فاطمة بنت ناصر
لم تهنأ غزة على مدار التاريخ بهدوء تام أو سلام طويل، حتى بات أي خبر يتحدث عن الفرح أو الاحتفال في غزة ولو لوقت قصير محط أنظار العالم، وتتسابق الصحف لنشره.
وفي عام 1995 ، احتفل أهل غزة ببدء العام الجديد بعد انتهاء احتلال القطاع، ونشرت بعض الصحف أن غزة تحتفل أخيرا بعد حوالي 30 عاما، أي أن آخر موعد للاحتفال كان في عام 1965.
وقد تناولت جريدة الاتحاد هذه اللحظة الاستثنائية في مادة صحفية بعنوان: “غزة تحتفي كباقي الأمم برأس السنة”، وذلك في العدد الصادر بتاريخ 2 يناير 1995.
وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي كان يفرض حظر التجول يوم 30 يناير من كل عام ولمدة 3 أيام لمنع الفلسطينيين من الاحتفال كغيرهم من الشعوب، كما أن هذا اليوم يتزامن مع ذكرى تأسيس حركة فتح.
وتصف الصحيفة مشهد الاحتفال بشكل تفصيلي جميل، مبينة أنه في هذا اليوم توقفت طلقات نيران العدو المحتل لتحل مكانها طلقات نيران الاحتفال التي أطلقتها الشرطة الفلسطينية لمشاركة أهالي غزة فرحة العام الجديد، كما تم إطلاق الألعاب النارية في شوارع غزة وتوافد الناس إلى المطاعم و المقاهي للاحتفال، وأقيمت حفلات غنائية لفرق شعبية والتي عزفت أشهر الأغاني الأجنبية والعربية.
ويقول عاطف عكاشة أحد أعضاء فرقة السلام الشعبية في ذلك الوقت، إن الفرقة كانت وستظل تعزف الأناشيد الوطنية وأناشيد الانتفاضة، ولكن استقرار الشارع في غزة في هذا العام 1995 جعل الفرقة تبدأ عهدا جديدا في وجود السلطنة الفلسطينية وسيادة القانون، حيث للمرة الأولى تنضم امرأة للغناء في الفرقة.
ومن مظاهر الاحتفال أيضا، وضع السيارات ملصقات (عام سعيد) وازدحمت الشوارع في غزة لساعات متأخرة لأول مرة منذ 30 عاما.
ومن مظاهر الاحتفال أيضا، توافد الأهالي على مطعم السلام سعيد أبو حصيرة، وهو من أقدم المطاعم بغزة، ويقول صاحب المطعم إن الجمهور استمتع بالاستماع إلى فرقة فلسطينية أتت خصيصا من تونس، وقدمت مجموعة من الأغاني العربية والأجنبية، وكان الجميع من رجال ونساء يظهرون بمظهر أنيق جدا في تلك الليلة، ورغم ذلك لم يتقدم أي رجل أو امرأة للرقص، وقد خلت جميع الموائد من الكحول.
ويضيف صاحب المطعم : “من حقنا كفلسطينيين الاحتفال برأس السنة وللمرة الأولى منذ أكثر من 27 عاما من الاحتلال الإسرائيلي، نستطيع أن نحتفل بدون عقاب كباقي أفراد العالم وهذا أول احتفال في ظل السلطة الوطنية وتحت سيادة القانون، ومن حق الجميع الاحتفال بهذا اليوم، ونحن لا نقدم المشروبات الروحية ولا نفعل شيئا يخالف تعاليم الإسلام”.