بدر بن سالم العبري
قد تختلف هذه الرّحلة عن الرّحلات السّابقة، حيث اعتدتُ على التّركيز على الإنسان من خلال الزّيارات المعرفيّة، ومن خلال لقاءات الرّحلات خصوصا، واكتشاف دياناته ومذاهبه وتوجهاته، فأردتُ أن تكون هذه الرّحلة تأمليّة للإنسان ذاته، أتأمل فيها الإنسانَ من الخارج عن طريق الصّمت والتّدبر، أكثر من الحديث والحوار، باعثا في مخيلتي مجموعة من الأسئلة لعلّي أجد بعض الجواب عنها، راجيا أن تكون فاتحة لرحلات أكثر عمقا وتعرّفا للدّين والتّدين والإنسان والعرفان الغنوصيّ بشكل عام في الهند، وهذا ما أرجوه قريبا، ثمّ التّوغل الكشفي للجزء الآخر من الشّرق عموما، إن كتب الله لي بقيّة في العمر.
قبل إعلان سفري إلى الهند رأيتُ الجانب السّلبيّ في كلام النّاس أكثر من الجانب الإيجابيّ، لقد صُوّرت في ذهني أنّها ليست آمنة، ومليئة باللّصوص والمتسوّلين والنّصابين والأمراض والأوساخ، وأنّك معرض بشكل كبير أن يسرق مالك وهاتفك، وأن ينصب عليك في مطعمك وطرقك، وقد تكون حوادث وقعت، والنّاس تعمّم، وأنت تتحدّث عن بلد تجاوز المليار، بيد أنّك تعيش في بلد مع غير أهل البلد لا يتجاوز سكانه خمسة ملايين إنسانا فقط، فلا مقارنة بين البلدين في الكثافة السّكانيّة بحال من الأحوال.
ولا يعني أنّه لا يوجد من له رؤية إيجابيّة، والنّاس مذاهب في أسباب سفرهم وخلطتهم وتجاربهم، وإن كان الغالب يذهب إلى الهند للعلاج، ومنهم للزّواج، والقليل من يذهب للخلطة والبحث والتّأمل والكشف والمغامرة، وهذا كان مرادنا في الابتداء لعلاج الوالد – حفظه الله – مع النّزهة في أربعة أيام بصحبة الأخ الأصغر “حمد” مع زوجه وأولاده الأربعة، ثمّ زدت بضعة أخرى من عندي بعد رجوع الوالد والأخ وعائلته؛ لأسكن في جزء منها مع نزل بسيط لأسرة سيخيّة في منطقة ANDHIRI، والجزء المتبقي في نزل بسيط آخر لأسرة مسلمة في منطقة BANDRA.
خرجت من النّزل في الموالح الجنوبيّة مساء الثّلاثاء 20 ذو الحجّة 1443هـ/ 19 يونيو 2022م السّاعة الحادية عشر ليلا، بصحبة الأستاذ عمّار بن عبد الله بن مطر البلوشي، مصرّا على توصيلي إلى المطار، ولمّا وصلت المطار كان مزدحما، ونحن على الطّيران العمانيّ، وتأخر الوالد والأخوة، ليصلوا الثّانية عشر ليلا، وكذلك الرّحلة تأخرت قليلا، لتقلع قرب الثّالثة بعد منتصف اللّيل، بيد أنني لم أرَ ازدحاما على (الكاونتر) العمانيّ سابقا مثل ما رأيته في هذه الرّحلة، والسّبب أنّهم جمّعوا جميع أو غالب الرّحلات على الطّيران العمانيّ في مكان واحد، ووصلنا مطار مومباي السّاعة السّادسة وأربعين دقيقة فجرا بتوقيتهم، وكان مطارا كبيرا لم أتوقعه، إلا أنّه للأسف متعب في إنهاء الإجراءات، فمع وجود المنصّات الكثيرة المخصّصة لغير الهنود؛ ولكن لا يوجد فيها أحد، أي فاضيّة مع ازدحام المسافرين، كذلك رأيتُهم يقدّمون أبناء البلد على غيرهم ولو كانوا آخر الصّف، وتوجد منصّات مخصّصة لهم، وأيضا يأتي دورك؛ لكن من السّهولة أن يغلق الشّرطيّ (الكاونتر) ويذهب بلا سابق إنذار أو اعتذار، فتذهب إلى منصّة أخرى، ومن الغرابة لمّا أعطينا سابقا ورقة في الطّائرة نسجّل فيها البيانات، إلا أنّها لم تطلب، ولمّا وصلنا قرب (الكاونتر) أعطينا ورقة أخرى لكلّ شخص، يطلبون فيها جميع بياناتك، من اسم وميلاد ومكان ميلاد ورقم جواز هاتف، وأين تسكن في الهند، والمنطقة، ورقم الفندق ونحوها، فتأخرنا حتى خشينا أن تبقى المنصّات فاضية فنتأخر، والأمر الأعظم أنّ لأخي بنتين توأم (لمى ولمياء) في التّاسعة من عمرهما، تشبهان بعضهما، حتّى أنا شخصيّا بصعوبة أفرق بينهما في الأسماء، فاعتدت أن أطلق عليهما العجوزتين من باب الظّرافة، وهنا الشّرطيّ لم يستطع التّفريق بين الصّورتين في الجوازين، وقال استخدمتم صورة واحدة للجوازين، وبعد إقناع له أنّهما صورتان وليستا صورة واحدة، أخذ الجوازين إلى الدّاخل، وقال سوف أرجع، وتأخر كثيرا، ثمّ سمح بالدّخول، وأخبرني الأخ أنّ الأمر تكرر ذاته عند الرّجوع إلى البلد، ولم أكن معهم حينها.
عموما خرجنا من القاعة الرّئيسة للمطار، وأدركتُ أنّ سبب هذا لم ندفع بخشيشا للعديد ممّن يعترضنا في الطّريق إلى (الكاونتر)، ممّن يعمل في المطار، وهذه وجدتها للأسف حتّى في بعض المطارات العربيّة، وشخصيّا لا أحبّذ إعطاء ممّن يعمل في المطارات، خصوصا ممّن يعمل في الأمن مبلغا ماليّا أي بخشيشا ولو على سبيل الصّدقة لتعجيل أو تيسير خدمة، فلا ندري كيف تتطوّر، وقد تلحق ضررا كبيرا للرّكاب، كزيادة الحمولة على الطّائرة، أو إدخال مواد مضرّة، ومعظم النّار من مستصغر الشّرر كما قيل سابقا.
خرجنا من المطار ووجدنا السّائق ينتظرنا، وكان سيخيّا مهذّبا من أهل مومباي، يتحدّث الإنجليزيّة، ويعرف طرقها وأزقتها، ومكان الزّحام فيها من دونه، فكثيرا ما يسّر لنا هذا الأمر، كما أنّ الجوّ كان ماطرا، يسقط بين فترات متقاربة، وأخبرنا أنّ هذا يستمر شهرين، والحياة طبيعيّة جدّا، وأماكن التّصريف في كلّ مكان، إلا الأحياء الفقيرة، فوجدت الوضع عندهم سيئا، ولعشوائيّة السّكن ليس جيّدا، فكثيرا ما يختلط بك الماء الملوث بالتّربة وروث الحيوانات وبقايا الإنسان، ولكن النّاس كلّ في فلك يسبحون، ولا يظهرون تبرما، وكلّ يحمل مظلّته، ويبيعونها على الطّرقات، وعند الإشارات، إلا أنّها عادة ما تستهلك بسرعة، مع رخص ثمنها، وفي هذه الفترة القصيرة اشتريت اثنتين منها، استهلكتا بسرعة جدّا.
ونحن في طريقنا إلى منتجع Sun-n-Sand Mumbai Juhu Beach في منطقة Juhu Beach، وهي منطقة ساحليّة، وجدت الشّوارع والجسور الكبيرة، ورأيت لديهم فلسفة أنسنة المدن في الجملة، مع جمال الطّقس والطّبيعة، لنصل المنتجع في العاشرة صباحا، وكان تعاملهم جيّدا، ويتواضعون للضّيف كثيرا، ثمّ نأخذ شيئا من الرّاحة.
وقبل أن أذكر بعض الأحداث الّتي رأيتها هناك – كما سنرى في الحلقات المقبلة -، سلبا أم إيجابا؛ استمتعت بوجودي في مومباي أو بومباي قديما حتّى عام 1995م، بوابة الهند على بحر العرب، وعاصمة ولاية ماهاراشترا التّجاريّة الأولى، فكتبتُ هذا التّأمل في سكني في في منطقة ANDHIRI، وعنونتها بعنوان “من مسقط إلى مومباي”، وأرسلتها إلى جريدة عُمان، ونشرت يوم الاثنين على موقع الجريدة 5 ذو الحجّة 1443هـ/ 4 يوليو 2022م، كما نشرت على الصّحيفة الورقيّة للمجلّة في اليوم التّالي الثّلاثاء، حيث “وأنا أتأمل الإنسان في هذه المدينة الّتي يتجاوز سكانها – كما يذكر بعضهم – العشرين مليونا، محاولا الاقتراب منه في سوقه وزقاقه، وفي مساجده ومعابده، وفي مطاعمه وساحل بحره، لعلّي أجد رابطا بين مومباي ومسقط، بل وبين مومباي وعُمان، فكانت عشق العمانيين، ومحطّ سفرهم وتجارتهم، ومينائهم التّجاريّ الآخر في بحر العرب تصديرا واستيرادا، وإذا كانت مسقط عروس بحر العرب من زاويته الغربيّة للبحر؛ فإنّ مومباي عروس بحر العرب من زاويته الشّرقيّة.
تضمّ مومبابي تأريخا مهمّا للعلاقات العمانيّة الهنديّة قديما وحديثا، لا زال في غالبه لم يكشف ويدوّن، ولا زالت العديد من الوثائق لم تحلّل وتخرج؛ فلم تكن مومبابي محطّ أنظار البّحارة والتّجار فحسب؛ بل كانت محطّ أنظار بعض السّلاطين، ومنهم السّلطان تيمور بن فيصل [ت 1932م]، والّذي اطمئن بالاستقرار فيها، ودفن في ترابها، فضلا عن الذّاكرة الشّفويّة الّتي يحملها العديد من البّحارة والتّجار ومحبّي السّفر، والّتي لم توثق غالبها، لتغادرنا بمغادرة أصحابها إلى العالم الآخر.
دخلت مسجدا للأحناف في زقاق أنديري القديمة، وكأنّ الزّمان رجع بي إلى مساجد عمان القديمة، من حيث فرشة المسجد وتشابهها مع (بساط) المسجد في عُمان، والمحراب البسيط غير المتكلّف فيه، وأرى كبار السّن يتوافدون بوقارهم وهيئتهم وكأنني أرى مشهدا مصوّرا يرجعني إلى مساجدنا القديمة، مع بساطة الصّلاة، وعدم التّكلّف فيها لحنا وتطويلا.
جئت وفي مخيلتي مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالإنسان والوجود، والّتي لا تراوح تفكيري بين حين وآخر، لعلّي أجد شيئا من الإجابة عنها، والهند بلا شك كنز للبحث عن العديد من التّساؤلات، والوقوف عند الكثير من التّأمل والنّظر، فهي بلاد العجائب والتّناقضات معا، فتشاهد في مومباي جميع التّناقضات، فضلا عن الأديان المختلفة والمتباينة، يسودها خمسة أديان رئيسة، الهندوس ثمّ المسلمون ثمّ البوذيون ثمّ المسيحيون ثمّ الجينيون وسادسها بنسبة ضئيلة جدّا السّيخ، مع تشعب الهندوسية، وتعدد طرقها وتصوّراتها للآلهة[1]، ووجود التّيارات اليساريّة المعاصرة، والتّوجهات اللّبراليّة، إلا أنّك بخروجك من المعبد أو الكنيسة أو المسجد، أو حتّى في الجانب الآخر من الملهى أو البار لن تجد أحدا يصادفك غير الإنسان، فقد تجد بعض الملامح تميّزه بها؛ لكن في الجملة لا تكاد تفرق بين أحد، فسوقهم واحد، وعالمهم واحد، وطرقهم واحدة.
إنّ مومباي بهذه التّعدديّة آية في الجمال الإنسانيّ، فتخرج في أيّ ساعة من ليل أو نهار، في الشّاطئ أو السّوق أو الزّقاق، فلا تشعر أأنت في ليل أو نهار، والكل يسبح في عالمه، لترى المتأملين والرّهبان عند البحر، وفي أجواء الطّبيعة الجميلة، يعيشون عالمهم الآخر بأجسادهم النّحيلة، وملابسهم البسيطة.
ليس من السّهل أن تجتمع التّعدديّة مع الأمن، وإن كانت هي من حيث الأصل، إلا أنّها قد تكون فتيلا أيضا يشتعل في أيّ وقت إذا تولّد خطاب طائفيّ، يقود هذه المجتمعات الآمنة والمتسالمة إلى الصّراع والعنف، وإن كنت أرى أنّ الطّبيعة الهنديّة لا تختلف كثيرا عن طبيعة سكان الخليج واليمن مثلا، فهذه مجتمعات من داخلها متسالمة ومتصالحة، لا تنظر بريبة كبيرة إلى المختلف، عدا خطابات دينية سلبيّة بين حين وآخر، غالبها مصدّرة من أجواء مظلمة من التّأريح، أو أحداث ظرفيّة فيه، يحاولون استنساخها، أو القياس عليها، وتزداد سوءا إذا غذّيت سياسيّا، وتحوّلت إلى تظاهرة اجتماعيّة.
لهذا أرى لاستقرار المجتمعات عقليّا وأمنيا ضرورة الخطاب الإنسانيّ، وربطه بالجمال الإلهيّ في التّعدديّة الطّبيعيّة في المجتمعات الإنسانيّة، فالأديان وسيلة للوصول إلى الإشباع الرّوحيّ، وتحقق الجمال الإلهيّ، أمّا الإنسان فهو دائرة المشترك في التّعامل الإنسانيّ، فلا يمكن حصر (الإنسان) بماهيّته الواسعة، في زوايا ضيقة، فإذا نظرنا إلى الواسع من خلال الضّيق ضاق الأفق، وأخرجت النّفوس ما في أضغانها من احتقار للمختلف، وتقزيم وتشويه له، أمّا إذا نظرنا إلى الضّيق من خلال الواسع فهنا يتسع الأفق، وتتصالح الذّات، وتتسالم مع الآخر، لتتوسع دائرة البناء، وتضيق دائرة الصّراع.
سابقا عاش العديد من آبائنا في مجتمعات شبه متشابهة، وأحيانا ليس على مستوى الدّين، بل على مستوى المذهب، فهو يعيش في بقعة جغرافيّة يسودها مذهب واحد فقط، وقلّ ما يسافر وينظر إلى المجتمعات المتعددة، فيستنكر حتّى الصّلاة خلف الآخر؛ لاختلاف بعض هيئاتها، فكيف باختلاف التّصوّرات العقديّة بين المذاهب الإسلاميّة نفسها، فنظر إلى الإسلام من خلال مذهبه، فضاق أفقه، وأخرج أحكاما ضيّقة في الحكم والتّعامل مع المختلف، كتبت في ظرفيّة زمنيّة، لا علاقة لها بزماننا، فيحاول البعض اليوم استساخها، أو العيش في أجوائها، ولهذا لمّا خرج الشّيخ إبراهيم بن سعيد العبريّ [ت 1395هـ/ 1975م] من مسقط رأسه في الدّاخليّة، وكانت إباضيّة المذهب؛ فلمّا سكن مسقط، ورأى تعدديّة المذاهب والتّوجهات، أدرك أنّ مشكلة المسلمين في صراعهم يتمثل في عدم الخلطة مع الآخر، أي بمعنى ينظرون إلى الآخر من خلال الدّائرة الضّيقة، وليس من خلال الدّائرة الواسعة.
واليوم اتّسع العالم من جهة، وأصبحنا نعيش في قرية واحدة من جهة ثانية، فجُمع العالم في مدينة واحدة، فالخلطة لم تعد محصورة بين أبناء مذهب أو دين واحد؛ بل الخلطة اليوم داخل أمّة الجنس البشريّ الواحدة، ولم يعد ذلك محصورا بسبب سفر؛ بل أصبحت المجتمعات اليوم مفتوحة على بعضها، بسبب السّياحة علميّة أو ترفيهيّة من جهة، وبسبب الانفتاح الاستثماريّ من جهة مقابلة، فيفد إلى الدّولة القطريّة الواحدة آلاف البشر في العام الواحد، يختلفون في أديانهم وتوجهاتهم وأفكارهم، منهم من يذهب سريعا، ومنهم من يستقر لفترة أطول لدراسة أو عمل، ومنهم من يتجنس ويستقر لاطمئنانه، لتتشكل دوائر مختلفة في المجتمع الواحد؛ لهذا لكون العالم اليوم على هذه الصّورة، لا يمكن قراءته والتّعامل معه إلا من الدّائرة الأوسع وهي الإنسان، وهي ضرورة في قراءتنا للآخر اليوم، يلزم به نتاج فقه جديد يتلائم مع هذه المرحلة.
لعل مومباي خصوصا تجاوزت هذه المرحلة تأريخيّا، كما تجاوزت مصر وبلاد الشّام الخلطة داحل الأديان الإبراهميّة، فاختلطوا بشكل واسع مع اليهود والمسيحيين، ومع التّيارات الإسلاميّة الأخرى كالنّصيريّة والدّروز، فلم تعد أعياد المسيحيين تشكل حساسيّة للمسلمين، ولا أعياد المسلمين تشكل حساسيّة لدى المسيحيين، يشتركون في تراب واحد، يشاركون بعضهم في أفراحهم وأتراحهم، إلا أنّك تجد هنا في مومباي خصوصا، والهند عموما؛ الصّورة أكثر اتّساعا، ما يشبه ذلك في العراق، وإن كانت قريبة من بلاد الشّام، إلا أنّ العراق أكثر تعدديّة دينيّة وعرقيّة.
الشّيء الأهم بعد النّظرة الواسعة، والتّسالم مع الآخر، كيف نساهم في رقيّ هذا الإنسان ذاته، بعيدا عن هوّياته واختلاف أديانه وتوجهاته، من المؤسف حقّا أن يفشل المجتمع الإنسانيّ في تحقيق العدالة الإنسانيّة بين الجميع ولو بنسبة متقاربة، ولعل هذا هو الأهم الّذي ينبغي أن يشتغل عليه المفكرون والمنظرون، فتحقيق كرامة الإنسان من حيث ماهيّته هي الغاية الّتي لا ينبغي إهمالها في المجتمع الإنسانيّ، فموارد الطّبيعة كافية لتحقق الكرامة الإنسانيّة، ولكن الأهواء السّياسيّة والأيدلوجيّة تحول دون تحقّق ذلك.
ومن المؤسف أن تجد هذا الفقر في مومباي، وهي بلاد غنية بالطّبيعة، وبالقوّة البشريّة والعقليّة، ولكن ترى المجتمع هنا متماسكا، ويحاول أن يحقّق كرامته بذاته، مستغلّا قدراته وطاقاته، محافظا على أمنه واستقراره، لعلّ القادم أجمل إذا ما أدركت البشريّة أننا أمّة واحدة، ماهيّتنا واحدة، وتحقيق كرامة الجميع غاية إنسانيّة واحدة”، هذا ما نشرته في جريدة عمان، ووضعته هنا كمقدّمة للتّأمل في بعض معالم مومباي وديانات الهند كما سنرى في الحلقة القادمة.
الهامش:
[1] سبق في إضاءة قلم الحلقة الثّانية حول التّعارف: تعريف بالذّات، ومعرفة للآخر؛ الكتابة كمقدّمات حول الهندوس والمذهب الهندوسيّ الجديد الفيدس في الرّحلة الشّيكاغيّة، كما كتبتُ حول البوذيّة في الرّحلة ذاتها، وأيضا كتبتُ عن السّيخ في الرّحلتين الشّيكاغيّة والتّكساسيّة، ولي أمل أن أكتب حول الجينيّة، كما لي أمل أن أكتب حول الاتّجاهات والطّرق العرفانيّة والطّقوسيّة في هذه الأديان، وغيرها بما في ذلك الإسلام.