا تتطلب هذه الوظيفة مؤهلات تعليمية عالية، مما يجعلها متاحة لشريحة واسعة من الشباب العماني، بما في ذلك أولئك الذين قد يواجهون صعوبة في العثور على وظائف تقليدية.
ويمكن أن تشجع هذه المنصات على روح ريادة الأعمال بين الشباب العماني، حيث إنه من خلال تفعيل Bolt وUber، يمكن للسائقين البدء في استثمار سياراتهم الخاصة أو حتى شراء سيارات جديدة لبدء مشروعهم الخاص في مجال النقل التشاركي.
ويعزز هذا من ثقافة العمل الحر والاستقلالية المالية، وهو ما يتماشى مع رؤية عمان 2040 التي تسعى إلى تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.
وقد يؤدي تفعيل هذه المنصات إلى تحسين خدمات النقل داخل المدن العمانية، ومع زيادة عدد السائقين العاملين على هذه المنصات، يمكن أن تتحسن خيارات النقل المتاحة للسكان، خصوصًا في المناطق التي قد تكون فيها خدمات النقل التقليدية محدودة.
كما يمكن أن تسهم هذه المنصات في تقليل الازدحام المروري، حيث يمكن للمستخدمين مشاركة رحلاتهم مع آخرين، مما يقلل من عدد المركبات على الطرق.
ومن الناحية الاقتصادية، يمكن أن يؤدي تفعيل هذه البرامج إلى زيادة الدخل القومي من خلال الضرائب والرسوم التي يمكن فرضها على الشركات المشغلة لهذه المنصات، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعزز تفعيل Bolt وUber من إنفاق الأفراد وزيادة الحركة الاقتصادية بشكل عام، حيث يستخدم الناس هذه الخدمات في حياتهم اليومية.
وتساهم هذه البرامج في تحسين جودة الحياة من خلال تقديم خيارات نقل مريحة وسهلة الوصول، ويمكن للمستخدمين حجز رحلاتهم عبر التطبيقات الذكية بسهولة، مما يوفر لهم الوقت والجهد، كما أن التنافس بين السائقين يمكن أن يؤدي إلى تحسين جودة الخدمة بشكل عام، حيث يسعى السائقون إلى تقديم أفضل تجربة ممكنة للمستخدمين.
وتوفر منصات Bolt وUber مستويات عالية من السلامة والأمان لكل من السائقين والركاب، حيث تحتوي هذه التطبيقات على ميزات مثل تتبع الرحلات وتقييم السائقين والركاب، مما يساعد في الحفاظ على معايير عالية من الخدمة، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستخدمين مشاركة تفاصيل رحلاتهم مع أفراد العائلة أو الأصدقاء لضمان مزيد من الطمأنينة.
ومن خلال زيادة التفاعل بين السائقين والركاب، يمكن أن تسهم هذه البرامج في تعزيز التواصل الاجتماعي بين مختلف فئات المجتمع، إذ يعمل السائقون من مختلف الخلفيات والطبقات الاجتماعية، مما يتيح فرصة للتعارف والتفاعل بين مختلف الأفراد.
ورغم ذلك، فإن أحد التحديات الرئيسية التي قد تواجه تفعيل برامج Bolt وUber في عمان هو التحديات التنظيمية، فقد يتطلب الأمر تعديل بعض القوانين واللوائح لضمان أن هذه المنصات تعمل بشكل قانوني وآمن، ويتضمن ذلك تحديد معايير واضحة للمركبات والسائقين، بالإضافة إلى فرض رسوم أو ضرائب على الشركات المشغلة.
ومن المتوقع أن تواجه هذه البرامج منافسة من وسائل النقل التقليدية مثل سيارات الأجرة والحافلات، وقد تحتاج الحكومة إلى وضع سياسات توازن بين دعم الابتكار وحماية مصالح العاملين في قطاع النقل التقليدي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم السوق وضمان أن جميع العاملين يحصلون على فرص متكافئة.
وعلى الرغم من التحديات، فإن تفعيل Bolt وUber يمثل فرصة اقتصادية كبيرة. يمكن للحكومة العمانية دعم هذه البرامج من خلال تقديم حوافز للسائقين والمستثمرين، وتشجيع تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم النمو في هذا القطاع، كما يمكن أن تسهم هذه البرامج في تعزيز السياحة في عمان من خلال توفير وسائل نقل مريحة وموثوقة للسياح.
ويمكن أن يؤدي تفعيل هذه البرامج إلى التشجيع على الابتكار في مجال التكنولوجيا، حيث تحتاج هذه المنصات إلى تطوير مستمر لتلبية احتياجات السوق وتحسين تجربة المستخدمين.
ويمكن للحكومة والقطاع الخاص التعاون في تطوير تطبيقات جديدة وخدمات مبتكرة تساهم في تحسين قطاع النقل في عمان، كما يمكن لعمان الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في تفعيل برامج النقل التشاركي مثل Bolt وUber.
وفي دول الخليج العربي، أثبتت هذه المنصات قدرتها على توفير فرص عمل جديدة وتحسين خدمات النقل بشكل ملحوظ، ومن خلال دراسة هذه التجارب، يمكن لعمان تطبيق استراتيجيات مشابهة تحقق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى الرغم من نجاح هذه البرامج في دول أخرى، يجب على عمان تكييف هذه التجارب مع احتياجاتها وظروفها المحلية، حيث يتطلب ذلك فهماً عميقاً للسوق المحلي واحتياجات المواطنين، بالإضافة إلى تطوير حلول مبتكرة تتناسب مع البيئة العمانية، ويمكن أن يشمل ذلك تطوير برامج تدريبية للسائقين وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين.
وفي الختام، يمثل تفعيل برامج Bolt و Uber في سلطنة عمان خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال توفير فرص عمل جديدة، وتعزيز ريادة الأعمال، وتحسين خدمات النقل، إذ يمكن لهذه المنصات أن تسهم بشكل كبير في تحسين حياة المواطنين العمانيين ودعم الاقتصاد الوطني، وعلى الرغم من التحديات المحتملة، فإن الفرص التي تقدمها هذه البرامج تستحق الاستكشاف والاستفادة منها لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا لعمان.