خاص- شؤون عمانية
كشفت الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، أن عدد المطلقين العُمانيين خلال عام 2021م بلغ 6 آلاف مُطلقًا ومطلقة، ليصل إجمالي عدد المطلقين العمانيين بنهاية عام 2021م 41 ألفا و549 مُطلقًا ومطلقة، مُشكلين نسبة 2.4% من إجمالي العمانيين (15 سنة فأكثر)، حيث شكل الذكور 35% منهم، بينما شكلت النساء 65%.
وتشير هذه الإحصائيات إلى ارتفاع عدد المطلقين، فما أسباب ظهور مؤشر الطلاق بشكل تصاعدي، وما هي الخطوات الواجب اتخاذها على المستوى الأسري والمجتمعي لفهم المشكلة والوقوف على حلها، وما الدور الذي يمكن للمؤسسات المختصة القيام به لمعالجة ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع العماني.
تقول ريان بنت ناصر اليعربية، عضو بلجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العُمانية، إن الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق تختلف وفقا لاختلاف طبيعة وثقافة المجتمعات، موضحة: “أرى أنه مؤشر متصاعد يهدد تماسك الأسرة العمانية ويفكك استقرار الأبناء ويضعف مقومات التربية السليمة، وقد يمنع الشباب من الإقبال على الزواج، وتتمثل الأسباب في سوء اختيار شريك الحياة وعدم التوافق والانسجام، وسوء المعاملة الزوجية سواء من الزوج أو الزوجة، وضعف الشخصية والزواج لمصلحة مادية، وطبيعة عمل المرأة، أضف إلى ذلك تعاطي الكحول والمخدرات وإهمال المرأة لنفسها خاصة بعد الإنجاب”.
وتؤكد اليعربية أن هناك أسبابا أخرى لها علاقة بالجانب الديني تتمثل في ضعف الوعي بالواجبات والحقوق الزوجية، وبخل الزوج والامتناع عن النفقة الأسرية، والإيمان بالشعوذة والتقصير في تربية الأبناء من الطرفين وضعف الوازع الأخلاقي.
كما تشير إلى وجود أسباب مجتمعية مثل الزواج التقليدي وتدخل الأهل في الخلافات الزوجية والزواج المبكر والزواج في مسكن مشترك مع الأهل، وقصر مدة التعارف قبل الزواج وتعدد الزوجات وسوء الحالة الاقتصادية للزوج، مضيفة وجود أسباب صحية مثل العقم وتأخر الإنجاب والأمراض الوراثية والنفسية والعقلية والمعدية.
ولا تستبعد عضو لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العُمانية، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تفكيك الأسر، فتقول: “هناك أسباب تكنولوجية بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، وتتمثل في الخيانة الزوجية عبر هذه الوسائل، ومقارنة الأزواج حياتهم بحياة مشاهير السوشيال ميديا وتفشي الأسرار الزوجية وغياب الخصوصية الأسرية عبر هذه البرامج”.
وتعتبر عائشة النظيرية، أخصائية نفسية واستشارية علاقات أسرية بمركز مملكة الود للاستشارات الأسرية، أن من أهم أسباب ارتفاع مؤشر الطلاق عدم وجود تربية مرتبطة بتفاصيل الزواج والأسرة مع الأبناء، توضح لهم قيمة الزواج كرباط مقدس، وأن هذا الأمر بحاجة إلى توعية حقيقية من قبل تلك المؤسسات بما فيها المسجد والبيت والمدرسة والجمعيات والمؤسسات الخاصة المعنية بالأمر لخفض هذا المؤشر.
وتضيف: “مما لا شك فيه أن المشاكل الزوجية الواقعة هي بسبب قلة الصبر من الطرفين، ولا ننسى قنوات ومنصات السوشيال ميديا وتأثيرها السلبي في هذا الجانب، خاصة فيما يتعلق بالمقارنات، وهذا كله بسبب عدم حسن الاختيار بين الزوجين، بالإضافة إلى عدم وجود الوعي الكافي لدى المقبلين على الزواج، أو وجود وعي خاطئ عن الحياة الزوجية”.
ما الحل؟
تتحدث ريان بنت ناصر اليعربية عن أهمية الوعي الثقافي الأسري عن الحياة الزوجية وعدم تدخل الأهل في مشكلات الزوجين، والقيام بالواجبات والحقوق الزوجية على أكمل وجه واتباع المنهج الإسلامي في الأسرة، والمشاركة من قبل الطرفين في تربية الأبناء، والتعامل بمرونة وتسامح وتضحية واحترام، والموازنة بين الأسرة والعمل، وكذلك فتح قنوات الحوار البناء للوصول إلى التفاهم الأسري.
كما تشدد على ضرورة قيام بعض المؤسسات المتخصصة بدورها تجاه ارتفاع حالات الطلاق، وذلك من خلال تضمين مناهج الثقافة الزوجية والأسرية في المؤسسات التربوية، وزيادة الوعي بالمنهج الإسلامي وأسس الزواج عن طريق المؤسسات الدينية، وتفعيل دور مراكز الإرشاد الزواجي والأسري، والتأهيل قبل الزواج عن طريق دورات وندوات متعددة، ونشر الوعي الأسري والقضايا الزوجية عبر وسائل الإعلام، وتكثيف الجهود البحثية حول الطلاق في المجتمع المحلي داخل مراكز البحوث العلمية مع مراجعة بنود قانون الطلاق وزيادة الوعي القانوني لدى الأزواج.
وترى عائشة النظيرية أن من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها وبسرعة هو وجود قانون يجبر المقبلين على الزواج بدخول دورات تأهيلية متعددة توعوية، مع تكاتف المؤسسات المحلية المسؤولة عن التنمية الاجتماعية لتكثيف هذه التوعية، حتى يعلم المقبل على الزواج حقوقه وواجباته.
وتضيف: “كما يجب إجبار الشباب والبنات المقبلين على الزواج على الفحص الطبي والنفسي والالتحاق بالدورات الخاصة بالعلاقات الزوجية”، مؤكدة أهمية قيام الطرفين بالسؤال عن بعضهما قبل إتمام الزواج والتأكد من التكافؤ الكامل في كل النواحي.