الدوحة- عبدالله الرحبي
أكّد عدد من الخبراء في المجال الثقافي على التأثير الإيجابي الذي يُصاحب بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ والإرث الثقافي الذي ستتركه هذه البطولة على مستوى تغيير المفاهيم الخاطئة والصورة النمطية غير الصحيحة التي يتصورّها البعض عن العالم العربي.
جاء ذلك، خلال جلسة نقاشية عُقدت بعنوان:” ترسيخ التراث والثقافة العربية خلال بطولة كأس العالم الأولى في الشرق الأوسط”، في المركز الإعلامي للدولة المُضيفة، مشيرب قلب الدوحة. سلّطت هذه الجلسة الضوء على استقطاب أنشطة التراث الوطني والثقافة المحلية المشجعين والزوّار من جميع أنحاء العالم خلال الأسابيع الأربع الماضية، وذلك من خلال زيارة المعالم الثقافية المختلفة في قطر، ومن بينها متاحف قطر ومكتبة قطر الوطنية، ناهيك عن تقليص الفجوة الثقافية بين الثقافات المختلفة، ما يُعزز جُسور التواصل بين العالم الغربي والشرق الأوسط ولا سيّما الوطن العربي.
وقالت أميرة العجي، رئيس قسم فنون المجتمع في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، خلال مشاركتها في الجلسة: “هناك تصوّرات خاطئة عن ثقافتنا، لذا شكّلت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ فرصة لإيصال رسالتنا إلى كثير من الناس من مختلف الثقافات وإعطاء صورة أوضح عن هويّتنا وثقافتنا، وإعادة تشكيل تصوّراتهم، وتعريفهم بالأهداف والخطط المستقبلية”. وأضافت: “يُسعدنا أن كأس العالم أوجد صلة قوية ووجدانية بين الشعب القطري والشعوب من جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، نرى أفرادًا من مختلف الثقافات يرغبون بارتداء الثوب القطري والتجوّل في سوق واقف، وسيدات أجنبيات يرغبن بتجربة الحناء”.
من جهتها، قالت هند الخليفي، مدير شؤون التخطيط الاستراتيجي والمشاريع، من مكتبة قطر الوطنية بالمدينة التعليمية، والتي تعقد فعاليات مختلفة في إطار “نُرحب بالعالم في قطر 2022™”:”من الرائع حقًا أن نلحظ هذا الاعجاب في عيون زوّارنا، ونلمس السعادة التي تبدو على ملامحهم عندما يجدون لدينا الكُتب التي يبحثون عنها”، مضيفة: “لقد تمكّنا من الترحيب بالعالم، وإيصال رسالة بأنّ لدينا الكثير من القواسم المشتركة التي تجذب اهتمامهم وتحثّهم على التفكير”.
في هذه الجلسة أيضًا، عبّرت الشيخة ريم آل ثاني، نائب الرئيس التنفيذي بالوكالة للمعارض والتسويق ومدير إدارة المعارض المركزية في متاحف قطر، قائلةً:” تعكس أنشطتنا التنوّع الذي يتميّز به العالم العربي وأنتجت روابطًا بصرية تُساعد على تغيير المفاهيم الخاطئة والتصوّرات النمطية. نحن هنا نسرد قصصنا بأصواتنا ومن وحي ثقافتنا”.
وأضافت:” نحن كمؤسسة ثقافية نؤمن بالتعدد الثقافي وأفراد مجتمعنا يتحدّثون بلغات مختلفة، ويُسرّنا رغبة الناس في تجربة الأزياء التقليدية، وتناول المأكولات القطرية، ويسعون للاستفسار عن أمور كانوا يتصوّرون أنه لا يُمكنهم طرحها ولكنّنا دائمًا مستعدّون للحوار”.
كذلك سلّطت الشيخة ريم آل ثاني الضوء على أهمية التوثيق الشفهي لتاريخ قطر والحفاظ على المواقع التراثية عبر المعالم التراثية المختلفة، ومن بينها بيت آل خاطر، الذي يقع داخل المدينة التعليمية، وقد كرسّت مؤسسة قطر هذا البيت كمساحة للتبادل الثقافي، وستقوم مكتبة قطر الوطنية بالتوثيق الشفهي لسيرورة هذا البيت التاريخية بالتعاون مع أفراد عائلة آل خاطر.
وأوضحت: “التوثيق الشفهي للتراث مهمّ جدًا وعلينا اغتنام هذه الفرصة، ونحن نعمل على التوثيق الشفهي لتاريخ عوائل وأفراد مختلفة من جميع أنحاء البلاد، ونحن حريصون جدًا على القيام بذلك. ويكتنز التراث القطري العديد من المواقع الأثرية مثل الآبار والقلاع التي لا تزال تحت الأرض والتي يجري التنقيب عنها، ونحن نعمل من أجل الحفاظ على هذه المواقع وتوثيق تاريخها بشكل كامل ، حتى تتمكّن الأجيال القادمة من فهم الأسباب التي تُحفزّنا على ذلك، وكيف نعيش حياتنا، بدلًا من أن يتعلّموها عبر قصص متداولة”.
وختمت الشيخة ريم آل ثاني: “هناك العديد من الأنشطة التي تشمل مواقعنا التراثية في جميع أنحاء دولة قطر، وهذا ليس فقط في الدوحة والوكرة وإنّما في كافة أنحاء البلاد وسنحرص على توثيق هذا التاريخ”.
هذا وعُقدت هذه الجلسة النقاشية، بالتزامن مع أنشطة النسخة الثانية من مهرجان دريشة للفنون الأدائية، الذي يستمر لغاية 17 ديسمبر في حديقة الأكسجين بالمدينة التعليمية، بالإضافة إلى أنشطة أخرى تُرسخ دور مكتبة قطر الوطنية كمركز معرفي إقليمي، ووجهةً للحفاظ على التراث، إلى جانب الدور الرائد الذي تؤديه متاحف قطر، ومؤسسة قطر، في تعزيز اللغة العربية ونشرها.