فاطمة بنت ناصر / كاتبة ومترجمة
“عمانيون” هي الكلمة التي صدمتنا أكثر من الهجوم نفسه.. “عمانيون” متى وكيف استقطبت داعش هؤلاء؟!.
لم يغرر بنا من قبل، أيغرر بنا اليوم! فلقد شهدنا هذا اليوم العصيب، وفي داخلي ترحمت على قابوسنا وشكرت الله أن اختاره قبل أن يشهد هذه الفاجعة، ولكن سقط الفأس و أدمى الروح قبل الرأس وهانحن نتعامل مع حدث قد وقع، فماذا نفعل؟
حسناً، علينا أن نتذكر:
- لسنا وحدنا من لدغته أفعى التطرف، وربما نحن الأكثر حظاً بمحدودية الخسائر، وعدد هذه العمليات الدموية البائسة
- تغلبنا على تطرف أشد وألعن من هذا وأخمدنا الحروب الأهلية، وقضينا على العنصرية القبلية، أتغلبنا اليوم في ظل هذا الوعي شرذمة سخرت عقلها لرمي الرصاص، ونحن من سخر عقله للتعايش وتقبل المختلف وعمران وطنه وصونه.. أيغلبنا الغباء والجهل ونحن ساسة السلم وربابنة السلام؟!
- نحن محظوظون لتمكننا من الاستفادة من تراكم الخبرات العالمية وخاصة تجارب الدول المتقدمة التي قضى الإرهاب على صروحها المشيدة وعلى مئات من أرواح سكانها من مختلف الجنسيات والأديان. ولعل الدرس الأهم من هذه الدول أن الأمن لن يتحقق بالسلطات الأمنية وحدها مهما كانت قوية ومهما كانت متأهبة.
الحل في كلمة: نحن
في كتاب مهم كتبته أول امرأة مسلمة تعين كمسؤولة عن الجاليات المسلمة في أمريكا تدعى فرح بانديث Farah Pandith، وهي دبلوماسية سابقة وخبيرة في مواجهة العنف والتطرف، وحمل عنوان: “كيف ننتصر؟” ووضعت فيه ما خلصت إليه وما تعلمته من خلال زيارة أكثر من ٧٥ دولة، والتحاور مع شعوبها من مختلف العقائد والأديان والأعمار.
الكتاب تناول العديد من المفاهيم والخطوات الناجعة للتصدي للتطرف على مختلف الأصعدة، وهو يركز على أن الجهات الأمنية ليست وحدها التي عليها أن تقوم بهذه المهمة، وهنا نستعرض ملخصاً لأهم ما جاء في هذا الكتاب.
- نحن: في كل لقاء بالكاتبة يتم سؤالها من تقصدين بكلمة (نحن) الواردة في عنوان كتابك، فتشدد الكاتبة في إجابتها أن كلمة (نحن) التي استخدمتها مختلفة عن الاستخدام الغالب لها، فهي لا تقصد (
- نحن وهم) لا تقصد مجموعة تقابل مجموعة أخرى، فهي تعني بها الجميع دون استثناء، بمعنى أدق كل إنسان يعيش على هذا الكوكب الذي يجمعنا.
- المحاربون الثلاثة: من عليه مواجهة التطرف ليس الأمن والسلطة فقط، ولكن: القطاع الخاص والمجتمع أيضا، هذه العناصر الثلاثة عليها أن تكون يدا واحدة لمواجهة هذا النوع من الإرهاب متعدد الأشكال والمنطلقات، والمؤلفة لا تعني أفراد المجتمع الواحد ومؤسساته، بل التكاتف والتعاون الدولي بين الحكومات، وقيام الشراكات الدولية بين القطاع الخاص، واتحاد الشعوب وتواصلها وفهمها لبعضها البعض، فما يبذل من جهد في المكافحة الداخلية لن يكون له جدوى إن كان منعزلا عن الاتحاد الدولي، فالحكومات حول العالم عليها التعاون وتقديم المساعدة ومشاركة خبراتها في التصدي للتطرف، والقطاع الخاص يمكنه تمويل العديد من المشاريع والاستثمار في مجال مكافحة التطرف، وكذلك الشعوب بانفتاحها على تجارب الأخرين ستزداد مستويات وعيها، وسيفكر الناس معاً كيف يحمون بعضهم من خطر الأفكار العابرة للقارات.
- اتساع الرؤية: عدم حصر مواجهة التطرف على التصدي للخطاب الديني المتطرف، وإن كان هو المسيطر الأكبر في ساحة الإرهاب (فلا ننظر للإسلام المتطرف بأنه الوحيد في ساحة الإرهاب؛علينا أن نكون يقظين لكل الأفكار المتطرفة التي بدأت تكبر مثل: عنصرية العرق الأبيض والحركات اليمينية المتطرفة بكل أشكالها.
- تقليل الكراهية: وذلك عبر خلق خطاب بديل يواجه خطاب الكراهية.. وذلك بترسيخ مفاهيم الوحدة و التعايش والتفاهم.
- الاستفادة من الخبرات: هناك العديد من الخبرات التي تراكمت عبر السنين في مواجهة التطرف، وضالكثير منها ناجح، فليس على الدول أن تبدأ من الصفر وتستخدم وسائل بدائية، في الوقت الذي بإمكانها أن تحصل على أفضل الوسائل التي أثبتت فعاليتها من غيرها من الدول التي لها تجارب وخبرات طويلة في مكافحة التطرف.
- إشراك المجتمع كله في الحوار: لأن الحوار يعزز ثقة المجتمع ببعضه، والحوار لا ينبغي أن يأتي من عالم دين وحده، أو من أكاديمي فقط، الحوار بأن نكون على مستوى واحد، المربي مع الخطيب ومع الشاب.. الكل يمسك بيد الآخر، وليس من أعلى إلى أدنى.. وليس من متكلم إلى تلميذ مستمع.. بل يكون عبر حديث وتفاعل وحوار مشترك بين جميع الفئات.. بهذا تزرع الثقة والقوة في نفوس الجميع، فالكل يشعر بأنه مسؤول، والكل يشعر بأنه قادر.
- تعليم الشباب وتوفير الفرص: من المهم توفير فرص التعليم وفرص التدريب والتوظيف لإبعاد الشباب عن خطر الانجرار للافكار المتطرفة، كما أنه من المهم أن نحدث مناهج التعليم لمواجهة هذا الخطر العالمي، ومن المناهج الحديثة والمفيدة : (محو الأمية الرقميى) والذي يعني الإلمام بمختلف الوسائل والمهارات للتعامل مع المعلومات التي تنهال علينا من العالم الرقمي وكيفية الوصول إلى المعلومة من أفضل أدق المصادر وأكثرها مصداقية، وكيفية تقييمها وفحصها، والطريقة المثلى في التعامل مع المعلومات وكيفية التخاطب بوسائل الاتصال الاجتماعي، كما من المهم تعليم الشباب كيف يستخدمون مهارات ووسائل التقنية بشكل مسؤول وآمن لايعرضهم ولا يعرض الآخرين للخطر، وتمكين الشباب من هذه المهارات يجعله قادر أن يتعاطى بثقة مع مجريات العالم الرقمي، ويستطيع من خلالها اتخاذ قرارات أكثر منطقية وحكمة واعتدال.
مبادرات عالمية ناجحة
يستعرض الكتاب عددا من المبادرات التي كانت لها نتائج إيجابية في خلق مناخ صحي خالي من التطرف وأكثر انسجام مع العالم.
- منتدى One Young World: والذي يعتبر قمة مخصصة للقادة الشباب الذي يتم تأهيلهم وهناك برامج تعليمية وبعثات يتم تقديمها لهم، يمكنكم زيارته عبر الرابط التالي: https://www.oneyoungworld.com/
- مؤسسة Moonshot CVE : وهي تخدم خدمات مهمة منذ عام ٢٠١٥ وتسعى للتصدي للتطرف والعنف عبر التقنية الرقمية، وتصفية المحتوى الرقمي من منشورات العنف والتطرف والتحرش الجنسي وغيرها الخ.
- حملة (جهادي) My Jihad Campaign : حملة دشنتها مجموعة من الشباب الأمريكي المسلم، وبه يسعون لتصحيح وتنقية كلمة الجهاد، عبر استعراض نجاحاتهم و جهادهم لمواجهة المصاعب التي يواجهونها في الحياة.
- مبادرة Aarambh India Initiative: وهي مبادرة هندية رقمية تتصدى للمحتوى الرقمي الموجه لاستغلال الأطفال جنسيا وابتزازهم، وذلك بخلق بيئة رقمية آمنة، كما ساهمت المبادرة في الحد من محتوى التطرف الفكري الرقمي.
