بدر بن سالم العبري
اطّلعت على مقالة “الزّيديّة مذهب اليمن المعلوم”، للأستاذ الحبيب سالم المشهور، والمنشورة في جريدة عُمان، وهي تعقيب ونقد لمقالتي المنشورة في ذات الجريدة بعنوان: “الزّيديّة مذهب اليمن المجهول” وإنّي لأشكره ابتداء على النّقد، وهي حالة صحيّة جدّا، كما أهنئ جريدة عُمان على فتح هذه المساحات من التّدافع الفكريّ، والّذي رأينا اتّساع حريّته مؤخرا، ولا شك استمرار ذلك يولّد مقالات تدافعيّة لها عمقها الفكريّ والنّقديّ.
وبقدر سعادتي لمقالة أستاذي الحبيب سالم، وهو قامة معرفيّة ووحدويّة، كتبتُ عن شخصه الكريم، ودوره الوحدوي والمعرفيّ في كتابي “التّعارف: معرفة بالّذات وتعرّف على الآخر”، إلّا أنني وجدت في مقاله بعض اللّبس والمغالطات المعرفيّة والمنهجيّة الّتي كانت عن تعجل، وقبل الحديث حولها لي نقطتان: الأولى أشار الباحث إشارة ضمنيّة من خلال عنوان مقالته المعلوم بدل المجهول إذ يقول: “وكأنّ المذهب الزّيديّ جماعة سريّة باطنيّة لا يعرف حقيقتها إلّا من خلال الأحاديث المسربة”، وهناك فارق بين كبير بين المجهول والباطنيّ، ولعلّه لا يقصد ذلك، ولكن الإشارات الضّمنيّة تفيد ذلك، فليس كلّ مجهول هو باطنيّ، ولا يعني كون المذهب باطنيّا ليس معلوما، خصوصا في عالم اليوم، فالعديد مثلا في الوطن العربيّ يجهلون المذهب الإباضيّ، وبعضهم لا يعرف حتّى نطقه، فلا يعني أنّه مذهب باطنيّ، وبيّنت في المقالة سبب ذلك فليرجع إليها.
ثانيا ذكر عدم رجوعي إلى كتب الزّيديّة مع أني أشرت في المقالة إلى كتابي الجديد “منِ الزّيديّة” وهو لقاءات مع باحثين ثلاثة كبار من الأخوة الزّيديّة، وليسوا كما يشير الحبيب ضمنا “نقل من مقالات الصّحفيين”، وهؤلاء أفنوا أعمارهم في تحقيق كتب المذهب، ولهم تحقيقهم ومقالاتهم وكتبهم البحثيّة، وهم الباحث أبو الحسن مجد الدّين بن الحسن المؤيّديّ، من مشايخ الزّيديّة بنجران، ولقاؤنا معه عام 2012م نشر في كتاب الكترونيّ في اليمن، كما للكاتب مؤلفات ومباحث وتحقيقات منتشرة لا تخفى، والثّاني الباحث والمحقّق محمّد يحيى عزّان، من مفكري وكتّاب الزّيديّة باليمن، له تحقيقات وتآليف كثيرة، والثّالث السّيد الدّكتور زيد بن العلّامة علي الفضيل شرف الدّين، وهو من السّعوديين من الزّيديّة الباحثين والمحقّقين في الفكر الزّيديّ، على أنني رجعت في المقالة إلى بحثه القيّم الزّيديّة: علامات وأفكار (الخصائص الفكريّة والمؤثرات الثّقافيّة)، وهو مليء بمراجع أصول الزّيديّة، وقد أشرت إلى ذلك أسفل المقالة.
ولطبيعة المقالات الصّحفيّة لا تتحمل كثرة الاقتباسات، على أنّ الكاتب وقع فيما عابني فيه، فبعض النّقاط كانت انطباعيّة منه غير موثقة، وبعضها مصادر غير زيديّة كالمسعوديّ وهو شافعيّ المذهب، وقيل إماميّ، على أنّ أيضا الاقتباس من مصدر واحد لا يكفي، فيحتاج إلى تتبع ومقارنة، ولهذا ارتأيت في التّعرف على المذاهب والأديان الجلوس مع باحثيهم لأجل الخلاصة، وسبر تطوّر المذهب؛ لأنّ المجال تعارفيّ أكثر منه التّحقيق البحثيّ.
وأمّا الخطأ المنهجيّ فبعض نقده كان حول الاقتباس من قبلي، وقد وضعته بين علامتي التّنصيص، والأصل يشار إليه عند النّقد من باب الأمانة النّقديّة، ثمّ يقارن بين موضع الاقتباس هل في محلّه، وبين نقد الاقتباس ذاته.
لهذا لمّا نشرت المقالة بالأمس وصلتني العديد من الأجوبة الشّاكرة من الزّيديّة أنفسهم، ورجوت لو كان نقدا وتوجيها أيضا، عدا ما يتعلّق بالخمس حيث وجهت أنّه “واجب على الدّولة وليس الأفراد، ولذلك لا يفرضون الخمس على النّاس كما تعمل الإماميّة، ولا يرون أنّها من الزكاة والصدقة أيضا”.
ولمّا جاء ردّ الحبيب المشهور كان جواب الدّكتور زيد الفضيل حوله: “حيّاكم الله الشّيخ بدر العبريّ: اطّلعتُ على مقالة الحبيب سالم المشهور، وفي نظري فإن في بعض ما ذكره الأخ سالم حق، ولعلّه التبس عليه الأمر في أمور أخرى، بالنّسبة لما ورد في ملحوظته الأولى، فاتفق معه في أنّ كتب الزّيديّة باتت مطروحة بقدر مناسب، وإن كان أغلبها لا يزال طي المخطوط، ولعل من أول كتب الزيدية المرجعيّة كتاب والدي السّيّد العالم عليّ بن عبد الكريم الفضيل شرف الدّين الّذي وسمه بعنوان (الزّيديّة بين النّظرية والتّطبيق) وتمّ طبعه عام 1985م تقريبا، ثمّ توالى تحقيق وطبع عدد من الكتب المرجعيّة للزّيديّة مع مطلع الألفيّة الجديدة، ولكن وبالرغم من ذلك فيظل المطبوع قليلا، وغير منتشر، وكان من أبرز من حقّق التّراث الزّيديّ الأستاذ محمّد عزّان الّذي استشهدت به في مقالك، والشّهيد الأستاذ عبد الكريم جدبان يرحمه الله، وغيرهم. علاوة على ما كتبته شخصيا من أبحاث علميّة حول الزّيدية والمنشورة في بعض كتبي وفي مجلّة المسار، وهي مجلّة علميّة محكّمة ومتخصّصة في التّراث اليمنيّ.
وبخصوص ملحوظته الثّانيّة فاتّفق معه في أنّ الزّيديّة ليسوا محسوبين على المعتزلة، وأوضحت ذلك بشكل علميّ في دراستي المنشورة “الزّيديّة علامات وأفكار”، على أنّ المعتزلة قد أخذوا الشّهرة، وباتت المدرسة العقليّة تسمى باسمهم، ولذلك فلا بأس من جعل الزّيديّة ممثلين اليوم لمدرسة المعتزلة.
وإن كانت التّسميّة الأصوب في نظري أن نقول بأنّ الزّيديّة من المدرسة العدليّة، أي مدرسة العدل والتّوحيد الّتي حقّق فيها الدّكتور محمّد عمارة كتابه المهم وهو غير منتشر حاليا، أي كتاب (رسائل العدل والتّوحيد) من جزئين، وخصّص الجزء الأول لأربع رسائل أحدها للإمام القاسم الملقب بالرّسي بن إبراهيم طباطبا المتوفى 246هـ، والجزء الثّاني بأكمله لرسالة الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين ابن الإمام القاسم الرّسيّ، وهو مؤسّس دولة الأئمّة في اليمن.
وفيما يتعلّق بموضوع الإمامة في البطنين، فالزّيديّة مجمعة على أنّه شرط أولوية وليس شرط وجوب، وهذا منصوص عليه في الرّوض النّضير وهو من كتب الزّيديّة الرّئيسة المعتمدة في الفقه، وفي غيره، والشّرط هنا تفضيلي وليس ملزما، ولذلك جاء آخر الشّروط وليس أولها. أشير إلى أنّ الزّيديّة لا تقول بأفضلية البطنين لأنّهم من قريش مثلا، فهم لا يجعلون لذلك مزية تذكر، وإن لم يرفضوها، وإنّما لكون البطنين ممّن تحرم عليهم الصّدقة والزّكاة، وهو ما نطلق عليه اليوم بالشفافيّة.
كما أنّ الزّيديّة تؤمن بالشّورى وتجعلها ملزمة للإمام، وإن خالف الشّورى يعزل، بل ويتم الخروج عليه إن عصى وتكبر، ولذلك ينصّون على أنّ الإمام الظّالم هو الّذي يستبد برأي أو مال،فالرّأي هنا ركيزة عند الزّيديّة، والشّورى ملزمة بناء على ذلك، بل إنّهم قد تميزوا عن غيرهم في تحديد مكوّنات أهل الشّورى، الّذين ينقسمون إلى ثلاثة أثلاث وهي: ثلث للعلماء، وثلث للوجهاء ومشائخ القبائل ومن في حكمهم، وثلث لأرباب الحرف، ما نسميهم اليوم بالنّقابات، وأتصوّر أنّ ذلك خصيصة لهم لم يقل بها أحد غيرهم والله أعلم. بل كان في الشّورى حاخام اليهود الأكبر ممثلا عن طائفته.
وانطلاقا من ذلك فالزّيديّة لا تؤمن بالوراثة في الحكم وإنّما بالطّلب والاستحقاق والانتخاب من أهل الشّورى، وإذا ترشح إمامان في وقت واحد ولم يتنازل أحدهما للآخر، تقوم بينهما مناظرة في مشهد من أهل الشّورى والجمهور.
أشير أيضا إلى أن الزّيديّة تؤمن بإمامة المفضول مع وجود الأفضل، وهي قاعدة كليّة متفق عليها بحكم الواقع، ولذلك تقول الزّيديّة بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان من حيث المشروعيّة الّتي تصح معها الأحكام وإقامة الفروض ولا تفرض الهجرة من المكان، ولذلك عاش الإمام علي بينهم ومعهم، وكان صادقا في موالاته لهم الموالاة الّتي فرضها الله، ولم يكن يضمر لهم خبثا أو يظهر لهم وجها غير الوجه الّذي يجب.
والزيدية بذلك تجعل من الإمام عليّ بوصلتها الرّئيسة، فهو لم يقف عند ذلك بل أرسل ولديه سبطي رسول الله ليدافعا عن الخليفة عثمان بالرّغم من كلّ الكوارث الّتي ارتكبت في عهده جرّاء توليته للفاسقين، ومع ذلك فلم يخرج الإمام عليّ عليه كما فعل بقية الصّحابة، ولم يتجمهر مع المتجمهرين، بل عمل على حمايته من الاعتداء، هذا السّلوك مرجعية لأئمّة الزّيديّة، ولذلك نراهم قد تولوا الخلفاء الثّلاثة، ومنهم من توقف، وللأستاذ محمّد عزّان بحث أصيل حول الموضوع، منشور في مجلّة المسار.
وبخصوص صلاة التّراويح فيجمع الزّيديّة على بدعتها جماعة، لكنهم لا يرفضون فعل من يؤديها، ولا يتّشددون في ذلك، ولا ينطلقون في تبديعها من كونها خارج عن الدّين انطلاقا من أنّ كل بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار كما يقول السّلفيّة، بل يرون تحسين وتقبيح البدعة فقط وفقا لقول الخليفة عمر رضي الله عنه (نعمت البدعة).
أشير إلى موضوع عصمة الأئمّة عند الزّيديّة، إلى أنه لا يؤمنون بالعصمة بمعنى المنع، وإلّا لما تميز الإنسان وكان له الفضل، لكنهم يؤمنون باللّطف، ويختلفون بذلك عن كلّ المذاهب ربّما سنّة وشيعة، واللّطف عندهم ممتد حتّى على الأنبياء، مصداقا للطف الله تعالى ليوسف مع امرأة العزيز في قوله تعالى:{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}.
ولذلك لا يؤمن الزّيديّة بفكرة العلم اللّدنيّ، وإنّما يرون بأنّ العلم مكتسب، ويلزم جهدا بشريا، وهو ما جعلهم يؤمنون بفكرة الاجتهاد المطلق بحسب الزمان والمكان، ودون أي اعتبار لمدى موافقة الاجتهاد الحادث في النّازلة المعاصرة لقول أحد من الأئمّة السّابقين، فلا توارث في العلم والأحكام.
وحول موضوع الإمامة ومشروعيتها فأشير إلى أنّه لا يوجد زيديّ من زيدية اليمن يقول إنّ الإمامة بالنّصّ الجليّ، لكون من يقول بذلك سيخطّئ الإمام عليّا أولا لعدم اتباعه للأمر النّبويّ، وتخاذله عن تحقيق الإمامة، ولذلك وانطلاقا من موقف الإمام عليّ يقولون بالنّصّ الخفيّ. على أنّهم يؤمنون بأنّ الإمام عليّا هو الإمام الشّرعيّ وصي رسول الله وحامي دينه، وأنّ مبايعته بالإمامة السّياسيّة لم تزده شيئا” انتهى.
وبعد هذا هناك بعض الجوانب اللّبسيّة والمعرفيّة من تعقيب الحبيب سالم، الأولى في النّقطة الثّانيّة وهي علاقة الزّيديّة بالمعتزلة، حيث اقتبست نصّ الباحث محمّد يحيى عزان أنّه “في اليمن … هنالك مذهبان أساسيان: المذهب المعتزليّ، والمذهب الأشعريّ، فالزّيديّة محسوبون في علم الكلام على المعتزلة …”، فإطلاق المذهب هنا بمعنى الاتّجاه الكلاميّ وليس بمعنى الاستقرار الأصوليّ المذهبيّ، وعادة تبدأ الاتّجاهات المذهبيّة المدرسيّة من خلال الثّنائيات ثمّ تتشظى شيئا فشيئا، وهذا ما يقوله مثلا رشيد الخيّون في كتابه “معتزلة البصرة وبغداد أنّه “شيّد المعتزلة كيانهم الفكريّ من الجدل بين تيارين معروفين: تيار نفاة القدر وتيار مثبته، وإنّ نفاة القدر يقولون بنفي الصّفات … وبخلق القرآن … فكرتان أساسيّتان عند المعتزلة، وعليهما تعتمد مقالاتهم الكلاميّة والفلسفيّة الأخرى، وما القول في المنزلة بين المنزلتين إلّا الشّكل الظّاهريّ الّذي أعلن به واصل اعتزاله عن مجلس شيخه الحسن البصريّ”.
لهذا يرى الخيّون فكرة نفي القدر (الصّفات وخلق القرآن) ظاهرة عند الإباضيّة والزّيديّة، بل يرى أسبقيّة الإباضيّة حولها “لكن الشّائع حول تلك الأفكار أنّها معتزليّة تبناها فيما بعد الإباضيّة”، وكذا الحال عند الزّيديّة، وعلاقة واصل بزيد بن عليّ، فالقول بالاتّجاه الاعتزالي هو المقابل في الاتّجاه الصّفاتيّ، لهذا ولد بينهما الاتّجاه الأشعريّ، وإن كان الأشعريّ له أكثر من رؤية بين مقالات الإسلاميين والإبانة، لهذا يرى مثلا السّقاف إنّ تكوّن واستقرار المذهب الأشعريّ عند الغزاليّ (ت 505هـ) وليس الأشعريّ، وهذا الحال ذاته في بداية التّكوّن السّياسيّ بين ثنائيّة الشّورى والوراثة، والاتّجاه الفقهيّ بين ثنائيّة الرّأي والأثر، فكلام يحيى عزان من باب الجانب المنهجيّ، وهذا معمول به حتّى في الدّراسات الأكاديميّة، بمعنى أصل التّفكير، والمنطلقات الكليّة في التّعامل مع النّصّ كلاميّا أو لاهوتيّا، وليس بمعنى الانصهار المذهبيّ، فبينهما نسبة وتناسب، على أنّ الزّيدية من أكثر الفرق الإسلاميّة احتواء للأصول المعتزليّة المتمثلة في الأصول الخمسة كما أسلفنا في المقالة السّابقة من خلال الأصول والكليّات، وهذا حديث يطول.
وأمّا قوله: “فالمعتزلة والزّيديّة والإماميّة كلّها مذاهب تلتفي في جوانب كثيرة …” وذكر منها موالاة أهل البيت، وهذا ليس صحيحا في الجملة فالمعتزلة لهم توجهاتهم السّياسيّة المختلفة، فالجاحظ (ت 255هـ) مثلا في كتاب العثمانيّة له رأي سلبيّ من الإمام عليّ، وينتصر لأبي بكر، وأنّ لا نصّ جليّ ولا خفيّ في عليّ، ولو كان كذلك لأولى أن يكون في أبي بكر، وأتى بأدلّة ذلك، فيقرّر “أنّ أفضل هذه الأمّة وأولاها بالإمامة أبو بكر بن أبي قحافة”، “والعثمانيّة أشدّ الفرق الإسلاميّة السّياسيّة خلافا على عليّ بن أبي طالب”، ومن أنصارها الجاحظ ومجموعة من المعتزلة، وردّ على الجاحظ والعثمانيّة أبو جعفر الإسكافيّ وهو معتزليّ أيضا.
والتبس على أستاذنا الحبيب كلامي: “الزّيديّة يرون الإمامة شورويّة عن طريق البيعة وليس الوراثة في البطنين” كأني لا أقول بالبطنين، وليس مرادي هذا، وإنّما مرادي أنّها شورويّة في البطنين وليست وراثة، وهذا من الأبجديات حيث كتبت حولها في جريدة عُمان ذاتها، وقد نشرت مقالة قريبا في “قبس الأخباريّة” قلتُ فيها: “وهكذا الحال في الشّورى المقيدة بالنّصّ الخفيّ في البطنين، فقد تأثرت بالوراثة كما عند الدّولة المتوكليّة باليمن قريبا”، وكتبت تغريدات في تويتر بعنوان “من الزّيديّة” والحبيب عمل إعجابا لأولها، وقلتُ في السّابعة منها: “الزيدية يرون الإمامة شورويّة في البطنين في أولاد فاطمة من الحسن أو الحسين”، وهذا واضح جليّ لا يحتاج إلى تكلّف.
وأمّا كلامه حول صلاة التّراويح وبدعيّتها، وأنّ كلام الزّيديّة عين كلام الإماميّة، بحجّة صلاة اللّيل، فجميع المذاهب الفقهيّة تقول بكونها من صلاة اللّيل، بيد الحديث حول تخصيص أولها جماعة، هذا ما تفترق فيه الزّيديّة وبعض السّلف كابن عمر، يقول الكاظم الزّيديّ: “صلاة التّراويح جماعةً في المساجد بدعةٌ وصلاتُها فُرادى في البيوت هُو السّنّة وهي من أصناف صلاة اللّيل”، وفصلّت هذا في كتابي “فقه التّطرّف”، والإماميّة يرون بدعيّتها كليّا ولا يعني إنكارهم لصلاة اللّيل، والزّيديّة أكثر انشراحا.
إلّا أنني أشكر توجيه الحبيب سالم في قضيّة الإمامة باليمن، بيد أنيّ ذكرت ما يتعلّق بالهادي قبله، وما بقي كان اقتباسا من مصادرهم، كما أشكر توجيهه في الجاروديّة، بيد أنّ مانسب إليهم ولم ألتق بهم غيبة المهديّ كالإماميّة وأن اختلف الغائب، وما عدا ذلك فتقدّم بيانه من قبل أستاذنا الباحث الجليل زيد الفضيل، وإن كان لي بعض الكلام لعلّنا نتركه لمناسبة أخرى لضيق المقال.