زكريا بن عامر بن سليمان الهميمي
:تمهيد
تناول الجزء الأول عددا من الموضوعات ذات العلاقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية من زاويتين اثنتين، حيث تناولت الزاوية الأولى مفاهيم الإدمان، والمخدرات، والمؤثرات العقلية، و تناولت الزاوية الثانية العوامل المسببة للمخدرات و المؤثرات العقلية، وتتناول هذه الصفحات في الجزء الثاني منها زاوية الآثار السلبية الناتجة عن المخدرات والمؤثرات العقلية، وزاوية حلول ومقترحات عملية للحد من ظواهر تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية نحو وعي فردي و جمعي.
* الزاوية الثالثة: الأضرار السلبية للمخدرات والمؤثرات العقلية:
لا شك بأن تعاطي وإدمان وانتاج وصنع و زراعة وحيازة وتهريب ونقل المخدرات والمؤثرات العقلية بمختلف أنواعها تترتب عليه الكثير من الأضرار والنتائج السلبية الخطيرة سواء على صعيد الفرد، أو الأسرة، وعلى صعيد المجتمع والوطن، ومن بين تلك النتائج السلبية الخطيرة للمخدرات والمؤثرات العقلية نذكر الآتي:
1. الأضرار الناتجة عن المخدرات والمؤثرات العقلية على الواجبات و القيم الدينية:
تعاطي و إدمان المخدرات والمؤثرات العقلية يؤثر على العقل الذي هو مناط التكليف الديني، وهذا بدوره يؤثر سلبا على أداء الشعائر التعبدية، مما يدفع بالفرد المتعاطي أو المدمن لترك الفروض والواجبات الدينية، كما أن الأمراض العضوية والاضطرابات النفسية والسلوكية التي تصيب المتعاطي أو المدمن على المخدرات والمؤثرات العقلية تؤثر سلبا على حسن أداءه للعبادات والواجبات والفروض الدينية، كما يعد تعاطي وإدمان المخدرات انتهاكا واضحا للمحرمات الدينية التي تحل الطيبات وتحرم الخبائث، وتحرم إلقاء النفس البشرية للتهلكة، كما أن تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية الناتج عن ضعف الوازع الديني في النفس يعد تعديا صارخا على المثل والقيم الأخلاقية الدينية النبيلة التي تهدف لحفظ الكليات الخمس وهي: حفظ الدين، و النفس، والعقل، والمال، والنسب.
2. الأضرار الأخلاقية والسلوكية الناتجة عن المخدرات والمؤثرات العقلية:
يؤدي تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية إلى انحرافات أخلاقية وسلوكية شاذة عن الفطرة السليمة، و بعيدة عن القيم الأخلاقية الإنسانية والذوق العام، والآداب والقيم الدينية الأخلاقية، والأعراف والتقاليد المجتمعية النبيلة، ومنها ممارسة الرذائل والفواحش والجرائم الأخلاقية علنا وفي الأماكن العامة.
3. الأضرار الأسرية الناتجة عن المخدرات و المؤثرات العقلية:
إدمان رب الأسرة على المخدرات والمؤثرات العقلية وتقصيره في حقوق و واجبات أسرته التربوية والمالية يؤدي بالزوجة إلى طلب الطلاق، وذلك يؤدي إلى تشتت وتفكك كيان الأسرة وما يصاحب ذلك من انقطاع العلاقات والأواصر العاطفية بين الأبوين وبين الأبناء، كما أن شيوع تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية بين أفراد الأسرة يؤدي إلى العنف الأسري وغياب دور الرقابة والمتابعة للأبناء، مع ازدياد معدل المشاكل المالية والاقتصادية على الأسرة من خلال انخفاض انتاجية رب الأسرة الذي يلقي بظلاله السلبية على الحالة المادية للأسرة، مما يصيب كيان الأسرة بالصدمات الاقتصادية والتصدعات الأسرية والاضطرابات النفسية والسلوكية.
4- الأضرار الاجتماعية الناتجة عن المخدرات والمؤثرات العقلية:
تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية يؤدي إلى خلل في العلاقات الاجتماعية، حيث تضعف العلاقات الاجتماعية لمتعاطي ومدمن المخدرات والمؤثرات العقلية بالمجتمع المحيط به، حيث يميل المتعاطي أو المدمن إلى العزلة الاجتماعية، كما قد ينفر منه أفراد المجتمع السوي، ناهيك عن حالات التفكك الاجتماعي التي يسببها تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية.
5. الأضرار الاقتصادية الناتجة عن المخدرات و المؤثرات العقلية:
إن تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية يسبب الكثير من المشاكل الاقتصادية والمالية للفرد والأسرة والمجتمع، فالفرد المتعاطي أو المدمن قد ينفق جل أو كل دخل وظيفته أو عمله على شراء المخدرات والمؤثرات العقلية، كما قد يقصر في مسؤولياته وواجباته في وظيفته ومصدر دخله وقد يؤدي ذلك إلى فقدانه لعمله، كما يؤدي تعاطي وإدمان المخدرات إلى انخفاض دخل الأسرة، فرب الأسرة الذي يتعاطى تلك المواد ينفق على تعاطيها الأموال الطائلة فيترك أسرته في حالة فقر مدقع، و يترك أسرته عالة على الغير تتكفف وتسأل وتتسول الناس نتيجة تخلي رب الأسرة المتعاطي لتلك المواد عن مسؤولياته وواجباته الأخلاقية و التربوية تجاه أسرته، كذلك فإن تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية يؤدي إلى انخفاض وضعف الإنتاجية الاقتصادية في المجتمع، حيث أن تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية يؤثر سلبا على إنتاجية الفرد العامل في مختلف أماكن العمل ومصانع الإنتاج، فيؤدي ذلك إلى بطء وتأخر العملية الاقتصادية والانتاجية المجتمع، ويؤدي ذلك أيضا إلى شيوع الفقر في المجتمع نتيجة تبذير المال في تعاطي تلك المواد، إضافة إلى ذلك فإن استغلال مساحات زراعية شاسعة في زراعة المخدرات يقلل من فرص زراعة المحاصيل الزراعية الاستراتيجية أو الحقلية وغيرها من الزراعات النافعة لاقتصاد المجتمع.
6. الأضرار الصحية الناتجة عن المخدرات و المؤثرات العقلية:
لقد ثبت علميا وطبيا من خلال الكثير من الدراسات العلمية المحكمة أن المخدرات والمؤثرات العقلية سبب رئيس للإصابة بالكثير من العلل والأمراض المستعصية والخبيثة، والإصابة بالاضطرابات النفسية والسلوكية والعقلية، وارتفاع معدل الوفيات في سن مبكر جراء إدمان المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أن الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية سبب في الضغط على خدمات القطاع الصحي، واستنزاف موارد وميزانيات الدول المالية المخصصة للخدمات الصحية والعلاجية.
7. أضرار المخدرات والمؤثرات العقلية على الأمن:
تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية سبب في شيوع الجريمة في المجتمع من خلال تأثيرها على الأمن العام، حيث يفقد المتعاطي أو المدمن العقل والحس والإدراك والوعي مما يؤدي بالفرد إلى ارتكاب الكثير من الجرائم الجنائية كجرائم الانتحار، والقتل، والاغتصاب، وجرائم تخريب الممتلكات العامة والخاصة، وجرائم الآداب العامة، والجرائم المالية حيث يعمد المتعاطي والمدمن على تلك المواد للسرقة، و النصب والاحتيال من أجل الحصول على المال اللازم لشراء تلك المواد، إضافة إلى ارتكاب جرائم التهريب والترويج والاتجار غير القانوني للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، كما أن الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية قد تؤدي إلى ارتكاب الجرائم والحوادث الخطرة و المميتة، كحوادث المرور ومنها قيادة المتعاطي أو المدمن المركبات بسرعة جنونية قاتلة، أو الوقوع في حوادث الغرق في برك السباحة، والسقوط من الأماكن المرتفعة.
وإضافة إلى ذلك فإن تعاطي وإدمان وانتاج وصنع و زراعة وحيازة وتهريب ونقل وتجارة المخدرات والمؤثرات العقلية يهدد الأمن الوطني للدول، فالإتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية قد يكون مرتبطا بعصابات وشبكات إجرامية دولية، ترتبط بالجريمة المنظمة والعابرة للحدود والقارات، وبعمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي تهدد الأمن الوطني والقومي لتلك الدول، لذا تلجأ الكثير من الدول إلى ربط مؤسسات مكافحة الاتجار وتهريب تلك المواد بقوانين ومؤسسات الأمن الوطني والقومي، وتعد سلطنة عمان مثالا حيا على ذلك، ” فقد صدر المرسـوم السـلطاني رقـم 24/ 2023 م في شأن تعديل بعض أحكام قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وقضى بتغيير اسم اللجنة السابقة لتصبح (اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية)، بالإضافة إلى نقل تبعيتها إلى مجلس الأمن الوطني، ويقوم مجلس الأمن الوطني بإصدار قرار بتسمية أعضائها، وتحديد اختصاصاتها، وآلية عملها”(1).
* الزاوية الرابعة: حلول ومقترحات للحد من ظاهرة المخدرات والمؤثرات العقلية نحو وعي فردي و جمعي:
بعد أن تعرفنا على عدد من الأسباب والدوافع التي تدعوا بعض أفراد المجتمع لسلوك تعاطي وإدمان وانتاج وصنع و زراعة وحيازة وتهريب ونقل وتجارة المخدرات والمؤثرات العقلية، نستنتج من تلكم الأسباب عددا من المقترحات كحلول عملية للوقاية والمكافحة من أجل مجتمع واع و خال من المخدرات، ونقسم تلك المقترحات والحلول إلى أربعة أقسام رئيسة هي: دور الفرد في الوقاية و مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية، و دور الأسرة في الوقاية و مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، و دور المجتمع في الوقاية و مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية، ودور الدولة في الوقاية و مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
*أولا: دور الفرد في مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية:
تقع المسؤولية الأولى في الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية في المقام الأول على الفرد، فهو خط الدفاع الأول في مواجهة عالم المخدرات والمؤثرات العقلية بناء على مبدأ التخطيط الاستراتيجي الشخصي، لذا يجب على الفرد لكي يقي نفسه من الوقوع في المخدرات والمؤثرات العقلية التالي:
1- تنمية الوازع الديني: فالتدين هو فطرة بشرية في النفس من حيث الأصل لكن يجب تنميته من خلال تزكية النفس دينيا، وشغلها بمختلف العبادات والأعمال الصالحة والنافعة بغرض الوصول للوعي الديني، و مراقبة الله عز وجل الدائمة في السر والعلن، والمراقبة والمحاسبة الذاتية للنفس بغرض الإصلاح، فالالتزام الديني هو أحد الأسباب التي تقي الفرد من الوقوع في معاصي وآثام المخدرات والمؤثرات العقلية.
2- تنمية القيم الأخلاقية: فالالتزام بالقيم والمعايير الأخلاقية السامية النبيلة ومنها قيمة الحفاظ على النفس، وعدم الاعتداء على الآخرين ظلما وعدوانا، وقيمة ضبط النفس و ترويضها على الالتزام الأخلاقي، واليقظة الأخلاقية المستمرة والدائمة تساهم في عدم الوقوع في براثن المخدرات والمؤثرات العقلية.
3- تنمية الثقافة والمعرفة العلمية المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية: فالقراءة والاطلاع المستمر في مجال الآثار السلبية ومخاطر الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية وعلاقتهما بسلوك الفرد وعلاقاته الاجتماعية مع بيئته المحيطة به ينمي في الفرد ملكة الوعي الذاتي من خلال الاستبصار والإدراك المعرفي بالعواقب الوخيمة للمخدرات والمؤثرات العقلية، مما يجعل الفرد مثقفا ومتعلما وبصيرا في هذا المجال، كما يبرز في هذا المجال دور المؤسسات التعليمية كالمدارس والمعاهد والجامعات في تثقيف الفرد المتعلم بأخطار المخدرات والمؤثرات العقلية.
4- تطوير المهارات الحياتية في التعامل مع الضغوط والأزمات: فعلى الفرد إدارة الضغوط والأزمات التي قد تواجهه كالضغط النفسي والتوتر والقلق والاكتئاب بإيجابية وبطرق صحية بدلا من الانسحاب السلبي لعالم المخدرات والمؤثرات العقلية، مع اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، و ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وتطوير علاقات اجتماعية ايجابية، فتنمية وتطوير مهارات حياة ايجابية من أجل التعامل مع الصدمات والضغوطات والأزمات تساهم في الحد من الوقوع أو الانسحاب لعالم المخدرات والمؤثرات العقلية .
5- شغل وقت الفراغ بالمفيد: فالنفس إذا لم تشغلها بالمفيد شغلتك بالضار، فممارسة الهوايات والرياضات المفيدة و الأنشطة الاجتماعية الايجابية، والقضاء على الشعور بالملل بطرق ايجابية تساهم في الابتعاد عن العادات الضارة ومنها عادة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.
6- الابتعاد عن أقران السوء والمدمنين ومصادر المخدرات والمؤثرات العقلية: فعلى الفرد تعلم كيفية اختيار الاصدقاء الايجابيين، والابتعاد عن تكوين علاقات صداقة اجتماعية سلبية مع المتعاطين أو المدمنين، مع ضرورة الابتعاد عن مصادر المخدرات والمؤثرات العقلية، و الابتعاد عن مصادر الاعلانات والمواقع الالكترونية المغرضة المروجة لها كفيل بابتعاد الفرد عن الغزو الفكري المبرمج لمروجي المخدرات والمؤثرات العقلية.
7- المبادرة بالعلاج: فعلى الفرد الذي وقع في تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية المبادرة بنفسه لطلب العلاج في مراحله الأولى، وعدم التسويف في طلب المساعدة الطبية، ولقد كفلت الكثير من القوانين والتشريعات الأمان للفرد وعدم محاسبته في حال لجوئه بنفسه للعلاج، ويندرج ضمن العلاج في هذا الجانب علاج الاضطرابات النفسية التي يعانيها الفرد كالقلق و التوتر والاكتئاب التي تعد من الأسباب التي تؤدي بالفرد للوقوع في عالم تعاطي وإدمان المخدرات والمؤثرات العقلية.
*ثانيا: دور الأسرة في مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية:
تعد الأسرة من الركائز المهمة في الوقاية والعلاج من تأثيرات المخدرات والمؤثرات العقلية، ونلخص دور الأسرة في هذا الجانب في التالي:
1- حل المشاكل الزوجية والأسرية: فحل المشاكل الزوجية و الأسرية بالحوار البناء والنقاش الهادئ يؤدي إلى توافق وتآلف بين أعضاء الأسرة، ويقوي العلاقات بين أفرادها، مما يجعل الفرد قادرا على التعبير عن مشكلاته بطريقة ايجابية بعيدا عن الانسحاب إلى عالم المخدرات والمؤثرات العقلية.
2- تنمية مهارات التواصل الأسري: فمهارات الاتصال الفعال بين أفراد الأسرة تجعل الفرد قادرا على التعبير عن انفعالاته بإيجابية، واتباع أساليب الموعظة الحسنة، والقصة المشوقة، والحوار الهادئ، والمناقشة البناءة، والاستماع الجيد، وتبني أساليب الاقناع وبث الوعي بين أفراد الأسرة وتعزيز الثقة كلها أدوات تقوي العلاقات الأسرية وقد تساعد على الحد من نسبة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع، ولا ضير في طلب الأسرة المساعدة من المتخصصين في مجال الاستشارات الأسرية في كيفية التعامل مع حالات التعاطي والإدمان في حال وقوع أحد أفراد الأسرة في المخدرات والمؤثرات العقلية.
3- القدوة الأسرية: فالقدوة الطيبة الحسنة خاصة من الأب والأم والإخوة الكبار في الابتعاد عن المخدرات والمؤثرات العقلية تؤدي الى ابتعاد الأبناء عن أخطار المخدرات والمؤثرات العقلية بسبب قوة مبدأ تقليد الصغار للكبار في هذا الجانب.
4- الرقابة الأسرية: فمتابعة الأبناء بشكل مستمر، ومتابعة علاقاتهم مع الأصدقاء والمجتمع المحيط بهم، وتلمس احتياجاتهم المادية و العاطفية والنفسية بشكل دائم، وفرض رقابة أسرية عليهم مع نشر الوعي بينهم حول أخطار المخدرات والمؤثرات العقلية يساهم في الحد من الوقوع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
5- مبادرة الأسرة في طلب العلاج : فمبادرة الأسرة بالإبلاغ عن حالة تعاطي أحد أبنائها، وطلب الأسرة للعلاج والتدخل المبكر مع متابعة المتعاطي أو المدمن للعلاج داخل الأسرة بتوفير جو أسري ايجابي يساهم في التشافي والتعافي من المخدرات والمؤثرات العقلية، كما أن مبادرة الأسرة في علاج أي اضطراب نفسي لدى أحد أفرادها من خلال الذهاب للمختصين في مجال الطب النفسي والسلوكي وعدم اعتبار الاضطرابات النفسية والسلوكية وصمة عار مجتمعية يقي أفراد الأسرة من الوقوع والانسحاب لعالم المخدرات والمؤثرات العقلية.
*ثالثا: دور المجتمع في مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية:
للمجتمع خاصة منظمات المجتمع المدني كقطاع أهلي دور كبير في توعية المجتمع حول شرور ومخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية، ونشر ثقافة علاج مدمني المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع، ونلخص دور المجتمع في هذا الجانب في التالي:
1- عمل حملات توعوية للحد والوقاية من تعاطي وادمان المخدرات والمؤثرات العقلية: فحملات التوعية المنظمة بمختلف أنواعها كالحملات الدينية، والحملات التثقيفية الموجهة خاصة لفئة المراهقين والشباب حول أضرار المخدرات والمؤثرات العقلية تبصر المجتمع و تنمي فيه الوعي الجمعي للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية.
2- إنشاء جمعية أهلية خاصة لمكافحة الادمان على المخدرات والمؤثرات العقلية: فمثل هذا النوع من الجمعيات القائمة على جهود أهلية تساهم في نشر ثقافة الوعي بأخطار المخدرات والمؤثرات العقلية على المجتمع من خلال ما تقدمه من ورش و دورات متخصصة وبرامج تعنى بمجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
3- إنشاء مصحات وأماكن تأهيل صحية واجتماعية أهلية متخصصة في المخدرات والمؤثرات العقلية: فمثل تلك المصحات ودور التعافي الأهلية القائمة على العمل الخيري والتطوعي تتكامل مع الجهات الحكومية في تقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية فيمن وقع في براثن التعاطي والإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية.
*رابعا: دور الدولة في مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية:
لكي تتكامل الجهود الفردية والأسرية والأهلية في مكافحة ومحاربة المخدرات والمؤثرات العقلية لابد من وجود دور مهم للدولة ككيان سياسي وسلطة تشريعية وفقا لمبدأ التخطيط الاستراتيجي المؤسسي في هذا الجانب، ويتمثل دور الدولة في مكافحة المخدرات والمؤثرات في التالي:
1- وضع استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية: حيث تحدد هذه الاستراتيجية عددا من الأهداف والبرامج والخطط والسياسات والمشاريع الاستراتيجية الشاملة قصيرة وبعيدة المدى المبنية على أسس علمية وخطوات منظمة واضحة وقابلة للتنفيذ للحد من المخدرات والمؤثرات العقلية على صعيد الدولة.
2- وضع برامج وطنية متكاملة للوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية: حيث تشمل هذه البرامج برامج التوعية والتأهيل والدمج الاجتماعي وبرامج التعافي من الإدمان، ويرامج التدريب وغيرها من البرامج الوطنية ذات العلاقة بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
3- إنشاء مركز وطني يعنى بمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية: فمثل هذه المراكز التخصصية ذات الإطار المؤسسي قادرة على التعامل مع كل ما يستجد في عالم المخدرات والمؤثرات العقلية من معرفة، وتساهم في عملية تدريب الكوادر الوطنية في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تدريبا احترافيا وعمليا خاصة الكوادر الصحية والدينية والأمنية، إضافة لدور المركز في تشجيع البحث العلمي في مجال المخدرات والمؤثرات العقلية، من خلال عمل بحوث ودراسات كمية ونوعية وذات طابع احصائي دقيق يساهم في الحد من أخطار المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع.
4- إنشاء المستشفيات ومراكز التعافي من المخدرات والمؤثرات العقلية: فإنشاء الدولة للمستشفيات والمصحات والمراكز المتخصصة في علاج حالات التعاطي والإدمان تعد جزءا من مسؤوليتها الوطنية الرسمية تجاه المواطنين للحد من الآثار السلبية للمخدرات والمؤثرات العقلية.
5- تطوير وتحديث منظومة التشريعات والقوانين المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية: حيث أن تطوير وتحديث التشريعات والقوانين بشكل مستمر يضمن قدرة تلك التشريعات والقوانين على التصدي لعالم المخدرات والمؤثرات العقلية الذي يتسم بالتغير السريع في عالم الجريمة وتنوع أساليب وطرق حيازة و تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية.
6- إحكام الرقابة على المخدرات و المؤثرات العقلية: حيث يجب على السلطات الحكومية متابعة ومراقبة الأدوية التي قد تؤدي إلى الإدمان في المستشفيات والصيدليات، وفرض رقابة صارمة على المنافذ البرية والبحرية والجوية لمنع تهريب وتجارة المخدرات والمؤثرات العقلية صمن خطط المكافحة الأمنية والرقابة الدوائية.
7- التعاون الدولي في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية: حيث أن انضمام الدولة للاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتعاونها مع باقي الدول يساهم في الحد من ظواهر تجارة وتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية، مع تبادل الخبرات والتجارب بين الدول في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
8- إنشاء مرافق ترفيهية ورياضية وثقافية: فمثل هذه المرافق كالأندية والمراكز الثقافية كبنية أساسية ذات الفعاليات والأنشطة النافعة والمفيدة تشغل وقت فراغ الشباب بالمفيد وتبعد عنهم السأم والملل، وتسخر طاقاتهم وملكاتهم فيما ينفعهم ويبعدهم عن عالم المخدرات والمؤثرات العقلية.
*الخاتمة:
حاولت هذه المقالة تناول موضوع المخدرات والمؤثرات العقلية من عدة زوايا بغرض نشر الوعي الفردي والجمعي حول هذا الجانب، بغية الحد من الآثار السلبية للمخدرات والمؤثرات العقلية، مع حاجة هذا الموضوع لمزيد من البحث والتحليل والدراسة.
*الهوامش:
1- أنظر نص المرسوم السلطاني في: موقع قانون على الرابط:
(https://qanoon.om/p/2023/rd2023024/).
* المراجع: (الجزء الأول والثاني).
*أولا: الكتب المطبوعة:
1- الحارثي، د. عبدالله بن علي بن حمد، المخدرات وأثر عقوبة الإعدام
عليها، ( مسقط: ط1، 1424/2003م).
2- المهندي، د. خالد حمد، المخدرات وآثارها النفسية و الاجتماعية
والاقتصادية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، (الدوحة:
وحدة الدراسات والبحوث بمركز المعلومات الجنائية لمكافحة
المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ط1، 2013م).
3- مجموعة من الباحثين، دليل الوالدين في الوقاية من المخدرات،
(الإمارات: وزارة الداخلية، الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية،
الإصدار الأول، 2021م).
*ثانيا: الروابط الالكترونية في شبكة المعلومات العالمية ( الانترنت ):
1- موقع الجمعية الأمريكية لطب الإدمان على الرابط:
( https://www.asam.org/quality-care/definition-of-addiction)
2- ( https://nrc.gov.ae/ar/wha
t-are-psychoactive-substances)
3- موقع قانون، على الرابط:
https://qanoon.om/p/)1999/l1999017/)