سالم بن علي العريمي*
يعد أسلوب الجدارة حديث نسبيا في إدارة الموارد البشرية، وكلمة جدارة ظهرت اول مرة في مقال للكاتب (آر دبليو وايت عام 1959) كنظرية لحافز الأداء، فقد استخدمتها احدى المؤسسات في الغرب ، حينما واجهت مشكلة الاختيار والقبول لشغل إحدى الوظائف الحساسة إدراكا منها بأن تصدر المسؤوليات لا يمكن ان يحدث بشكل عفوي او وفقا لهياكل شكلية كلجان المقابلات التي توظف لتمرير اعتبارات اجتماعية كالقبلية والمحسوبية والمناطقية وتفتقد للمهنية والأهلية وانما وفقا لمعايير واسس لقياس مستوى الكفاءة.
بيل غيتس 2020 عرف رأس المال البشري بالقاعدة الرئيسية للتنافس، إن المؤشر الأهم لما ستكون عليه بعد 20 سنة من الآن سيكون مدى جودة ما تفعله في نظامك التعليمي).
وفي مؤتمر عقد في جوهانسبرج 1995م ، تم تعريف الجدارة الوظيفية بأنها (مجموعة من السمات والمؤهلات الشخصية والعلمية والعملية والتي تمكن الموظف من تحقيق معدلات أداء متميزة تفوق المعدلات العادية (لوسيا ,وليزجر) ، ويتضمن هذا الأسلوب مجموعة من الخصائص التي تمثل معايير واسس علمية وشخصية كالدوافع والصفات والمهارات والمعرفة ،كل تلك الخصائص والسمات لا يمكن اختزالها في مقابلة شكلية تكون غطاء لتمرير اعتبارات المحسوبية والشللية وانما تحدد المقابلة بمعايير مهنية وعلمية وعملية وينتقى لها عناصر مؤهلة وذات خبره واختصاص ، ومن خلالها يتصدر المؤسسات الكفاءات التي أصبحت ضرورة ملحة كونها الرهان الحقيقي لرفع مستوى أداء المؤسسات.
والمتتبع لبعض المؤسسات يلحظ تدني أدائها وفقا لمعطيات إحصائية وتقارير أداء دولية نظرا لثقافة العمل بها وبيروقراطية إجراءاتها واختلال منظومة الحقوق والواجبات فيها وفقدان منهجيات العمل المؤسسي المبني على وضوح الرؤيا والاستراتيجية ونفوذ سلطة الافراد والشللية ، واختيار المسؤولين المبني على المحسوبية والمناطقية وهذا ما تؤكده نسبة القضايا التي خسرتها جراء قرارات تعيين تعارضت مع القانون مما انعكس على المساس بسمعتها مجتمعيا والتأثير على مصداقيتها، فوجود مسؤولين يتمتعون بخبره ومهارات ومؤهلين علميا ومعرفيا ولديهم فكر يستشرف المستقبل ويتوقع مستجداته ينقل العمل في المؤسسة نحو الفاعلية ، فواقع اختيار المسؤولين الحالي رغم شكله القانوني إلا ان توظيفه لحسابات شخصية ومحسوبية من خلال لجان المقابلات التي تتشكل من عناصر وفقا لمسميات ومستويات وظيفية ، قد تبوئتها بشكل تجاوز القانون فكيف بمسؤول لم يبلغ سن الفطام في التعيين يختبر كفاءات تجاوزته في سنوات الخبرة والانجاز فكيف نشرع تلك الممارسات ونلبسها عباءة القانون فنشوه صورته ونطعن في مصداقيته ، إنها المصالح الشخصية التي تجاوزت المصالح العامة فألحقت الضرر الكبير برسالة وأهداف المؤسسة.
ومن هنا لابد أن يدرك أصحاب القرار ان استمرارية تلك الممارسات خلقت ثقافة عمل سلبية انعكست على مستوى الرضا الوظيفي ، والذي يمثل أساسا في دافعية العاملين وخلق بيئة عمل إيجابية تشجع على الإبداع والتميز، ولطبيعة المرحلة وضروراتها ، وعمان 2040 تدخل في نهضتها المتجددة برؤية طموحه تستنهض الهمم وتتفاعل مع المتغيرات والتطورات على مختلف الصعد ويأتي في مقدمتها تصدر قيادات كفؤة لترجمة تلك الرؤية الى واقع مستلهمة من فكر مجدد نهضتها صاحب الجلالة السلطان هيثم -حفظة الله وابقاه-، ومن هذا المنطلق لابد من وجود آليات ومنهجيات اختيار تتجاوز الاعتبارات والمصالح الضيقة نحو تغليب مصلحة الوطن فوق كل المصالح والاعتبارات، فطريقة اختيار المسؤول لا تعتمد على التوصيات والمحسوبيات وعلاقات الأصدقاء لكونها استثمار لراس المال البشري الذي يعد القاعدة للتنافس والتزاحم على الصدارة ، ليصل صاحب الكفاءة والمهارة لمكانة الطبيعي كل ذلك يدفعنا نحو مراجعة سياسات اختيار المسؤولين بشكل كلي وليس جزئي ووفقا لمعايير مهنية وآليات تعتمد الكفاءة العلمية والعملية محكا وصولا لتحقيق الصالح العام ، وختاما لمقالي هناك مقوله شهيرة تقول «في نهاية المطاف كل الأعمال يمكن اختصارها في ثلاث كلمات، الناس والإنتاج والأرباح ما لم يكن لديك فريق عمل جيدا، فإنك لن تستطيع أن تفعل الاثنين الآخرين».
*كاتب
Salemaloraimi20@gmail.com