الدكتور ناصر بن محمد بن حمد العوفي – عضو لجنة دعم الأعضاء بجمعية الاجتماعيين العُمانية
اهتم علماء الاجتماع بالأسرة؛ فقد عرَّفها “كونت” بأنها الخلية الأولى للمجتمع، وعرَّفها “ماكيفر” وآخرون على أنها جماعة اجتماعية مكونة من أفراد في تفاعل متبادل. أما “بيرجس ولوك” فعرَّفا الأسرة على أنها مجموعة من الأشخاص يرتبطون معًا بروابط الزواج أو الدم أو التبني، ويعيشون تحت سقف واحد، ولكل شخص دور محدد، وتسعى هذه الأسرة للمحافظة على النمط الثقافي.
وقد حدد علماء الاجتماع مجموعة من الوظائف التي تُقدمها الأسرة للفرد والمجتمع، ولعل أهمها هي الوظيفة البيولوجية والمتعلقة بحماية النسل والجنس البشري؛ بالإضافة إلى الوظيفة الاجتماعية والتربوية والدينية والاقتصادية والترفيهية… إلخ كذلك لم يغفل علماء الاجتماع من متابعة التغيُّرات التي قد تحدث للأسرة، والتي ربما تؤدي إلى إضعاف دورها، أو إلى تفككها.
ونقصد بالعلاقات الأسرية هي العلاقات القائمة بين الزوج وزوجته والأب بأبنائه والأم بأفراد أسرتها، ولنا في رسول الله قدوة حسنة في العلاقة الأسرية حينما قال: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي)، وفي ظل الحياة العصرية وما واكبها من تغيُّرات أثرت على العلاقات الأسرية؛ أصبحت بعض العلاقات عبارة عن أجساد دون روح وصراخ دون حوار وقلوب جامدة كالصخر، وكلمات هامدة غير مؤثرة. فعلى سبيل المثال نرى ذلك الزوج الذي يطلق عبارات مُهينة تنقص من قدر زوجته أمام أبنائه؛ وكأنه يتعمَّد كسرها…نعم يكسرها من الداخل وأي كسر أعظم من كسر النفس، ونجد الزوج الذي يرفع صوته على زوجته في الأماكن العامة دون أن يراعي مشاعر وأحاسيس زوجته. وذلك الأب الذي يصب سخطه على زوجته عندما يخطئ أحد الأبناء؛ وكأن دور التربية مقتصر على الأم، والأب الذي يرسل الكلمات المدمرة إلى أبنائه أمام مجموعة من الناس، والتي تكسر شخصياتهم، والأم التي تضع المقارنات بين بناتها وبنات الآخرين ناعته لهن بالكسل والغباء، وما أبشع صور التعامل الأسري عندما يصل إلى الاعتداء الجسدي فيضرب الزوج زوجته أمام أبنائه أو تضرب الأم أبناءها أمام الآخرين، وصورة بشعة لرجل طلَّق زوجته في منتصف الليل، وأخذها ورمى بها أمام بيت أهلها دون احترام السنوات الماضية.
إن العلاقات الأسرية تحتاج إلى الحب والعشرة الجميلة القائمة على التفاهم والحوار؛ فما أجمل أن يُداعب الرجل زوجته بكلمات الحب الرقيقة، وما أروع أن يكون التقدير حاضرًا بين أفراد الأسرة وعبارات الشكر ملازمة، وأن يعي الزوج والزوجة أنه ليس هناك شخصية كاملة؛ فالنقص يكمل بالطيب والتفاهم والحوار وبالتجديد في نمط الحياة من خلال الزيارات العائلية والرحلات الأسرية واختيار الأوقات المناسبة لطرح المواضيع المحتاجة إلى المناقشة الأسرية، وصدق الله العظيم ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (سورة الروم: الآية 21).