رأي شؤون عمانية
تعلمنا في لغتنا العربية أن الجملة لها أركان لا يتم المعنى إلا بها، فإذا انتقص ركن من هذه الأركان نقص المعنى، وكذلك الحال في سياق الحديث الطويل، فحديثنا مع الآخرين يكون لها سياق عام وإطار محدد، لا يمكن أن نختزله في جملة من الجمل أو في جزء من الأجزاء، لأنه بذلك ينتقص المعنى المراد حتى ولو كانت الجملة تامة ولها معنى.
ومع اتفاقنا على أن الشائعات من أخطر ما يمكن للمجتمعات مواجهته لأنها تستهدف النسيج المجتمعي الموحد، فإن اجتزاء تصريحات المسؤولين والكتاب والمدونين لا يقل خطرا عن ترويج الشائعات، إذ إنه يمكن أن يتسبب اجتزاء التصريح في إثارة البلبلة والفتنة بين المواطنين، خصوصا إذا كانت هذه التصريحات تمس المواطن بشكل مباشر.
نعم قد يكون ما يتم ترويجه على لسان شخص ما صحيحا وقد صرح به بالفعل، إلا أن من قام بهذا الاجتزاء والاختزال لم يعلم القارئ أو المتابع في أي سياق قيل هذا الكلام، وما هو الكلام الذي سبقه والكلام الذي لحقه، فلا تكتمل صورة التصريح إلا بمعرفة هذه الأمور حتى نستطيع أن نستشف المقصد الحقيقي منه.
هذا الأمر يشبه من يقرأ قول الله تعالى “لا تقربوا الصلاة” ثم يقف وينهي قراءته، دون أن يبين لنا ماذا قيل بعد ذلك، لأن الآية تقول: “لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون..”، فلو توقفنا عند “لا تقربوا الصلاة” لتوهّم السامع أن الله يحذرنا من الصلاة، لكن إن أتممنا القراءة لفهمنا المراد الإلهي.
الغريب في الموضوع، أن هذه المشكلة يقع فيها ليس فقط عامة الناس، ولكن أيضا عدد من المحسوبين على الكتاب والمثقفين، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن السياق الكامل والحديث الطويل حتى يفهم المعنى الحقيقي.
إننا في عصر انتشرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد بمثابة الوقود الذي قد يشعل فتيل أزمة بسبب انتشار شائعة لا صحة لها، أو اقتطاع جزء من تصريحات لم يكتمل معناها، فعليانا أن نكون حريصين في تناول ما يقال، حتى لا يفرح فينا المتربصون بهذا الوطن وأهله.
حفظ الله عمان وسلطانها وأهلها من كل سوء.
.