مسقط- شؤون عمانية
أكد أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى اليوم الأربعاء خلال استضافتهم لمعالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد؛ الذي ألقى بيان وزارته بأن نسب مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي خجولة وتنمو بمعدلات ضعيفة مقارنة بما تم رسمه لها من مستهدفات، مشيرين إلى ضرورة بحث الآليات والإجراءات والخطط التنفيذية المرسومة من الوزارة لتجاوز التحديات التي تعيق نمو مختلف القطاعات الاقتصادية خاصة وأن الموقع الاستراتيجي لسلطنة عمان والموارد الطبيعة التي تزخر بها تشكل ممكنات جاذبة محلية وإقليمية ودولية لتعزيز القطاعات الاقتصادية الخمسة ( قطاع الصناعات التحويلية، قطاع النقل واللوجستيات، قطاع السياحة، قطاع الثروة الزراعية، قطاع التعدين).
جاء ذلك خلال جلسة المجلس الاعتيادية الخامسة لدور الانعقاد السنوي الأول من الفترة العاشرة (2023-2027) التي عقدت برئاسة سعادة الشيخ خالد بن هلال المعولي رئيس المجلس وبحضور أصحاب السعادة أعضاء المجلس وسعادة الشيخ أحمد بن محمد الندابي أمين عام المجلس.
بيان وزير الاقتصاد
وقد بدأت الجلسة بكلمة لسعادة الشيخ رئيس المجلس رحب خلالها بمعالي الوزير، بعدها تلا معاليه بيان وزارة الاقتصاد الذي تضمن ثلاثة محاور رئيسة، أولها أداء الاقتصاد العماني وأبرز مبادرات ومشروعات وزارة الاقتصاد، وتقييم الأداء الاقتصادي الكلي حتى منتصف خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021-2025م)، فيما تناول المحور الثالث دور وزارة الاقتصاد في مواجهة المتغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
وأشار معالي الدكتور الوزير خلال بيانه بأن فترة الاعداد لخطة تحقيق الاقتصاد العماني نموا بالأسعار الحقيقية خلال أول عامين من الخطة، والتي تمثل الخطة التنفيذية الأولى لرؤية عمان 2040 شهدت العديد من التحديات، والمتغيرات المحلية والدولية، تمثلت بشكل أساسي، في تفشي جائحة كوفيد19 في العام 2020م ، وهو ما كان له انعكاسات سلبية، على مختلف برامج التنمية، وعلى أداء الاقتصاد الوطني، فانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4%، في العام 2020م، أي ما يعادل مليار ومائة وستة وسبعون مليون ريال عماني.
مضيفًا معاليه بأنه في إطار مواجهة تلك التحديات، اتخذت الحكومة عددا من السياسات، والإجراءات، وذلك بهدف الوصول بالاقتصاد العماني، إلى التعافي من آثار الجائحة، وتحسين الأداء الاقتصادي، ورفع مؤشراته، و من بين هذه الإجراءات إطلاق حزم تحفيزية اقتصادية، مثل الإعفاءات الضريبية، وتمويل بفائدة منخفضة، ودعم مالي مباشر، لبعض المؤسسات المتأثرة، وغيرها من الإجرءات، وتقديم قروض ميسرة للمشاريع، للمساعدة في تخطي الأثر الاقتصادي للجائحة بالإضاف إلى دعم مباشر للقطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم والخدمات الأساسية..
ومن ضمن الإجراءات كذلك تعزيز البنية التحتية الصحية، والتعليمية، بالاستثمار في البنية التحتية للقطاعين الصحي والتعليمي، بما في ذلك تحديث المستشفيات، والمرافق الطبية، وتوفير التقانة، لتحسين جودة التعليم عن بعد، وتسهيل الإجراءات، لجذب الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك إيجاد بعض التسهيلات الضريبية إلى جانب تعزيز التجارة الإلكترونية، والتسوق عبر الإنترنت، عن طريق تطوير البنية التحتية، للتجارة الإلكترونية، وتشجيع الشركات، والمؤسسات، لتقديم خدمات التسوق عبر الإنترنت، وتحفيز الابتكار، والريادة، من خلال تشجيع الابتكار، ودعم رواد الأعمال، وتوفير برامج تمويل، وتدريب، ومساحات عمل مشتركة، لتشجيع الابتكار وتطوير الأعمال الجديدة.
بعدها أكد معاليه بأن المؤشرات الاقتصادية، والمالية، للأداء الاقتصادي، تبين وتوضح تجاوز الاقتصاد العماني، مرحلة التعافي من الجائحة، إلى مرحلة النمو؛ حيث حقق الاقتصاد، معدلات نمو ملحوظة، تعززت بفعل تلك السياسات والإجراءات، ونتيجة لتحسن أسعار النفط.
مضيفا معالي الدكتور بأن الاقتصاد شهد خلال الفترة المنقضية، من خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021-2023م، تطورات إيجابية متسارعة، ومن بين تلك المؤشرات، تحقيق الاقتصاد العماني نموا بالأسعار الحقيقية خلال أول عامين من الخطة، بلغت نحو 2.6% و 9.6%، فيما يتوقع أن يستمر تحقيق معدلات نمو إيجابية، في الفترة المتبقية من الخطة الخمسية العاشرة.
وأضاف الصقري بأن الإجراءات الحكومية الاستباقية أسهمت في حماية الاقتصاد العماني من التضخم، والمحافظة عليه في حدود آمنة، بالرغم من الارتفاع الكبير الذي شهدته معدلات التضخم العالمية، والتي بلغت في المتوسط حوالي 6% في العام 2023، بينما لم يتجاوز معدل التضخم في سلطنة عمان 1% خلال نفس الفترة، وقد جاء ذلك نتيجة للسياسات المتخذة، للحد من ارتفاع الأسعار، وعلى رأسها توجيه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله-، لتثبيت سعر الوقود، ليكون وفقا لأسعار أكتوبر من العام 2021م كحد أعلى، وتوسيع عدد السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة. وتضمن بيان معاليه الإشارة إلى أن سوق العمل والتشغيل أحد أهم القضايا التي تتمحور حولها برامج ومستهدفات الخطة الخمسية العاشرة، والتي ركزت على توظيف المواطنين واستيعابهم، ويتم بذل العديد من الجهود من أجل زيادة عدد العمانيين العاملين في القطاع الخاص، سواء من خلال التدريب والتعليم بهدف زيادة مهاراتهم المطلوبة في القطاع الخاص، أو من خلال شروط توظيف مرنة. كما أشار البيان إلى ارتفاع إجمالي عدد المشتغلين من العمانيين خلال العام 2021 بنحو 21062 عاملا وفي العام الثاني من الخطة ارتفع إجمالي عدد المشتغلين من العمانيين بنحو 28029 عاملا متجاوزا المستدف السنوي المقدر في الخطة. وتناول بيان الوزارة جملة من البيات التفصيلية والمؤشرات الاقتصادية ، حيث أشار إلى تجاوز المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية لعام 2023م (1.1) مليار ريال عماني، كما ضم البيان توقعات بأن يتجاوز إجمالي الاستثمارات في سلطنة عُمان ما قيمته (4.5) مليار ريال عماني في عام 2023 موزعًا على النحو الآتي (1.1) مليار ريال عماني المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية، (1.5) مليار ريال عماني المصروفات الاستثمارية لشركة تنمية طاقة عُمان، (1.9) مليار ريال عماني الاستثمار المحلي لشركات جهاز الاستثمار العُماني، إضافة إلى استثمارات شركات القطاع الخاص (محلي وأجنبي). كما أشار البيان إلى بعض التحديات العملية التي تواجه التنويع الاقتصادي من بينها ضعف العلاقات التشابكية بين القطاعات، وضعف التركيز على التجمعات المتكاملة، وقلة الاعتماد على سلاسل القيمة في وضع الخطط والبرامج الاستراتيجية، وضعف تمويل مشاريع أنشطة التنويع الاقتصادي.
مناقشات أصحاب السعادة أعضاء المجلس
بعدها قدم أصحاب السعادة أعضاء المجلس عدد من الملاحظات والاستفسارات حول ما تضمنه بيان الوزارة من مؤشرات وبيانات، وقد تركزت على سياسات التحوط التي تعمل عليها الوزارة لتفادي أزمات اقتصادية حال هبوط أسعار النفط خاصة في ظل سيطرة عوائد النفط والغاز كالمصدر الأساسي والأول لميزانية الدولة.
وأكد أصحاب السعادة بأن النسب المستهدفة والموضوعة بالخطة الخمسية العاشرة لنمو ومساهمة القطاعات الاقتصادية الخمسة (قطاع الصناعات التحويلية، قطاع النقل واللوجستيات، قطاع السياحة، قطاع الثروة الزراعية، قطاع التعدين) والتي سُخر لها كافة الإمكانات. تعد نسب خجولة لا تتواءم مع ما هو مؤمل أن ترفد به هذه القطاعات الاقتصاد الوطني في تحريك قاطرة القطاعات الاقتصادية المنشودة للتنويع خلال خطط الخمسية الحالية والقادمة. وفي هذا الشأن تساءل أصحاب السعادة عن أسباب بطء نمو تلك القطاعات ونسب مساهمتها الخجولة في الناتج الإجمالي المحلي، والآليات والإجراءات والخطط التنفيذية المرسومة من الوزارة لتجاوز التحديات التي تعيق نمو مختلف القطاعات الاقتصادية.
وفي ذات السياق اقترح أصحاب السعادة بأن يتم التركيز على قطاع أو قطاعين اقتصاديين فقط ويعمل عليها بشكل دقيق ومتكامل خلال الخطة الخمسية الحادية عشر ويسخر لها كافة الإمكانات حتى تكون فاعلة ومساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والخدمية المرجوة منها. وعند وصولها للمستويات المأمولة يتم التوجه لقطاع أو قطاعين آخرين. موضحين بأنه لا يعني إهمال القطاعات الأخرى. وإنما يكون هنالك تركيز وجهد موجه لقطاع أو قطاعين فاعلين حتى اكتمالهما.
وإلحاقا على ما ورد في بيان معالي وزير الاقتصاد بشأن واقع سوق العمل العماني حيث شهد إجمالي عدد المشتغلين خلال العام 2022، ارتفاعا كبيرا بنحو (350) ألف عاملا، أو ما نسبته (16.2%)، الأمر الذي يفسره أداء النمو الاقتصادي غير المسبوق، الذي وصل إلى ما نسبته (9,6%) خلال عام 2022، وذهب جلها لصالح العمالة الوافدة وبواقع (322) ألف عاملا، أو ما نسبته (92.0%)، بينما ذهبت نسبة ( 8.0%) لصالح المشتغلين العمانيين وبواقع ( 28 ) ألف فرصة عمل وفي هذا الإطار ، استفسر أصحاب السعادة عن أسباب التراجع السنوي لنسب التعمين خلال الأعوام (2021-2023)، ودور وزارة الاقتصاد وبالتنسيق مع وزارة العمل وباقي الجهات المعنية لتصحيح مسار التعمين وتوفير الوظائف للعمانيين خلال الفترة القادمة. وفي هذا الجانب كذلك، تم الإشارة بأن أعداد الباحثين عن العمل في تزايد بنسبة ٣.٣٪ وفق المركز الوطني للإحصاء إلى جانب تزايد نسبة المسرحين من إجمالي السكان، مؤكدين بأن الأمر يتطلب استراتيجية واضحة ومدروسة للوقوف على زيادة أعداد الباحثين عن عمل والمسرحين. كما تم التأكيد على التوظيف بعيدًا عن العقود المؤقتة التي لا توفر الاستقرار الوظيفي للمواطن. وقد أوضح أصحاب السعادة بأنه حان الوقت لعمل خطة استراتيجية لإدارة الموارد البشرية في سلطنة عمان. وأشار أحد أصحاب السعادة أعضاء المجلس بأنه وفق رؤية عمان 2040 بشأن التنويع الاقتصادي ومساهمة القطاعات الاقتصادية المستهدفة في الناتج المحلي الإجمالي، أصبحت الكثير من الدول في هذا الإطار تستخدم موانئ متعددة الأغراض والتركيز أكثر على القطاع التجاري بزيادة معدلات النمو التجاري من هذه البوابات، متسائلا في هذا الجانب عن دور وزارة الاقتصاد لتشجيع توفير البنى الأساسية والأرصفة في موانئ الصيد المنتشرة على السواحل العمانية، وتعزيز التبادل التجاري وتوفير مساحات حتى يستفيد منه بشكل أكبر وبالأخص بأن عدد كبير من موانئ الصيد مهيأة في استخدامها لموانئ متعددة والأغراض (تجارية، صيد). وأكد أصحاب السعادة على الأهمية النسبية لتوزيع الاعتمادات الإنمائية على المستوى القطاعي: حيث يلاحظ بأن الصرف الكبير كان في قطاع البنى التحتية في معظم الخطط الخمسية وحتى آخر ثلاث سنوات من عمر الخطة الخمسية العاشرة، وهذا ساهم بدوره إلى عدم تحقيق عوائد مجزية لمداخيل المالية العامة، رغم وجاهة الصرف على البنية الأساسية، من حيث متطلبات التنمية وتحسين مناخ الاستثمار ولكن الموازنة من حيث موجهات التخطيط التنموي الحديث تستوجب التركيز على القطاعات الخدمية على وجه الخصوص نظرا لمستقبل مساهمتها المتوقع في تركيبة الناتج المحلي وتوسيع قاعدة مداخيل المالية العامة . وثمن أعضاء المجلس قيام الوزارة بالتجمعات الاقتصادية المتكاملة والتي تعتبر إحدى الحزم التي خرج بها البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي (تنويع)، والتي تضم كل من التجمع الاقتصادي المتكامل في منطقة شليم، والتجمع الاقتصادي المتكامل في محافظة الداخلية، والتجمع الاقتصادي لسلسة التبريد في ولاية الدقم، والتجمع الاقتصادي المتكامل بمنطقة النجد، والتجمع الاقتصادي المتكامل لصناعات الألمنيوم بولاية صحار. وقد طالب أصحاب السعادة معالي الوزير باستعراض تفاصيل الكلف والبرامج الزمنة لتنفيذ هذه المشاريع أو موافاة المجلس بها لاحقًا. واستفسر أصحاب السعادة عن مدى قدرة الجهات المعنية بالاستثمار في جذب التمويل الخارجي والاستثمارات الأجنبية سواء المباشرة أو غير المباشرة، لتعزيز النشاط الاستثماري ورفع مساهمته في الناتج المحلي عند حدوث الفجوات السالبة في الادخار. وتساءلوا عن دور جهاز الاستثمار في رفع كفاءة القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية، وموقف الوزارة تجاه خسائر بعض الشركات التابعة لجهاز الاستثمار وهي معول عليها أن تساهم في تحقيق ما نسبته (60%) من جملة الاستثمارات خلال فترة الخطة الخمسية العاشرة. وأفاد أصحاب السعادة عبر مداخلاتهم بأنه حسب التقرير السنوي لتنافسية عمان 2022م، نلاحظ أن هناك بعض المؤشرات التي تحتاج إلى جهد أكبر لرفع تصنيف السلطنة منها مؤشر (الأداء البيئي) و (مؤشر الحرية الاقتصادية)، فما خطة الوزارة لرفع تلك المؤشرات. كما تم الاستفسار عن أسباب تراجع ترتيب سلطنة عُمان في مؤشر “التعقيد الاقتصادي” الذي سجل تراجعًا بواقع 4 مراتب ليصل إلى 73 حسب تقرير عام 2022، وذلك من بين 134 دولة. واستفسر أصحاب السعادة عن أوجه التكامل بين مكاتب المحافظين ووزارة الاقتصاد في ظل تفاوت نسبة المشاريع الملتزم عليها في المحافظات، كما تم الاستفسار عن طبيعة وأسباب تدني أغلب المحافظات التي حققت نسبت صرف أقل من المتوسط السنوي المقدر ب (39.4%). من جابب آخر، أكد أعضاء المجلس على أهمية أن تنعكس مؤشرات ومعدلات النمو الاقتصادي التي تحدث عنها معالي الوزير على واقع الحياة الاجتماعية للمواطن مشيرًين لنسب تدني رواتب بعض الأسر العمانية. وفي إطار تعزيز بنية الأطر التشريعية في الجانب الاقتصادي اقترح أصحاب السعادة مراجعة قانون استثمار المال الأجنبي، وقانون التنمية الاقتصادية وقوانين اقتصادية أخرى. كما طالب أصحاب السعادة بمتابعة تنفيذ الخطط والاستراتيجيات الموضوعة ضمن الخطة الخمسية العاشرة. وتجدر الإشارة بأن بيان معالي وزير الاقتصاد اليوم يعد أول بيان وزاري يتم مناقشته خلال الفترة العاشرة ، وتعد مناقشة البيانات الوزارية أحد أدوات المتابعة المتاحة لأعضاء المجلس وفق المادة (69) من قانون مجلس عمان والتي تنص بأن: ” يقرر مجلس الشورى فـي بداية كل دور انعقاد سنوي برنامج البيانات الوزارية ومحاورها النقاشية التي ستقدم خلال الدور؛ بناء على اقتراح مشترك من مكتب المجلس ورؤساء اللجــــان الدائمــــة فـيـــه، وعلـــى رئيـــس المجلــس إبلاغ الحكومة بهذا البرنامج مع تحديد ما يجب أن يشتمل عليه كل بيان من عناصر ومحاور بحسب الموضوع أو القطاع الذي يختص به البيان”.