أحمد بن علي الشيزاوي
أولا: الموجز
هناك قناعة مترسخة لدى المختصين بالتوظيف تكرس مفهوم أن الخريج من مؤسسات التعليم العالي مؤهل علميا ولكنه غير مؤهل عمليا، ولمعالجة ذلك قدمت وزارة العمل أكثر من 6 مبادرات للتشغيل المؤقت والتدريب لتمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات الوظيفية، إلا إن عدد المستفيدين من هذه المبادرات مازال غير مواكب للعدد الفعلي للباحثين عن عمل، إما نتيجة لعدد الفرص المتاحة أو لطرق التسويق لتلك المبادرات أو لدرجة الإقبال.
ثانيا التفاصيل..
التصريح:
مازالت مختلف منصات التواصل الاجتماعي تتناول تصريح سعادة وكيل العمل لتنمية الموارد البشرية يوم أمس الثلاثاء (21 فبراير 2023)، ضمن حفل انطلاق أعمال الدورة الثانية عشرة من “منتدى الرؤية الاقتصادي” بعنوان “اقتصاد العمل الحر”.
التصريح المنسوب للوكيل مفاده: “للأسف مخرجاتنا التعليمية ضعيفة، في ثلاث جوانب: المعرفة والمهارة والسلوك”.
النظرة العامة:
هناك قناعة مترسخة لدى إدارات الموارد البشرية والمؤسسات المتخصصة بالتوظيف تكرس مفهوم أن الخريج من مؤسسات التعليم العالي مؤهل علميا ولكنه غير مؤهل عمليا، ما لم يكن خريج برنامج يشترط اجتياز ساعات امتياز عملي تؤهله لممارسة العمل الذي يتم تأهيله له.
تبحث جهات التشغيل عن جوانب أساسية عند تقييم المتنافسين على فرص العمل وهي ذاتها الجوانب التي تتوافق مع ما تحدث عنه الوكيل وهي:
الاتجاهات الفردية/ القناعات: المفاهيم الفكرية التي يعتنقها الموظف وتؤثر على أدائه الفردي أو انتمائه وولائه، وكذلك المعارف تشير الى ما تعلمه الفرد نظريا.
المهارات: القدرة على أداء عمل معين بإتقان في استثمار الجهد والوقت.
السلوك الوظيفي: ممارسات الفرد في حياته اليومية، في محيط عمله وعلاقته بزملائه ومدى التزامه بالنظم السارية.
وتبذل إدارات الموارد البشرية لضمان العدالة والنزاهة عند الاختيار والتعيين جملة من الإجراءات لضمان اختيار الشخص المناسب للموقع المناسب، ما لم يتم التأثير عليها خارجيا.
ردا على سؤال:
نشر مازن الحابري متفاعلا مع الحدث مقطع فيديو يتحفظ من خلاله على مضمون تصريح الوكيل، موجها سؤالا في ذات الوقت مفاده فيما لو صح ما قيل ما الذي قدمته الجهات المعنية لمعالجة هذه الملاحظة؟
وهنا يجب أن نوفي الوزارة المختصة حقها، ومع ذلك سنبين الطموح الذي يتوقعه المواطن والذي سبب ردود الفعل التي شهدتها المجالس ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
للوزارة عدة مبادرات تسعى من خلالها لتمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات الوظيفية التي يطلبها سوق العمل لضمان زيادة إنتاجية الأفراد والمؤسسات وتحقيق الاستدامة في العمل من أبرزها:
أولا: في مجال التشغيل المؤقت الذي يستهدف إكساب مهارات ومعارف وسلوكيات عمل:
مشروع دعم الأجور: دعم أجور العمانيين المنضمين الجدد لسوق العمل في القطاع الخاص بما مقداره (200) ريال عماني على أن يتحمل صاحب العمل فرق الأجر المتفق عليه لعدد (15000) فرصة عمل وذلك لمدة سنتين. وتوجد مجموعة من الضوابط والاشتراطات الواجب على المنشأة تنفيذها ومنها الالتزام، بالإضافة إلى: أن يكون التوظيف على أقل تقدير لمدة مساوية لمدة الدعم الحكومي (أربع سنوات)، وسيكون توزيع الدعم حسب المؤهلات العلمية (30% لحملة دبلوم تعليم العام، %30 لحملة دبلوم فوق الثانوي، 40% للجامعيين).
مبادرة “مليون ساعة تشغيلية”: بالنظام الجزئي في الجهات الحكومية بمختلف محافظات السلطنة، وتتراوح مدة شغل الوظيفة من 3 أشهر إلى عامين، ويحق للمستفيد من المبادرة التسجيل في وظائف القطاع الحكومي والخاص.
مبادرة ساهم: تشجيعا للباحثين عن عمل لاكتساب مهارات وقدرات وخبرات عملية، بمبدأ العمل المؤقت في الجهات الحكومية، مما يمنحهم ميزة تنافسية أفضل.
ثانيا: في مجال التدريب الذي يستهدف إكساب مهارات ومعارف وسلوكيات عمل:
التدريب المقرون بالتشغيل: المبادرة تؤهل المتدرب لتخصص تقني محدد ليتم تعيينه في إحدى منشآت القطاع الخاص التي سبق التعاقد معها.
مبادرة التدريب على رأس العمل: لتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويتمثل الدعم الذي تُقدمه وزارة العمل في تحمّل تكاليف المنحة التدريبية الشهرية للمتدربين، حيث سيتم ولمدة سنة كاملة دفع 100 بالمائة من الراتب حيث سيحصل خريج البكالوريوس على 500 ريال شهريًّا وخريج الدبلوم الجامعي 400 ريال شهريًّا وخريج الدبلوم العام 300 ريال شهريا. مبادرة دعم العمل الحر: إدماج العمل الحر أو ما يسمى freelance وهم المشتغلون لحسابهم الشخصي بالتعاقد المباشر والمؤقت لإنجاز اعمال مهنية او تخصصية كأحد خيارات التوظيف التي يمكن أن يتوجه إليها الباحثون عن عمل ومجمل المورد البشري في أي مجتمع.
الباحثين عن عمل في سلطنة عمان سمات وأرقام:
رغم التغيير المستمر في عدد الباحثين عن عمل في كل مرة يتم فيها الإعلان عن الرقم إلا أنه توجد عوامل تؤخذ بعين الاعتبار دائما تجدر الإشارة إليها وهي:
عدد الباحثين عن عمل: والذي يتراوح حسب الإحصاءات التي نشرت بين 50 إلى 65 ألف باحث عن عمل.
مضاف إليهم مخرجات برامج التعليم المختلفة التي تتجه إلى سوق العمل: بمعدل تخرج نحو 30-35 ألف سنويا.
ويشمل كذلك الباحثين عن عمل ممن لم يحدثوا بياناتهم بصورة دائمة، والذين يقدر عددهم بما يتراوح بين 10-20 ألف شخص.
يطرح من الأعداد المذكورة الباحثين عن عمل ممن تم تشغيلهم بذات العام، ممن تم تشغيلهم لأول مرة ولا يشمل ذلك من انتقلوا -ضمن حركة الدوران الوظيفي في السوق- من جهة عمل إلى أخرى.
وبلغة فقهاء الرياضيات: (العدد حسب آخر إحصاء + مخرجات برامج التعليم المختلفة + الذين لم يحدثوا بياناتهم) – (الذين تم تشغيلهم بذات العام لأول مرة).
بينت النشرة الاقتصادية المنشورة بواسطة الجهة الإدارية المختصة بشهر فبراير 2023م أن النسبة الأكبر من الباحثين عن عمل هم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 – 29 سنة من حملة شهادات دبلوم التعليم العالي والبكالوريوس وتمثل الإناث النسبة الأكبر من بينهم.
إذا ما الذي أثار حفيظة المجتمع؟!
يقدر العدد الفعلي للباحثين عن عمل بعد أخذ جميع العوامل بعين الاعتبار بين 50 إلى 80 ألف باحث عن عمل.
وكقراءة سريعة في نتائج بعض المبادرات مثل مبادرة دعم الأجور تم تقديم 4668 فرصة عمل وفي مبادرة ساعم قدمت نحو 5000 فرصة.
فهل لو قارنا الأرقام سنجد أن ما تقدمه نتائج المبادرات متواكب مع عدد الباحثين عن عمل؟! وهل السبب عدد الفرص المتاحة أم عدم التسويق لتلك المبادرات أم عدم إقبال الباحثين عن عمل عليها؟.. نترك لكم الجواب!
لعل هذا التفاوت بين العدد الفعلي للباحثين عن عمل ونتائج المبادرات الست التي تمت الإشارة إليها يفسر ردة الفعل عند تلقي المجتمع بشكل عام والباحثين عن عمل بشكل خاص لتصريح سعادة الوكيل، هناك قناعة قائمة لدى الجهة الإدارية المختصة، يتم العمل على حلحلتها وتقديم أكثر من بديل بشأنها، ولكن النتائج مازالت دون ما يطمح له المجتمع الذي رجحت لدية كفة العدد الفعلي للباحثين عن عمل، فهل تصريح الوكيل هو بشارة للمجتمع بأن كفة نتائج المبادرات هي الراجحة بإذن الله في قادم الأيام وذلك من خلال زيادة عدد الفرص في كل مبادرة وتوسيع قاعدة التسويق لهذه المبادرات؟!.