راشد المسروري
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز “وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين”، وقد فسر ابن كثير الآية “وأرسلنا الرياح لواقح” أي: تلقح السحاب فتدر ماء وهي الرياح النافعة بالجمع، وبعكس الريح المفردة التي وصفت بالعقيم لأنها غير منتجة.
الشاهد أن هذه الآية الكريمة تحمل الكثير من المعاني وأهمها طاقة الرياح الطبيعية التي تأتينا لتسوق إلينا السحب الخازنة لمياه الأمطار، يسقينا بها الله تعالى متى شاء ليحيي بها الأرض بعد موتها.
نحن لسنا بخازنين لهذه الأمطار ولا المياه التي تنزل بفعل هذه العملية الديناميكية الفريدة نتيجة حركة الرياح القوية لهذه السحب الخازنة للأمطار، فسبحان الله جل في علاه.
إن الحضارات لا تقوم إلا على الماء وهكذا هو الحال، فكل الدول تعول على حاجتها من الماء بشكل كبير جدًا وبملايين الليترات المكعبة، لأن الماء هو شريان الحياة.
كيف نحن بني البشر نستفيد من هذه المياه الهائلة التي ينزلها لنا الله تعالى بفعل هذه العملية الطبيعية التي تنتج لنا ماء منزلا بشكل كبير جدا، وهذا يتطلب منا أن نخطط بشكل جيد للحفاظ على الماء المنزّل من السحب الخازنة.
نحتاج أن نعيد تخطيط أماكن نزول الأمطار الدائمة والمتوقعة لدينا كجبال الحجر الشرقي والغربي وتحديدها جغرافيا وإعلانها مناطق طبيعية غير قابلة للتمدد العمراني، حفاظًا عليها من أي عبث أو تلوث يصيب هذه المناطق بفعل السكان، وأن تكون هذه المناطق أماكن خازنة للمياه الجوفية مثل ما هو الحال في “سد وادي ضيقة” الذي يخزن فيه الماء بكميات يجب أن يستفيد منها كل من خلقه الله تعالى وقريب من أماكن هذه المياه المخزنة.
تتكرر هذه العملية الطبيعية بشكلٍ سنوي وهي تلقيح الرياح للسحب فتدر الأمطار مدرارًا، وتمر على كل وادي وقرية وتذهب هباء دون الاستفادة منها أو تخزينها، وهنا دعوة إلى إنشاء منظومة للمياه الجوفية تطبيقًا لأحد أركان الأمن القومي وهو “الأمن المائي”.
إن منظومات الأمن المائي الحالية هي عبارة عن عملية تصفية مياه البحار وتوصيلها عبر شبكة مياه ممتدة بين المحافظات، وهي التي تؤمن حاجة الناس من الماء، وقد تتأثر هذه الشبكة بمجرد الإعلان عن صيانة أو ظروف قاهرة.
إن إنشاء منظومة للأمن المائي الجوفي تكون متكاملة ومرتبطة ارتباطا وثيقا بين جميع المحافظات، يعزز الحاجة إلى تغذية هذه المناطق بالماء تحت أي ظرف من الظروف، بالإضافة إلى أن هذه الأماكن المملوءة بالماء ستكون أماكن خصبة جدًا تشجع على الزراعة والإنتاج والتوظيف وجلب الاستثمارات مما يعزز مبدأ أخر وهو زيادة الإنتاج القومي المحلي الإجمالي.
بالتالي كما يرينا الله تعالى بقدرته العظيمة على حفظ الماء في هذه السحب التي يسوقها لنا متى وكيفما شاء، أيضا نحتاج أن نتفكر ونحفظ هذه المياه التي تدر علينا مدرارا. داعين الله تعالى أن يجعل عُمان بلدا آمنًا سخاء رخاء أخضرًا.