هزاع بن صالح البلوشي
اكتسب الشعب العماني على مر العصور سمعة شريفة تتسم بالطهارة ومكارم الأخلاق، وظل العماني متمسكا بعاداته وتقاليده العريقة خلفًا للأجداد الذين زرعوا هذه الصفات في الأجيال جيلا بعد جيل، وللشعب العماني مكانة كبيرة جعلتهم في مقدمة الشعوب رفعة وسمعة من مشارق الأرض إلى مغربها.
ولا يزال العماني رجل السلام ومثالا يحتذى به في الأخلاق والاحترام والمعاني الطيبة، وهذا ما أضاف لهم شعبية واسعة على مستوى العالم أجمع ولم يأتِ ذلك إلا تأثرًا بطابعها المحتشم وكيانها المصون، نعم هذه عمان التي تغنى بها الشعراء وجاز جمالها الأدباء والفقهاء وكانت ولا زالت محط أنظار الدول والشعوب كافة.
إلا أنني اليوم- وبكل أسف- أقف وقفة الحق معارضًا بكل عبارات الاستنكار والتعجب لما أراه من السلوكيات المرفوضة والأفعال الدخيلة، التي تخدش تلك السمعة المصونة وتعكر صفو نقاء لهذه البلاد الطاهرة.
إن ما يحدث في الآونة الأخيرة من انتهاكات لما حرم الله سبحانه وتجاوزات مخلة بالآداب والأخلاق في المناسبات والحفلات، أمرٌ يثير الجدل والحزن في نفس كل عماني غيور على بلاده وشعبها الكريم وإنه لذنبٌ لو تعلمون عظيم، ولعل ما نراه في مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي أشد دليل على ذلك، في حين لا تزال هذه القضية مبهمة وغامضة إلى هذه اللحظة، ولذلك علينا جميعا أن نصحح من هذه السلوكيات كي لا تعكّر صفحة النقاء والطهارة للحضارة العمانية.
وكما قيل: “إن لم تستحِ فافعل ما شئت”.. لذلك أرى أن الحياء سلعة نادرة لا يملكها إلا ذو حظٍ عظيم، ولهذا دائما ما نرى تلك المقاطع المخلة تنتشر ويكثر تداولها في منصات وبرامج التواصل المختلفة، وكثيرًا ما ينتابني شعور الحزن والألم عندما يفسرها الكثير بأنها نابعة من الموروث الشعبي والعادات القديمة وأنها مرتبطة بحفلات الغناء والاحتفال منذ القدم.
ومن هنا نؤكد أن الفنون الشعبية العمانية الأصيلة كانت ولا تزال علامة بارزة في تاريخ السلطنة، لكنها لم ولن تصل إلى ما نراه يحدث اليوم وشتّان بين الفنون الشعبية وبين الرقص وتلك الأفعال التي نراها باستمرار في تلك المناسبات، كما أن المزج بين هذا وذاك ليس إلا عذرًا أقبح من الذنب، ولذلك فإننا نؤكد بأن ما يحدث ليس له علاقة بالفنون الشعبية أبدا ولا ينتمي إلى عمان وشعبها وليست تلك السلوكيات إلا طريقا مظلما لا بداية له ولا نهاية.
وختاما، فإن هذه الظاهرة تؤثر بشكل أو بآخر على الفرد والمجتمع، والأدهى من ذلك أنها تؤثر على سمعة الوطن بشكل عام نظرًا لأن كل السلوكيات والفيديوهات يسهل تداولها داخليًا وخارجيا، مما يكون صورة ذهنية واعتقاد خاطئ للموروث العماني عند الدول الأخرى وعامة الناس، ولذلك علينا أن نتكاتف وأن تتخذ الجهات المعنية الإجراءات الصارمة حفاظا على الهوية العمانية والموروث الأصيل.