رأي شؤون عمانية
مع امتداد وتجذر التراث العماني في أزمنة التاريخ وإسهامه في تشكيل الهوية العمانية المتوارثة عبر الأجيال، لم تأل سلطنة عمان جهدا في إبراز هذا التراث وصون الهوية الأصيلة، ليأتي متحف عمان عبر الزمان ليستكمل هذه الجهود بنمط متحفي متفرد يعمل على وضع الزائر في قلب كل مرحلة من مراحل التاريخ.
والمتحف الذي وضع الأساس له السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمورـ طيب الله ثراه- يعد انعكاسًا وتجسيدا لماهية التراث العماني الفكري الموغل في القدم، عارضا مختلف مراحل التاريخ العماني وصولا إلى النهضة المتجددة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على مساحة 35000 متر مربع، مستخدما تقنيات الصوت والصورة مازجا بين الإرث التاريخي والأثر الجغرافي وما وهب الله به سلطنة عمان من طبيعة وتنوع جغرافي، مع إتاحة أساليب العرض التفاعلية واستخدام أحدث التقنيات في العرض المتحفي.
ويستلهم المتحف- الذي جعل من ولاية منح بمحافظة الداخلية مقرًا له- المستقبل من خلال استحضار الأمس واستشعار الحاضر ليطلع الأجيال على عمق تاريخهم وتفاعل الحضارة العمانية مع الحضارات الأخرى، مع تناول جوانب الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والعلاقات الدولية في الحقب الزمنية الرئيسية في التاريخ العُماني منذ العصر الحجري المتأخر والعصر البرونزي والحقبة الإسلامية ودولة اليعاربة ودولة آل بوسعيد وصولاً إلى عصر النهضة المباركة والمتجددة، وذلك من منظور التاريخ الاجتماعي بغرض ربط الزوار بالشخصيات العُمانية البارزة عبر العصور بوسائط رقمية ومعروضات مادية متعددة بحيث يواكب ما وصلت إليه الجوانب التقنية في هذا المجال.
ولا يقتصر دور متحف “عمان عبر الزمان” على العرض المتحفي فقط، بل يعد المتحف وجهة أساسية للباحثين والدارسين من خلال ما يقدمه من تجربة وبيئة مبتكرة تتيح الحصول على المعرفة والتفاعل الكامل بين الزوار وقصة السرد المتحفي، والأرضية التي يوفرها للبحث والتعليم، مع ما سينظمه من برامج وأنشطة بوسائل مبتكرة وشاملة، توظف فلسفة العرض الزماني والموضوعي وذلك وفق أحدث المعايير والمواصفات المتبعة في علوم المتاحف بما يسهم في خلق تجربة تثقيفية وممتعة لمختلف فئات الزوار.