نبيل بن محمد الهادي
تعيش المنطقة العربية والعالم أجمع في هذه الفترة حالة من عدم الاستقرار، بسبب الأحداث الجارية في قطاع غزة، حيث تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفًا مستمرًّا ومتواصلًا على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى هذه اللحظة، مدعومة من بعض الدول الغربية والشركات التابعة لها، وسقط خلال الحرب أكثر من 15 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، إذ ترقى هذه الأعمال إلى جرائم حرب وإبادة جماعية حسب القوانين الإنسانية.
هذه الأحداث لا تلقى إدانة واسعة فقط، بل تعكس أيضا تحديات كبيرة تواجهها هذه الشركات التي تمتد فروعها حول العالم بما في ذلك الدول العربية وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، نظرا للتطور والنمو المتسارع وجذب الاستثمارات والماركات العالمية.
لقد ألقت الأوضاع في غزة بظلالها على هذه الشركات، مما أدى إلى خسائر كبيرة في فروعها على مستوى العالم بسبب حملات المقاطعة والتعاطف العربي والإسلامي مع أهالي غزة، فحاولت التقليل من خسائرها وذلك بعمل تخفيضات وتقديم عروض على منتجاتها، وعلى الرغم من ذلك كله واجهت خسائر بالملايين واضطرت إلى تسريح موظفين وإغلاق بعض الفروع.
كما قامت بنشر بيانات تؤكد على عدم دعمها الكيان الصهيوني، بل قدمت المساعدات والإغاثة الإنسانية لأهالي غزة، إلا أن هذه المحاولات كلها لم تنجح في إيقاف المقاطعة الشعبية، حيث ظلت الشعوب صامدة في دعمها لإخوانهم في غزة وفلسطين المحتلة.
وفي المقابل ترتبت على هذه المقاطعة أيضا تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة بدأت تظهر ملامحها سواء داخليًّا أو خارجيًّا، فقد استمعت إلى لقاء مع النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان في إحدى الإذاعات في سلطنة عُمان حول اجتماع وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة عمان والاتحاد العام للعمال لمناقشة الأضرار الناجمة عن هذه المقاطعة اقتصاديًّا، وصُدمت بالأعداد الكبيرة من المسرّحين الذين كانوا يعملون في هذه الشركات حيث بلغت نحو 10 آلاف مواطن والعدد قابل للزيادة مما يثير تساؤلات حول مصير هؤلاء المواطنين والطرق السريعة والفعّالة لتفادي الآثار الاجتماعية عليهم وعلى أسرهم.
نتفق جميعا على أن حملة المقاطعة ضد الكيان الصهيوني ومن يدعمه لها نتائج إيجابية، مثل الضغط على صُنّاع القرار وتأثيره على اقتصاد الكيان الصهيوني على المدى القريب والبعيد، لكن يجب علينا أيضا النظر في الآثار الجانبية التي تترتب في الشأن الداخلي وعلى هذه الفئة المسرّحة والشركات المملوكة للعُمانيين بنسبة مائة بالمائة وتحمل العلامة التجارية، ومنتجاتها من الأسواق المحلية ومن الدول المجاورة حسب ما ذكره النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان في حديثه، والبحث عن طرق وحلول لتعويض المواطنين عن الخسائر التي لحقت بهم نتيجة المقاطعة، ودعمهم لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
وأخيرا أود طرح بعض الأسئلة: هل تمت دراسة نتائج هذه المقاطعة بشكل كاف، خاصة فيما يتعلق بتأثيرها على الشأن الداخلي؟ من الضروري أن تتوازن الأهداف السياسية والأخلاقية للمقاطعة مع الحاجة إلى حماية ودعم أبناء الوطن العاملين في هذه الشركات وتأثرهم بشكل مباشر.
ويجب علينا النظر بشمولية والأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب والتأثيرات المترتبة على هذه المقاطعة لضمان تحقيق العدالة والحفاظ على حقوق جميع الأطراف المعنية في الوطن.