د. حافظ الصادق*
لا يخفى على أحد أهمية التدريب العملي لطلاب الجامعات والخريجين في الشركات والمؤسسات المختلفة بهدف تمكنيهم من المهارات العملية في مجال اختصاصهم وتعبيد الطريق أمامهم للحصول على عمل يكفل لهم حياة كريمة ومستقبل واعد. يعتبر التدريب مقرر أساسي في الخطة الدراسية للعديد من التخصصات العلمية وعلى الطالب أن يتدرب لمدة لا تقل عن شهر في إحدى الشركات ذات الصلة باختصاصه بإشراف من الشركة ومتابعة من المشرف الأكاديمي.
إن العديد من الشركات والمؤسسات تقبل مشكورة تدريب الطلاب وحديثي التخرج بكل ترحاب لكن هناك أيضا العديد من الشركات ترفض أو تتردد في قبول المتدربين وتضع أمامهم العراقيل في إمكانية الحصول على فرص التدريب، بحجة أن كوادرها مشغولة أو عدم الرغبة في تحمل مسؤولية التدريب. على سبيل المثال، قد يتصل الطالب أو الخريج بالشركة ليسأل عن فرص التدريب فيخبروه أن عليه إرسال إيميل للموارد البشرية وسوف يقومون بالتواصل معه لاحقا، لكن في كثير من الأحيان لا يتم التواصل معه أو الرد عليه. إن خريجي برامج الهندسة المدنية على سبيل المثال يمكنهم العمل في شركات الاستشارات الهندسية وشركات المقاولات والبلديات وقطاع النفط والغاز وشركات إنشاء الطرق والجسور وشركات موارد المياه وإنشاء السدود وشركات الصرف الصحي والبيئة، فضلا عن شركات تطوير العقارات والمصارف، ومع ذلك قد يجد طلاب هذا التخصص أو الخريجين صعوبة في إيجاد فرص التدريب أحيانا.
بما أنه لدينا العديد من الخريجين الذين يحملون شهادات جامعية وينتظرون فرص عمل، فإن التدريب هو الخطوة الأولى لهذا التوظيف سواء في الشركة نفسها التي تدرب بها الخريج أو شركة أخرى ونادرا ما تقبل الشركات توظيف خريجين بدون تدريب مسبق. طالما أنه أصبح لدى السلطنة خريجين في مختلف التخصصات فإن الشركات يجب أن تكون ملزمة بتدريب هؤلاء الخريجين بموجب تعليمات واضحة من وزارة القوى العاملة ولا يتم تجديد ترخيص عمل هذه الشركات إلا إذا كان للشركة مساهمة بتدريب وتمكين الشباب العمانيين والمقيمين. بهذه الطريقة سوف تبحث الشركات عن الطلاب والخريجين لتدريبهم وتشغيلهم وتخفف المعاناة عن هؤلاء الخريجين وتقصر من فترة بحثهم عن التدريب وبالتالي سرعة التحاقهم بسوق العمل. يمكن أن يكون عدد المتدربين لدى شركة ما حوالي 5-10% من عدد موظفي الشركة للشركات الكبيرة والمتوسطة وبما لا يقل عن متدربين أو متدرب واحد للشركات الصغيرة.
لتسهيل المهمة على الباحثين عن التدريب، يمكن للشركة أن تضع خطة للتدريب معلنة على وسائل التواصل الاجتماعي أو صفحة الإنترنت الخاصة بالشركة تتضمن فرص التدريب لديها من حيث العدد والتخصص والمكان ويمكن لوزارة القوى العاملة متابعة ومراقبة أداء الشركة من حيث التزامها بخطة التدريب.
إن الخريجين وحتى الطلاب المتدربين يمكنهم أن يساعدوا الشركات خلال فترة تدريبهم، حيث أن المتدرب يتعلم من خلال تكليفه بأداء بعض المهام التي تناسب تخصصه وبإشراف خبراء الشركة، ولذلك قد يكون من المناسب صرف تعويض للمتدرب يغطي مصروفه الشخصي خلال فترة التدريب كما تفعل الشركات في أوربا. أدعو الشركات والمؤسسات أن توفر فرص التدريب لأبنائنا الطلبة ومساعدتهم في اكتساب المهارات التي يحتاجها سوق العمل، وسيكون ذلك فخر للشركة كونها ساعدت في بناء كوادر وطنية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق رؤية عُمان 2040.
*** رئيس قسم الهندسة المدنية والبيئية، كلية الهندسة، الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا