حمود بن علي الطوقي
يصادف الثاني من ديسمبر من كل عام ذكرى اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وفي هذا العام تحتفل الإمارات بهذا اليوم تحت شعار “روح الاتحاد”، وذلك بعد مرور 51 عاما وسط إنجازات ملفتة للأنظار وغير مسبوقة على جميع الأصعدة، وبقيادة حكيمة من سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ونحن هنا في سلطنة عمان نشارك أشقاءنا بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا، حيث نرى أن كل إنجاز وتطور في دولة الإمارات هو مصدر فخر واعتزاز لنا، وهذا الشعور نستحضره دائما في كل مناسبة أو إنجاز يحققه أشقاؤنا في هذا البلد العزيز، وهذا ما نلمسه في حب السُّمو الشيخ محمد بن زايد لإخوانه العمانيين، فقد وصف هذه العلاقات المتميزة بالأخوة المتجذرة، وأنها علاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخًا وقوة ومحبة.
فعندما تحتفل دولة الإمارات بيومها الوطني فإن الفرحة العمانية من مسندم إلى ظفار حاضرة، ويعبر العمانيون عن هذا الشعور بوسائل مختلفة، معتبرين أن الثاني من ديسمبر هو يوم وطني لعمان وأبناء عمان أيضا، فهذا اليوم بالنسبة لأبناء عمان يوم عزيز، حيث شهد قيام دولة الإمارات المتحدة بقيادة المغفور له بإذن الله الوالد المؤسس سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه- وإخوانه حكام الإمارات بمباركة وتأييد ومؤازرة من مؤسس النهضة العمانية السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.
ويشهد القاصي والداني الإنجازات الضخمة التي تحققت في دولة الإمارات بعد مضي نحو خمسة على قيام الاتحاد، حيث شهدت في هذه الفترة طفرات تنموية متسارعة في جميع المجالات خاصة الاقتصادية والتنموية، وأصبحت دولة الإمارات اليوم من أفضل دول العالم وحلما لكل إنسان على وجه الأرض أن يقيم ويعيش في هذا البلد العزيز، وقد حصدت الإمارات في زمن قصير مراكز متقدمة في مختلف المجالات ومنها المؤشرات التنافسية العالمية، وتتطلع لبدء خمسة عقود جديدة نحو تحقيق غاياتها من النماء والتقدم والازدهار.
وتشهد العلاقات العمانية الإماراتية في ظل قيادتي البلدين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- سلطان عمان، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، نقلة نوعية في العلاقات الثنائية على مختلف المستويات ورغبة صادقة في تطوير التعاون المشترك في مختلف المجالات ترسيخا لعمق العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين التي أرسى دعائمها المغفور لهما بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور وأخوه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراهما.
إن مواطني البلدين هم جسد واحد، دم يجري في وريد واحد، وصدق صاحب السُّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عندما جسد خصوصية العلاقات الإماراتية العمانية وعمقها التاريخي، حين قال: “عمان منا ونحن منهم، إخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا”.
هذا الشعور المتبادل يحمله أيضا العمانيون تجاه إخوانهم وأشقائهم في الجارة الشقيقة الصغرى الإمارات الكبيرة في عطائها ومحبتها للعُمانيين.
اليوم عُمان والإمارات تجنيان ثمار هذه العلاقات المتجذرة برؤية مستقبلية عميقة، والتي من شأنها أن تساهم في دعم المزيد من التقارب بين البلدين الشقيقين، وسوف تترجم الرؤية المستقبلية إلى آفاق أرحب بعد الزيارة التاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لسلطنة عمان، ولقائه شقيقه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظهما الله، ولا شك أن هذه الزيارة الكريمة مختلفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، سعيا نحو تلبية تطلعات الشعبين وتعميق التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية، ودفعها إلى الأمام بما يُلبي تطلعات البلدين ويحقق أهدافهما نحو التنمية المستدامة، ولاشك أن الكل في مسقط وأبوظبي يدرك أن العلاقات بين البلدين ستزداد عمقا وسيتم رسم خارطة طريق جديدة توجه البوصلة نحو أهداف تعزز من مكانه أبناء البلدين الشقيقين وستنقل تلك العلاقات الأخوية الصادقة إلى مرحلة جديدة تتشابك فيها الأيدي لتنمية علاقات الأخوة المتميزة.
الكل يدرك حجم العلاقات العمانية الإماراتية والتي تتميز بخصوصيتها الفريدة، نسجتها صلة الأرحام والقربى والمصاهرة والموروث الثقافي، وجعلتها راسخة على مر العقود، ولا شك أنها تزداد رسوخا ونموًا سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وعندما نتحدث عن هذه العلاقات التي تربط بين القيادتين نستحضر تلك الزيارة التاريخية للوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه- إلى سلطنة عُمان في عام 1991 والتي ظلت راسخة في وجدان العمانيين؛ حيث شكلت وقتها منعطفًا مهمًا في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تمَّ على إثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين، وما زالت هذه اللجنة قائمة تؤدي دورها، ويتطلع الشعبان لتفعيل أعمال هذه اللجنة واللجان الأخرى والاتفاقيات الموقعة بين البلدين، خاصة تلك الاتفاقيات الداعمة للتكامل الاقتصادي الذي يعمل من أجله البلدان، من خلال تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بينهما، وتنمية الشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها قطاع الطاقة، والطاقة المتجددة وحلول المياه والخدمات المالية والدعم اللوجستي والإنشاءات والعقارات وريادة الأعمال.
وأجزم كمتابع، بأن أعمال اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات وسلطنة عمان والتي أنشئت في مايو 1991، ستنتعش خلال المرحلة المقبلة، كما سنشهد تطورًا ملحوظًا في دعم العلاقات الاقتصادية في مجالات الخدمات الجوية، واتفاقية النقل البري الدولي للركاب والبضائع، والاتفاقية الثنائية للربط الكهربائي والتجارة غير النفطية إلى مستويات أفضل.
وأجزم أن نمو العلاقات التجارية والاستثمارية سوف يفتح آفاقًا جديدة لتشغيل مواطني البلدين في المشاريع المشتركة، نسأل الله أن يوفق القيادتين الحكيمتين لما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
نعم ونقولها بفخر وباعتزاز، أن دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تحتفل بيومها الوطني الحادي والخمسين تنطلق بإرث من الإنجازات وترسم خارطة طريق نحو الخمسين عاماً القادمة برؤية استراتيجية شاملة بعيدة المدى، وتتخذ دائما في شعارها التميّز والتفرّد والريادة، وأهدافها تأمين مستقبلٍ سعيدٍ وحياةٍ أفضل للأجيال القادمة والارتقاء بمكانة الدولة وسمعتها واستدامتها وقوتها الناعمة، بحيث تكون بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها، من الدول الأفضل في العالم، واقتصادها هو الأقوى والأنشط على وجه البسيطة.
حفظ الله الإمارات وأهلها وأدام عليهم نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار.