الكاتبة: فايزه محمد
لم يكن طريق المنتخب للفوز ببطولة كأس الخليج لكرة القدم قبل عدة أيام مفروشاً بالورود؛ فقد واجه منافسين أقوياء جدا في البطولة، ولكنه استطاع بعزيمة الشباب وروحهم الوطنية العالية من تحقيق اللقب الثاني له في هذه الدورة بعد اللقب الأول في عام 2009.
ولذلك؛ جاء التكريم السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم – حفظه الله – للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم لتثبت من جديد الاهتمام الذي يوليه جلالته – أعزه الله – للرياضة في السلطنة، وحرصه على دعم أبنائه الرياضيين الذين يحققون مراكز متقدمة في البطولات الرياضية الإقليمية والعربية والدولية المختلفة. فقد تفضل جلالته – حفظه الله – وأنعم بوسام عمان المدني من الدرجة الثالثة على سالم بن سعيد الوهيبي رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم وبوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى على المدرب بيم فيربيك مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم لدورهما في فوز المنتخب الوطني لكرة القدم بكأس الخليج، واليوم أصدر جلالته أوامره السامية بصرف مكافآت مالية للجهازين الفني والإداري، وأيضا منح قطع أراضٍ سكنية لجميع لاعبي المنتخب نظير ما حققوه من إنجاز كروي أدخل البهجة والسرور على جميع المواطنين والمقيمين على أرض هذا الوطن المعطاء.
إن الطريق إلى الكأس لم يكن سهلاً أو جاء بالمصادفة، وإنما جاء بعد جهد شاق بذله لاعبو المنتخب من أجل الفوز بالبطولة، فعندما ذهب المنتخب الوطني للمشاركة في الدورة كانت معظم الترشيحات للفوز بالبطولة ذهبت إلى فرق أخرى قوية، ولها تاريخها في عالم كرة القدم، على المستويين الخليجي والأسيوي، خاصة أن المنتخب الوطني كان يعاني من غياب بعض اللاعبين الأساسيين، مثل: الحارس الدولي العملاق الأمين علي الحبسي؛ ولكن النتائج الكبيرة التي حققها المنتخب في الدورة، التي توّجت بالفوز بكأس البطولة، أثبتت أن المنتخب الوطني قادرٌ على التغلب على منافسين يفوقونه خبرة، وأن مدرّبه الهولندي بيم فيربيك -الذي أكمل مطلع السنة عامه الأول مع منتخب السلطنة- استطاع تكوين فريق متجانس بعناصر شابة قادر على صنع المفاجآت والفوز على فرق قوية، وقد كان حماس اللاعبين بالفوز ببطولة الدورة واضحًا منذ بداية الدورة، خاصة بعد أن استطاع التغلّب على منتخب الكويت: 1 / صفر، في المباراة الثانية في البطولة، ثم الفوز على السعودية بنتيجة: 2 / صفر، وتصدّر فرق المجموعة.
ورغم تشكيك بعض المراقبين في قدرة المنتخب على الاستمرار بالبطولة والوصول إلى النهائي؛ إلا أن الفريق أثبت مرة أخرى -في الدور نصف النهائي- أن فوزه على الكويت والسعودية لم يأتِ بالصدفة وإنما نتيجة تخطيط وإصرار على الفوز، وهذا ما أكده لاعبو المنتخب مجددا أمام البحرين، ثم في المباراة النهائية مع الإمارات، التي حبست أنفاس الجمهور العُماني إلى الثواني الأخيرة، عندما احتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح. ولا ننسى هنا الدور الشجاع الذي قام به حارس منتخبنا فايز الرشيدي، الذي تمكّن من صد ضربة جزاء للإمارات في الدقيقة الأخيرة من المباراة، والتي كادت أن تُنهي المباراة لصالح منتخب الإمارات، ثم تصدّيه لركلة الترجيح الأخيرة، التي أدّت إلى فوز المنتخب الوطني بالمباراة والكأس.
وقد أثبتت الدورة وفاء الجماهير العمانية، التي انطلقت بكل قوة لتشجيع منتخبها، وخاصة في مباراة دور نصف النهائي ثم نهائي البطولة، وكان منظر الجماهير العُمانية وهي تزحف إلى الكويت جواً وبرًّا مؤثرًا، خاصة أن كثيرًا منهم من كبار السن، الذين لا يتابعون كرة القدم عادة، ولكن سحر المنتخب جذبهم بقوة إلى الكويت. وقد أثبت الجمهور العُماني هناك أنه خير سفير لعُمان في الخارج؛ مما دعا ببعض المغردين الكويتيين إلى الطلب من الجمهور العُماني عدم مغادرة الكويت.
لقد فاز المنتخب بالدورة، لكن المشوار لا يزال طويلاً أمام هذا المنتخب الشاب لتحقيق آمال الجماهير العمانية في وجود منتخب قوي قادر على المنافسة في البطولات الإقليمية والقارية وليس الخليجية فقط، ولذا، ينبغي على القائمين على شؤون الرياضة في السلطنة وكذلك مؤسسات القطاع الخاص الاهتمام بهذا المنتخب -بالإضافة إلى المنتخبات الرياضية الأخرى- ودعمه مادياً ومعنوياً حتى يرفع اسم السلطنة عالياً خفاقاً في المحافل الرياضية المختلفة.
وأخيراً؛ لقد كشفت دورة كأس الخليج الأخيرة أنه مهما اختلفنا في السياسة؛ فإن الرياضة تجمعنا جميعا -أبناء مجلس التعاون الخليجي- فهذه الدورة – التي كانت مهددة بالتأجيل أو الإلغاء بسبب الأحداث التي نعرفها – استطاع الأشقاء في الكويت تنظيمها في ظروف استثنائية وفي سرعة قياسية، وكانت واحدة من أنجح دورات كأس الخليج، سواء من الناحية التنظيمية أو الفنية، وجميع ذلك لم يكن ليتحقق لولا إرادة شباب الخليج، الذين صمموا على إتمام هذا اللقاء الخليجي وإنجاحه، وهذا ما تحقق بشهادة الجميع.