خديجة بنت عبدالله البلوشية
متى تكون تائها؟!
عندما تبقى في مجال معين وعيناك ترنو لمستقبل تراه مستحيلا.. عندما تولع بدراسة تخصص معين وترغم بدراسة تخصصات اخرى.. عندما تدرس تتخصص لا ترغب به وقلبك وفكرك معلقان بالتخصص الذي لطالما تمنيته.. عندما تعمل بالتخصص الذي قلت فيه يوما بالمستحيل وعيناك تتطلع للوظيفة التي حلمت بها دوما.
كل منا لديه طموح اكتسبه وأيده عقله ومنطقه، كبر معه وتأصل به لدرجة الأَمل.. ليس عيبًا أن نطمح “احلم كما شئت ولكن ضع احتمالا كبيرا لخيبة الأمل”.
كم من الطلاب رضوا بتخصصاتهم التي هم عليها الآن؟ كم من الموظفون راغبون بعملهم؟ كم منكم الان في وظيفة أحلامه؟ كم منكم يأتي إلى عمله كل صباح حبا وليس كرها من أجل حاجته؟
أكاد أن أجزم بأن أكثر من نصف السكان يمضي يومه غير سعيد به ولا راغبا بمجرياته، صابرا لأجل أن يحصل على قوت يومه وأن يطعم أبناءه.
القلة القليلة من سيتمكن من التكيف مع غير بيئته، والغالب الأعم لا يستطيع أو سيواجه صعوبة بالغة، كذلك الحال في الدراسة والعمل وإن فهم العمل واستوعبه فلا ننس أنه يقوم صباحه على مضض ويذهب إلى عمله على مضض.
“ضع الشخص المناسب في المكان المناسب”
الدراسة التخصصية المبكرة: وهي أن يتخصص الطفل من حديث دراسته في المجال الذي يرغب به بدون أي ضغط خارجي، بالتعاون مع أسرة الطفل وبتعيين أساتذة متخصصين.
كيفية الدراسة: قمت بتقسيم الدراسة إلى 4 مراحل، المرحلة الأساسية، المرحلة الإعدادية، المرحلة الثانوية، المرحلة الجامعية، وسأقوم بالتطرق إلى كل مرحلة على حدة.
أولا: المرحلة التأسيسية (KG1_Class 6)
تدرج كلها تحت مسمى المرحلة التأسيسية يتم من خلالها اكتشاف مهارة الطفل وميوله ورغباته بالتعاون والتواصل مع ولي أمره أو من يعيله، تقوم هذه المرحلة بتوفير حصص في جميع المجالات بشكل بسيط كأن يدرس فيها الطفل التخصصات بشكل عام ومبسط وتجرى اختبارات وأنشطة نظرية وعملية بها بتقرير أسرته بمهاراته وهواياته وتقييم المعلم لمستوى أداه، وتشترط المرحلة الأساسية ألا يتخرج الطفل منها إلا بعد أن يتم اكتشاف مهارته.
حصة في الميكانيك، غرفة صيفية مزودة بأدوات الميكانيك، حصة رياضة قاعة مزودة بجميع أدوات الرياضة.. وهكذا النتيجة أن يكتشف مهارة ورغبه الطفل ويتم صقلها، ويخرج منها بشهادة بالتخصص الذي سجل به أعلى الدرجات وأدى أفضل أداء وأكد ما جاء به ولي أمره من تقرير يتضمن مهارته في جوانب معينه، مع ملاحظة أن لا يعامل هذا التقرير كأساس يعتد به تخصص الطفل وانما كعنصر مساعد فقط، وقد يكتشف المعلم عكس ذلك أو يظهر الطفل عكس ذلك أثناء فترة المرحلة التأسيسية، فالنتيجة أن يلغى العمل بالتقرير ويطلب ملاحظة الطفل من جديد وكتابه تقرير جديد مع توفير بعض الأدوات البسيطة، والأفكار والنصائح التي قد تساعد العائلة لاكتشاف مهارة ابنهم.
بالإضافة إلى ذلك توفير “حصة هدف” تكسب الطلاب القدرة على تحديد هدفهم، يناقش المعلم من خلالها الطلاب عن رغباتهم وميولهم أحلامهم ومهاراتهم وعن نوعية الأعمال التي يحبون القيام بها ويقوم بالتقييم المستمر لهم والحفاظ على دوافعهم وتطوير قدراتهم واهتماماتهم ومهاراتهم، وتحفيز مشاعرهم واستخدام الخيال والقدرة على التصور، ويعمل كذلك اجتماعات لأولياء الأمور بين فترة وأخرى لتزويدهم بما جد عن طفلهم عن رغباته وميوله وحبه وأحلامه، ويطبق نظام “حصة هدف” في جميع المستويات التي سأقوم بذكرها فيما بعد.
وفي نهاية هذه المرحلة يتخرج الطفل بشهادة تتضمن نجاحه في تخصص معين والذي سيكون موضوع دراسته في المرحلة ما بعد الأساسية.
ثانيا: المرحلة ما بعد الأساسية الإعدادية ( class6- class7)
ويبدأ الطفل فيها بدراسة مجاله والتخصص الذي نجح بدراسته في المرحلة الأساسية والذي سيقبل بدراسته رغبة وحبا، وتكون دراسة التخصص في هذه المرحلة بشكل مبسط، بالإضافة لذلك يتم تدريسه باقي المواد الأساسية المهمة ولكن يكون نصيبها من الحصص أقل من نصيب حصص التخصص، فيكون لديه حصص تخصصية وحصص أساسية (متطلبات دراسية) فلا يمكن أن نستغني عن حصص الدين والقران واللغة العربية والإنجليزية والرياضيات ماعدا ذلك يحذف كدراسة التربية الموسيقية، ويوفر هذا الخيار وغيرها من ضمن خيارات أو حصص التخصص في المرحلة الأساسية لاكتشاف ميول الطفل ليس إلا، ولا تنتقل معه بانتقاله للمرحلة الثانية.
توفر هذه المرحلة، حصة تسلية يوم في الأسبوع تدمج بين الفنون والألعاب وغيرها لتحفيز عنصر الحركة والتركيز لديهم بالإضافة إلى حصة هدف، التي سبق وأن قمت بإيضاحها.
ثالثا: المرحلة الثانوية ( class10-class12)
ويكمل فيها الطالب دراسة تخصصه بشكل (متوسط) بالإضافة الى دراسة المتطلبات الأساسية وتطبيق حصة هدف وحصة تسلية التي سبق وأن قمت بإيضاحهما في المرحلة السابقة.
رابعا: المرحلة الجامعية
وهي المرحلة الأخيرة، والتي بدورها تصقل ما نشأ عليه الطالب من حديث دراسته، وتكون فيها الدراسة بصورة تفصيلية معمقه في مجاله، ويتخرج بالتالي طالب مبدع ملم بتخصصه إلماما كافيا ومتمكنا منه، راسما هدفه بعناية ووضوح، مدركا لاهتماماته وطموحاته وميوله، لعل هذه من أهم ثمار الدراسة التخصصية المبكرة.
عقب إنهاء متطلبات دراسته يتم وضعه في المكان المناسب في مجاله، فالنتيجة النهائية شخص قابل للإنتاج في وظيفته المستقبلية وإن لم يوفق في وظيفة على الأقل تكون لدية الخبرة الكافية في تخصصه فيلجأ للتجارة وللمشاريع الخاصة.
وبالتالي، ينضج جيل واعي جيل متقدم جيل ناجح جيل منتج، الهدف الأساسي من التعليم إيجاد جيل جديد واع وليس تكرار ما قامت به أجيال سابقة، لابد أن يكون هناك هدف مرسوم من بداية خطوة الدراسة وأن تكون الدراسة هي المسلك والطريق لتحقيق هذا الهدف، جد واكتشف طريقك من البداية ومن ثم سر فيه، متعب أن تعمل في مجال لا تحبه أو لا تفهم به، ومؤلمة فكرة أن تفتح مشروعا خاصا لا تملك تجاهه أي حب، فقط علاقتك بالمشروع علاقه منفعة تعمل بذلك من أجل أن تجني المال، ولا ينقصك الحماس و المتعة التي أعدهما عاملان أساسيان لبناء أي مشروع أو هدف، فبدونها يصبح الطريق متعبا.
من حق كل طالب اختيار مستقبله وليس للدولة أن ترغمه على دراسة تخصص معين أو أن تكون هي من تختار هذا المسار له، ولعلنا لاحظنا في مجتمعنا أن الطالب يصل مرحلته الجامعية وهو غير مدرك لرغبته وميوله، أو يفكر بالخروج منها أو يفكر بذلك من مرحله مبكرة من عمرة (أثناء فترة دراسته في المدرسة)، اصبح فكر البنت الزواج المبكر والرجل التحاقه بالجيش والسبب؟ من رأيي الشخصي أن السبب في ذلك يكمن في عدم وجود دافع للدراسة لأنه يدرس شيئا لا يرغب بدراسته، لما نجد البعض ينتظر حصة معينه؟ تجد الأم تحفز ابنها الذي أجهش بسمفونية بكائه الصباحية بتذكيره بحصة معينة يحبها الطفل قد تكون رياضيات، لغة انجليزية، فنون وغيرها؟ ماذا لو كان جل يومه حافلا ممتعا؟
وإن صح القول “الدراسة عالم والوظيفة عالم ثاني” إذا درست مجالك تجد نفسك تعمل في مكان لا ترغب به، جرب أن تعمل بمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب ولاحظ الفرق.
الأوان لم يفت بعد، فاللهم انا نسألك ألا ينطفئ شغفنا، ولا يذبل حلمنا ولا يضيع تعبنا، اللهم وفقنا فإن التوفيق من عندك وسهل أمرنا فإن التسهيل من لطفك.