مسقط. شؤون عمانية: صدر أخيرا عن دار ” الانتشار العربي ” ببيروت كتاب جديد للباحث العماني خالد الوهيبي بعنوان ” الجمع (الروائي/اللغوي بين الكتاب والتاريخ ) وسيكون متوفرا في معرض مسقط الدولي للكتاب القادم الذي يقام في الفترة من 21 فبراير إلى 3 مارس/ 2018.
وأوضح المؤلف ل” شؤون عمانية ” أن الفكرة الرئيسية لهذا المؤلَف هي في تناول الجمع اللغوي الذي دونته المعاجم؛ أن كلمات القرآن تنتمي إلى بيئتها الكونية، فالقرآن كتاب نُحت من مادة الكون، وهذا ما تدل عليه الآيات (حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الزخرف:3، الضمير في (جَعَلْنَاهُ) يعود على الكتاب المبين، أي جعلنا الكتاب المبين قرآناً عربياً، والكتاب المبين هو تمظهر لمفردات كونية مثل:
(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) هود:6
(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) الأنعام:59
وأضاف: القرآن جُعِل في كله وجزئه من الكتاب المبين، فكل حرف وكلمة فيه بمضمون كوني، مآلات كلمات القرآن أوسع من الدلالات اللصيقة بالأعراف الزمنية والإقليمية، الطبيعة الكونية السُننية للقرآن تعطي كلماته وحروفه مآلات بسعة السماوات والأرض وامتداد الآخرة، وهذا لن يتحقق طالما ظللنا نحدد سقف مآلات القرآن بالجمع اللغوي الملتصق بالمعرفة الزمنية.
فالكتاب هو تمظهر نهائي لتفاعل/تدافع آيات الكون بخصائصها السُننية، فتشمل آيات القرآن وآيات الكون، فآيات القرآن وآيات الكون يشكلان سياقاً واحداً هو الكتاب، وبناء على ذلك فإن التعقل الذي يمارسه الإنسان في قراءة آيات الكون جزء لا يتجزأ من الكتاب، وبهذه الرؤية نستطيع تجاوز عوائق:
– الرواية الكاذبة والأخرى المتشبعة بالثقافة الزمنية
– الجمع اللغوي ذي الطبيعة الزمنية/الإقليمية
– الآراء ذات الطبيعة الزمنية
وحول المحور الرئيس في هذا الكتاب قال الوهيبي: هو ضرورة فض الاشتباك بين الدين بوضعه الإلهي وآراء البشر في تفسيره، بعض الحركات المعاصرة ترفع شعار (الإسلام هو الحل)، ودساتير العديد من الدول العربية تنص على أن الشريعة الإسلامية أساس التشريع، لكن الإسلام والشريعة يقدمان مختلطين بآراء واجتهادات بشرية غالبها تاريخي، فالشريعة والتفسير البشري لها تقدم في سياق واحد عنوانه الشريعة، وعندما يقدم شرع الله بهذه الصورة تضطرب الحياة وتتشوه صورة الشريعة في الأذهان، وحذر القرآن أن يشرع أحد في الدين ما لم يأذن به الله، فمن الخطأ أن نعد آراءنا من جملة الشريعة، والصواب أنها تعقل وفقه، وهذا الذي يفهم من القرآن، فآيات الله خوطبنا بها كي نعقلها ونفقهها.
ورأى المؤلف أن اختبار التعامل مع الحداثة الغربية التي طبعت العالم بطابعها كان أكبر تحدٍ واجه الموروث التاريخي لحضارة المنطقة العربية، إذ ظل التفكير الجمعي يميل بقوة إلى التشبث بالماضي دون رغبة في مراجعته وتطويره، ومع حضور الاستعمار الغربي في معظم المنطقة نقل الكثير من ثقافته وأنماط حياته، وبعد رحيل الاستعمار عن المنطقة تمايزت أنماط التفكير والسلوك في المنطقة العربية إلى أنماط متعددة، وبناء عليه فعلى الجمع الروائي/اللغوي الذي لا يزال يعيش الماضي أن يستصحب رؤية كونية سُننية إن أراد استئناف دوره الحضاري، وهذه الرؤية السُننية تبدأ من أصغر مكونات اللسان العربي وهو الصوت/الحرف الذي يشكل الكلمات، فاللسان يشكل حدود العالم الذي نعيشه.