عبدالرزاق بن علي/ كاتب وصحفي تونسي
لم يحدث منذ النكبة سنة 1948 اأن عرفت الامة فعلا يماثل ما أنجزته المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر 2023 بالنظر للتداعيات التي انتجها داخل الكيان الصهيوني نفسه ، وفي الوطن العربي والأمة الإسلامية فضلا عن مختلف ارجاء العالم للأسباب التالية: ان الحرب على غزة اوجدت معيارا صادقا و دامغا لفرز القوى والأنظمة في الساحة العربية ، وانها فضحت طبيعة هذا الكيان الاجرامي في مختلف ارجاء المعمورة واوجدت تعاطفا شعبيا جارفا مع قضية الشعب العربي في فلسطين.
ولم يعد يخفى على الجميع ان المقاومة في لبنان وخلفائها في اليمن قد تفردت بدعم أهلنا في غزة في الوقت الذي توارى فيه الجميع عنها خلف البيانات الباهتة، وعبارات التعاطف الجوفاء، وخلقت حالة من توزان القوة والردع امام العدو، وفرضت عليه السعي لإنهاء العدوان على القطاع قبل ان تتحول المواجهة الى حرب شاملة يدرك قادة جيش الاحتلال قبل غيرهم نتائجها.
وتعمل الإدارة الامريكية بدعم من الأنظمة الاوربية خلال هذه الأيام ان تضع حدا للتصعيد في جبهة الشمال لإنقاذ ما تبقى من قدرة الاحتلال على مواجهة قوة الحق المعززة بقوة الرد لدى جبهة المقاومة. فقد تمكن حزب صغير في بلد ضعيف مفلس ان يتحمل وزر دعم المقاومة الفلسطينية في الوقت الذي عجزت فيه الأنظمة العربية مجتمعة ان تدخل شربة ماء لمليوني واطن عربي مسلم يستغيث رغم ما تملكه من مقدرات، وجيوش نظامية، وأجهزة مخابرات وعلاقات دولية، ويفرض على الكيان الصهيوني السعي عبر الرئيس الأمريكي لإيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه بعد ان عجز طيلة تسعة اشهر عن انقاذ رهائنه لدى المقاومة.
ويرى قادة عسكريون كبار في الجيش الصهيوني ان “إسرائيل” فشلت فشلا ذريعا امام “حماس” وهي اعجز من تخوض مواجهة واسعة مع حزب الله الذي يدرك “انتن ياهو” نفسه انه لن يستطيع ان يحافظ على موقعه في اعلى هرم السلطة ان اتسعت دائرة الصراع مع الحزب وحلفائه في محور المقاومة رغم التطمينات الامريكية وتحريك حاملات الطائرات في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
وتعمل الإدارة الامريكية بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية الحليفة لتوظيف الوضع الإنساني في القطاع وإيجاد مخرج للكيان الصهيوني بفرض امر واقع في غزة بعد الحرب بتركيز قوات دولية موالية لسلطة رام الله من اجل انهاء سيطرة المقاومة على القطاع وضمان امن الكيان الصهيوني وهو ما ترفضه المقاومة الفلسطينية وحلفائها في المنطقة .
وقد اصبح وجود المقاومة يتناقض مع سلطة أوسلو المدعومة من النظام الرسمي العربي ومع الخطاب الذي دابت اغلب الأنظمة العربية على الترويج له عبر “المبادرة العربية ” او “حل الدولتين” لان غبار المعركة على الأرض تكشف عن حقيقة واحدة أصبحت من المسلمات لدى المواطن العربي ولدى جميع احرار العالم : ان مااخذ بالقوة لا يمكن ان يسترد بغيرها.