مطر بن سالم بن مسلم الريامي
لم يكن مفاجئا للبعض الحراك الطلابي لأكثر من ثلاثين جامعة من الجامعات الأمريكية خلال الأيام الماضية، والذي تمثّل في الاعتصامات السلمية بهذه الجامعات نحو المطالبة بوقف الحرب على غزة والتضامن مع أهلها، وقد كانت أحد أبرز وأقوى مطالبهم مقاطعة وإيقاف التمويل الاقتصادي والأكاديمي الأمريكي للكيان الصهيوني، والذي يوازي للأسف تنامي الفكر المضاد نحو أهمية المقاطعة وأثرها الاقتصادي على الكيان ومن يقف معه لبعض المتصهينين العرب.
لكن الذي حير البعض وفاجأهم هو سرعة حركة تدحرج كرة الثلج لهذه الاعتصامات، والتي أدت إلى تزايد عدد الجامعات الملتحقة بركب الاعتصامات، وتناميها سريعا، فهل هو الوعي بأهمية بالحرية الذي غيّر بوصلة المعرفة الحقيقية بالظالم والمظلوم، أم أنها آلة التعجرف الصهيوني الذي أسمعت من به صمم من صناع قرارات حكومتهم، هذه الآلة التي أهلكت الحرث والنسل للأسف، أو هو أثر التغيير الديموغرافي السكاني في الولايات المتحدة الأمريكية للعشر سنوات الأخيرة، والذي أحد أسبابه الهجرة إليها، وازدياد عدد العرب والمسلمين وأثر أدوارهم الإيجابية في الكثير من الأحيان حيال القضية الفلسطينية، وعملهم الإعلامي الممنهج نحو التأثير على الوعي الشبابي بأمريكا؟.
وقد يعتبر البعض أن لوسائل التواصل الإعلامي والعولمة وتعزيزها لردم فجوة القطب الأوحد يرجع الفضل، فلم يعد الشباب في أمريكا وغيرها بمنأى عن التأثير والتأثر بما يجري في دول الشرق الأوسط.
والسؤال المهم: ماذا بعد الاعتصامات الطلابية وما قوة تأثيرها خلال قادم الوقت على اللوبي الصهيوني المسيطر على صناع القرار الأمريكي؟، هل هو فعلا الربيع الجامعي الأمريكي القادم قد يغير مجريات حرب غزة، كما غيّر الحال إبان حرب فيتنام؟ أم أن كرة الثلج ستذوب سريعا مع حرارة العمل المضاد لإعلام اللوبي الصهيوني المسيطر على قرارات أمريكا ومن يديرها.
والسؤال الأهم: هل من حراك مشابه في دول أخرى أم هو القلق من الخريف الذي يلي الربيع؟، فقد جربت بعض الحكومات أثر خطورة تساقط الأقنعة قبل الأوراق، نتيجة ربيع شعبي ثم خريف سياسي، فسارعت نحو مزيد من اللقاءات السياسية المكوكية التي قد تضمن عدم وصول الأثر إلى دولها.
وفي ظل هذه التساؤلات، يبقى أنها حالة استحقت الوقوف عندها وهي بلا شك أحد مبشرات النصر بإذن الله، ونحتاج للفترة القادمة البناء عليها نحو تأصيل المهارات الناعمة وأثرها في التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل.