رأي شؤون عُمانية
تأتي التوجيهات السامية التي تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأسداها أثناء ترؤس جلالته اجتماع مجلس الوزراء الموقر، لتجدد التأكيد على حرص العاهل المفدى على تحقيق التنمية المستدامة التي يكون الإنسان غايتها الرئيسية من خلال مراعاة عدم مساس خطوات تحقيق التنمية بإحتياجاته الأساسية ومسارات حياته اليومية.
فمع اليقين بأن تنظيم قطاع الطاقة أحد المتطلبات الأساسية للمضي قدما في الاستدامة المالية، جاءت اللفتة الطيبة من لدن جلالته لتخفف الأعباء عن كاهل قطاع كبير من المواطنين المتخوفين من التصاعد الطردي لفواتير الكهرباء مع ارتفاع حرارة الصيف، وذلك باستمرار تطبيق نسبة تخفيض بمقدار 15% من إجمالي قيمة الفاتورة لجميع المشتركين بفئة المساكن الذين يملكون حسابين أو أقل، خلال أشهر الصيف من شهر مايو إلى نهاية شهر أغسطس 2023م.
كما يتجلى الحرص السامي على مراعاة المواطن في متابعة أوضاعه في بعض القرى بالمحافظات لضمان توفير وحدات سكنية قريبة من الخدمات العامة وزيادة المخصصات المالية لبرنامج المساعدات السكنية لدى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بمبلغ 26 مليونًا و400 ألف ريال عُماني، للسنوات المتبقية من الخطة الخمسية العاشرة، لإنشاء وحدات سكنية لأهالي بعض القرى البعيدة أو نقلهم من أماكن سكناهم المتأثرة إلى أماكن آمنة، أو توصيل بعض الخدمات العامة إليها أو إنشاء مشاريع خدمية فيها.
كذلك فإن تمديد صرف منفعة الأمان الوظيفي للمواطنين المنهاة خدماتهم من القطاع الخاص، حتى نهاية شهر ديسمبر 2023م، يراعي ظروف هذه الفئة التي وجدت نفسها تحت وطئة ظروف لا يد لهم فيها وتستحق دخلا يكفل مستوى لائقاً من العيش الكريم.
ويضاف إلى ذلك تحقيق الاستدامة في الأمن الغذائي واستقرار المخـزون الإستراتيجي للسـلع الأساسية من خلال اعتماد خطة دعم إنتاج القمح المحلي بـ5 ملايين ريال عُماني حتى عام 2027م ، وتخصيص أراض بالانتفاع في بعض المحافظات لزراعته.
أما إقرار مجلس الوزراء إنشاء مركز وطني لصحة المرأة والطفل بمدينة السلطان هيثم، يُعنى بتوفير الرعاية الصحية لهم وبما يتوافق مع أعلى المستويات العالمية ليكون مرجعاً علميًّا وبحثيًّا وعلاجيًّا في سلطنة عُمان، فإنه يلبي احتياجات الجيل الحالي ويشكل ضمانة لنشوء الأجيال القادمة على أساس من الرعاية الصحية المبكرة.
وفي ما يخص استدامة التنمية وما يتطلبه ذلك من استكمال منظومة التغطية التمويلية والاستثمارية، جاء التوجيه السامي بإطلاق (صندوق عُمان المستقبل) ورأس ماله ملياري ريال عُماني لتعزيز النشاط الاقتصادي، وتشجيع القطاع الخاص للدخول في شراكات أو تمويل مشاريع الاستثمارات المجدية في قطاعات التنويع الاقتصادي مع تخصيص نسبة من رأس مال الصندوق لتحفيز منظومة الاستثمار الجريء في الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، وهو مؤشر لجاهزية سلطنة عمان وإعلان للمجتمع الإستثماري بإختيارها وجهة آمنة مستدامة. وتتكامل جهود الصندوق مع جهود تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث وافق مجلـس الـوزراء على استثناء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من بعض الرسوم المحددة من قبل مجلس المناقصات.
ولأن الخطط الطموحة والرؤى المستقبلية لا يحققها إلا الكفاءات الوطنية جاء إقرار تعزيز برنامج الابتعاث الخارجي للأعوام (2023 ـ 2027م) بإستحداث برنامج يستهدف إعداد خريجين قادرين على القيام بأدوار ريادية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ليعمل على رفد الخطط بكوادر متسلحة بالتخصصات النوعية للمستقبل وذلك جنبا إلى جنب مع تمكين مؤسسات التعليم العالي الخاصة من خلال تمليكها الأراضي الممنوحة لها، وإعفائها من الرسوم المترتبة على ذلك.
ويبقى تكامل هذه التوجيهات السامية مع الحرص الذي يوليه جلالة العاهل المفدى لمستقبل الوطن والمواطن هو الضمانة الرئيسية لتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة.