سالمة بنت هلال الراسبية
مع بدء أيام الدراسة، تبدأ حالة الطوارئ في معظم البيوت نظرا لأهمية متابعة الأبناء دراسيا والتأكد من أداء فروضهم وواجباتهم ومراجعة الدروس في مختلف المناهج.
ويختلف تعامل أولياء الأمور مع أبنائهم حول مدى حجم المساعدة التي يقدمها الآباء للأبناء، ومتى يمكن ترك الابن للاعتماد على نفسه في حل واجباته ومذاكرة دروسه، وهل يختلف الأمر إذا كان الطالب صبيا أو فتاة؟
تؤكد الكاتبة منى خير- بمجلة الجزيرة نت- أهمية تعليم الطفل كيفية الدراسة بنفسه، وتقول إنه من الصعب على الآباء معرفة الوقت الذي يجب فيه مساعدة الطفل في الدراسة، والوقت الذي لا ينبغي مساعدته فيه، لأن المبالغة في المساعدة يمكن أن تضرّ الطفل بدلا من أن تنفعه.
ووفق ما نشر موقع “إنديابارنتيغ” يعتقد العديد من الآباء أنهم كلما ساعدوا أطفالهم، فسيكون أداؤهم أفضل في المدرسة حتى يحافظوا على المستوى الأعلى في الفصل.
تساؤلات عديدة تراود الآباء حول كيفية جعل الطفل مستقلا دراسيا، وفي أي سن يمكن تحقيق ذلك، وعليه، حاورت الكاتبة عددا من الأمهات لمعرفة آرائهم والاطلاع على خبراتهم التربوية وتجاربهن حول ذلك.
تقول لمياء “أم لـ4 أبناء” إن الأمر يختلف إذا كان الطفل ولد أو بنت، وتؤكد أن الولد يحتاج إلى المساعدة منذ الصفوف الأولى وحتى الصف السابع أو الثامن حتى يستطيع معرفة كيفية الدراسة والاستذكار وحل الواجبات، أما البنات فلا فهن مستقلات منذ الصفوف الأولى وفقط يحتجن إلى التوجيه.
أما غالية “أم لولدين” فتشير إلى أن أحد أبنائها متفوق ويعتمد على نفسه ويحتاج للتوجيه فقط، أما الآخر فيحتاج إلى مساعدة مستمرة حتى يتم واجباته ويذاكر دروسه، مضيفة أن هذا الأمر لا يشعرها بالضجر لأنها على قناعة تامة أن قدرات الأبناء مختلفة وبناء على ذلك يكون دور الآباء والأمهات.
وتوضح رقية “أم لـ5 أبناء” أن استقلال الابن دراسيا يعتمد على قدراته الشخصية، فبعضهم يستقل دراسيا من الصف الثالث والآخرون يحتاجون للمساعدة حتى الصف السابع، مؤكدة أنه من الأفضل أن يستقل الابن دراسيا ويعتمد على نفسه من الصف الثالث ويكون دور الوالدين هو التوجيه فقط.
وتتحدث منال “أم لـ6 أبناء” عن تجربتها فتقول: “أشعر أن دوري الأساسي كأم أن أساعد أبنائي في الدراسة من الصف الأول إلى السابع، حتى يتجاوزوا التحديات في حل الواجبات بشكل يومي ومتابعة الأنشطة والبحث عن معلومات إضافية للدروس، وأحيانا أشعر بتأنيب الضمير إن تجاهلت ابني في أي وقت من الأوقات يكون هو بحاجة لمن يعلمه كيف يكتب ويحل واجبه”.
وترى أن مساعدة الأبناء لا يعني أنهم لا يمكنهم الاعتماد على نفسهم ومذاكرة دروسهم بمفردهم، موضحة أنه في بعض الأحيان لا تتواجد في المنزل ويقوم الأبناء بحل واجباتهم بمفردهم.
وتتابع: “يهمني كثيرا جدا أن يحصل أبنائي على درجة عالية لذلك أنا أقوم بدوري الحالي في متابعتهم يوميا، ولدي صبر في ترديبهم على حل الأنشطة يوميا”.
ولدى وفاء “أم لـ6 أبناء” منهج واضح ومختلف في التعامل مع أبنائها وطريقة مذاكرتهم، فتقول: لدي طريقة مختلفة وعلى الجميع الالتزام بها، وهي الاعتماد على جهودهم الفردية ويقتصر دوري كأم على توفير البيئة المناسبة والتوجيه والإرشاد والمتابعة من خلال ترك مساحة للحرية الدراسية وعلى الأبناء الاجتهاد وتحمل المسؤولية، وهذا الأمر ساعدني في تخطي أبنائي العديد من التحديات وساهم في استقلالهم المبكر منذ الصفوف الأولى، واكتشاف أخطائهم حتى لا تتكرر، كما أن هذا النهج ساهم في ترسيخ تعلمهم الذاتي والبحث عن المعلومة بأنفسهم، وأعتقد أن الأبناء يتعلمون من بعضهم البعض فالصغير يتعلم من الكبير وهذا ما لمسوه من فوائد تربوية وتحصيل دراسي حسب قدراتهم الذهنية”.
وتتفق نادية “أم لـ3 أبناء” مع الرأي السابق، لافتة إلى أنها توجه أبناءه للاعتماد على أنفسهم في تقصي المعلومات، مضيفة: “عندما كنا صغارا كنا مستقلين دراسيا، لربما أن هذا الأمر جعلنا مهتمين بالدراسة ونشعر بالانتماء للمدرسة أكثر من الأجيال الحالية التي ورغم توفر كافة مصادر المعلومات إلا أنهم ينتظرون الآباء لفتح حقيبتهم المدرسية”.
وتقول الاستشارية التربوية الدكتورة أمل بورشط- مجلة لجزيرة نت-: “مع الأسف، يعتقد الأهل أن التصاقهم بأبنائهم مفيد لتعلمهم، متغافلين أن الذهن قد يشرد وهم بجوارهم”، وتبين أن الأبناء من سن 4 : 9 سنوات يجب مساندتهم في المواضيع الدراسية الصعبة، ومن سن 10- 15 سنة يجب توجيههم للاعتماد على أنفسهم، ومن 15-18 يكون الاستقلال التام.
وترى الكاتبة أن التدرج في استقلالية الابن دراسيا يجب أن يبدأ منذ الصفوف الأولى، خاصة في ظل التقدم العلمي والتكنلوجي وتوفر المعلومات بشكل أسهل للأبناء، مما يدعم نموهم الفكري والعقلي، ويغرس فيهم حب التعلم الذاتي واكتشاف قدراتهم ومهاراتهم وبالتالي يحسن ويطور المفاهيم لديهم بشكل أكبر مع الوقت.
مصدر الصورة: جريدة عمان