بقلم: Amanda Ruggeri
الترجمة: فاطمة بنت ناصر
تنهال علينا الأخبار كل صباح عبر هواتفنا وتطبيقات التواصل الاجتماعي، ينقلها لنا أصدقاؤنا أحيانا وأحيانا نحن من نقوم بنقلها لهم.
وما لا ينتبه له معظم الناس أن تلك الأخبار وخاصة المغلوطة منها قد كتبت خصيصا ليتم نشرها وتداولها بشكل واسع لتضليل العقل الجمعي للناس لخدمة أفكار وتوجهات من قام بكتابتها.
وفي الكثير من الأحيان نصبح نحن أحد أدوات الحرب الإعلامية دون أن ندري، فالحروب اليوم لم تعد مقتصرة على رصاص الأسلحة وقذائف الصواريخ، لكن هناك الحرب الاقتصادية مثلا وأحد رسائلها فرض عقوبات على بعض الدول بهدف إضعافها كالحصار الاقتصادي على إيران وعلى العراق في وقت من الأوقات، و هناك الحرب السيبرانية والمعلوماتية التي تأخذ أشكالا عديدة ومنها الاختراقات التقنية.
وفي هذا المقال سنسلط الضوء على الإعلام والتقنية والمجتمع، ودورنا الوسيط لنقل الأخبار من مصادر معلومة أحيانا وغير معلومة أحيانا لأن معظمنا يعتمد سياسية قراءة الأخبار ونقل ما يوافق أهواءه الفكرية وتوجهاته الشخصية.
هذه الظاهرة لا يمكن تجاهلها والاستهانة بأثرها، لهذا تسعى العديد من المؤسسات الفكرية إلى نشر التوعية عنها، حيث تناول مقال نشره موقع BBC قبل أيام معدودة هذا الموضوع.
استخدم Sift لحمايك نفسك من كذب العالم الرقمي
تختصر كلمة Sift من خلال حروفها الأربعة، الخطوات الأربع التي علينا اتباعها إن أردنا ألا نكون ضحية لنشر الأخبار الزائفة. وهي تعني الآتي:
توقف: Stop : S
من سمات العصر الحديث السرعة وتوهيم الناس أن كل شيء عاجل ولا يحتمل التأخير، فبمجرد الاتصال بالإنترنت تنهال عليك الأخبار والمعلومات، كثير منها يداعب مشاعرك وعاطفتك، ويجعلك في عجلة لإصدار ردة فعل سريعة، وأمام هذا يكون الوقوف والتريث هو الحل الأمثل لتجنب ردات الفعل السريعة عند تلقي الخبر، الذي لم تمتلك فرصة كافية للتحري عنه وعن مدى صحته.
ابحث عن المصدر وتحرى عنه:Investigat the source : I
أمام كل الأخبار التي تصلنا، كم منا يعلم من أنشأها وقام كتابتها لنا؟ معظمنا لا يعلم، وينجر أمام ثقته بصديق أو مجموعة، والذين بدورهم أيضا لا يعلمون من قام بإنشاء ذلك الخبر والغرض منه، فنحن تابعون لأخبار نجهل من هم أصحابها.
وللتحري عن منشأ تلك الأخبار، قم ببحث سريع على الإنترنت، ولأن الإنترنت يعج بالكثير من المواقع، حاول أن تبحث عن موقع نزيه وله سمعة معروفة ويستند عليه بكل ثقة من يريد نقل معلومة صحيحة، مثل وكالات الأنباء ومواقع الصحف الاعتبارية وليست تلك الصحف التي تبحث عن الإثارة عبر التضليل في صياغة الأخبار لكسب جماهيرية والمساهمة في نشر أخبارها على حساب صدقها ونزاهتها.
تجنب ويكيبيديا :
لأن من ينشؤون صفحاتها هم أفراد عاديون يكتبون في كثير من الأحيان، لنشر تحيزاتهم الايدولوجية، لهذا نجد أن كل المؤسسات التعليمية تنصح طلابها بعدم استخدام ويكيبيديا كمصدر للمعلومات.
وأثناء التحري اسأل نفسك الآتي:
-إذا كان الخبر صادرا عن مؤسسة إعلامية، فهل تلك المؤسسة معروفة وذات سمعة طيبة لدى المجتمع، ومعروفة باتباع معايير الأمانة الصحفية، ولها تاريخ من النزاهة يجعل الناس تثق بما تنشره.
-أما إذا كان الكاتب فرد عادي، تحرى إن كانت له أية مصلحة في نشر الخبر سواء أكانت تلك المصلحة مادية أو سياسية أو شخصية.
-اسأل نفسك ما مصلحة نشر ذلك الخبر لصاحبه سواء أكانت مؤسسة أو شركة تجارية، فمعرفتك لتلك المؤسسة يساعدك على فهم الغرض من منشوراتها وقياس مدى صدقها.
-فعلى سبيل المثال: تحرى من يمول تلك المؤسسة ولمن تتبع؟ وما هي الأفكار التي تتبناها وتروج لها؟ ما هو هوى التيار السياسي التي تتبعه؟ وبعد هذا التحري البسيط، اسأل نفسك هل ستصدق تلك المؤسسة إن كذبت عليك؟!
-F: finding better coverage : ابحث عن مصدر أفضل
-إن قمت بالتحري ولا زال الشك يراودك، فحاول أن تلجأ إلى مصدر آخر أكثر موثوقية أو الاستعانة بآلية التحقق من المعلومة.
قد يكون البحث في جوجل مفيدا، ولكن هناك عدة آليات للتحقق يمكنك الوصول إليها عبر جوجل مثل:
-خدمة جوجل للتحقق من المعلومات google facts check\
-خدمة Google News
-موقع Poynter وهو أحد المواقع الإعلامية غير الربحية، ينشر الأخبار الموثوقة ويقدم خدمة التحقق للأخبار التي يتم تداولها بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي.
-أما إذا كنت تريد أن تتحقق من مدى مصداقية الصور، في ظل وجود أدوات ذكية يمكنها تكوين صور مطابقة للواقع يستخدمها الكثير في نشر الشائعات والأخبار الكاذبة، ففي هذه الحالة يمكنك استخدام المواقع التي توفر خدمة: البحث المعاكس للصور كتلك التي توفرها جوجل، حيث يمكنك تحميل الصورة عبر المتصفح كروم، ورؤية المواقع التي نشرت فيها نفس الصورة أو صور مشابهة لها، كذلك هناك موقع TinEye و موقعYandex .
-هدفك عبر الحصول على مصادر متعددة لنفس الخبر، يساعدك على العثور على المواقع التي تنشر بها، فستلاحظ ان بعض الأخبار لا يوجد لها مصدر موثوق، وإنما نشرتها مواقع تريد كيب مشاهدات أكثر أو لتنشر أيديولوجية معينة حتى عن طريق نشر الأكاذيب.
-T : trace the claim to its original context : تتبع الخبر حتى تصدر إلى المصدر الأول الذي نشره.
-هذه الخطوة تترافق مع خطوة السابقة، ولكن في هذه الخطوة فأنت تسعى إلى معرفة المصدر الأصلي للمعلومة، فلا يكفي أن تجد تداول الخبر في العديد من المواقع، لأن أغلب المواقع تعتمد على الحصول على المعلومة وإعادة نشرها لمتابعيها، فهي ليست من كتبت الخبر الأصلي.
-وقد تتعمد هذه المواقع إلى تغيير الخبر الذي وصل إليها عبر الاجتزاء ونزعه عن سياقه. ففي الصور مثلا عليك أن تكون يقظاً لمدى مصداقية الصور والنص الذي يصف هذه الصورة، فهناك العديد من المواقع تضع صورا قد تكون قديمة وتضع لها وصفا لحدث في الوقت الحاضر في محاولة للتضليل، فتنتشر كالنار في الهشيم وهي صورة نزعت عن سياقها الأصلي وتم توظيفها لخدمة فكرة معينة .
وختاماً، قد تبدو هذه العملية مرهقة شيئا ما، ولكنك باستثمارك دقائق معدودة من وقتك، قد يجنبك الشعور بالخجل الذي تلاقيه من نشرك لخبر مغلوط أو مزيف، كما أنها تحميك من أن تكون مشاركاً في ترويج الإشاعات، التي لا يستهان بأثرها، فبعض تلك الأخبار تسبب في نقل الأمراض الصحية عبر تداول معلومات صحية مغلوطة، وبعضها تسبب أيضا في القتل، فأنت قد تجيش الناس ضد شخص بريء أو قد تساهم في الكشف عن بيانات شخصية قد يكون يكون نشر معلومات عنها يعرضها للخطر.
ولنعلم جميعنا أن أيا منا يمكنه ادعاء خبر معين ونشره في قنوات التواصل الاجتماعي، وأن أيا منا قد يكون مشاركاً بنشر الأخبار الكاذبة وجعلها تنشر بشكل كبير عبر إعادة نشرها، فتراجع قليلا واكبح حماسك في النشر، وتأكد أن ما ستنقله موثوق وصحيح في المقام الأول.
المقال الأصلي :