الكاتبة: لمى دعدوش*
قد تستغرب العنوان… لتجد بعدها أنه واردٌ ومألوفٌ جدًا في حياة الكثيرين، فالكثير يحبون أن يظلّوا في طياته… متيقظين لكل محاولة لإخراجهم منه أو إبعادهم عنه… وكأنه حتم كوني، عليهم البقاء في دائرته والدوران فيها دون تغيير ولا تبديل…
طبعا هذا حال من لا يقبلون حتى فكرة النظر في صحته وخطئه…
ولكن إلى متى؟
إلى متى سنظلّ هنا في هذه البقعة متجاهلين أمورًا جديدة قد دخلت في إطار ما يسمى الحاضر، الذي يجب أن يحل محل الماضي ويأخذ دوره، حسب قانون الكون والزمان؟
دور الحاضر هو دور الإنسان الجائع الآن… التعب الآن… الحزين الآن… المريض الآن…الذي يجب أن يدرك بفكره، ويتصرف بسلوكه وجوارحه التصرف العملي في إطار ودائرة الآن…
وهذا يستدعي الخروج من دائرة الماضي بلا عودة، والنظر إليه فيما يوافقنا إيجابيا فقط…
أما ما كان سلبيا فليذهب أدراج الرياح، فلا حاجة لنا به في حينه… فما بالك بحاجتنا إليه الآن؟
إنه لضرب من الجنون أن نبقى متمسكين بأشيائه وذكريات تفاصيله المبعثرة… وأشلاء أحزانه الكئيبة في ميدان الوفاء المزعوم له…
قد تقول لي… لا أستطيع التحرر منه… هل لي من وسيلة؟
جوابك عزيزي يكمن عندك ومعك؛ فإرادتك ملكك، وهذا هو الجواب،
إن لم تستطع السيطرة على ماض يتعبك ويزعجك… فكيف ستقدر أن تحرر نفسك منه؟!
(تحرر نفسك… لا أحد يحررك إلا أنت… لا أحد له سلطة على أفكارك إلاك)
بعضهم يضع لنفسه اسما وهوية غريبة مقترنة به وملاصقة له، كمن يسمي نفسه “أسير الماضي” و”ليل الذكريات” و”لن أنساك”…
لا تتخيل خطورة هذه الرسائل اللاواعية وأثرها في النفس والسلوك والشعور…
فهم يؤكدون ويرسخون هذه الأفكار ومشاعرها المصاحبة لها بأنفسهم في لاوعيهم؛ وبذلك تصبح كل تصرفاتهم وردود أفعالهم وطريقة تفكيرهم على هذا التردد من الضعف والانشغال بالماضي والتحسر عليه والبكاء على أطلاله.
من هنا ستدرك أن شمس حياتك الآنية لن تدخل حتى يخرج منك ليل ماضيك الأسود…
ولن يتلألأ إشعاع نور مستقبلك حتى ينار ضوء حاضرك بإطفاء ليل ماضيك…
كلها إشارات…عبارات… ومضات… تقول لك أن تبدأ وتمسك الممحاة…
لا أريد كذا… ثم لا أريد كذا… ثم لا أريد ذاك… وووو
عزيزي…
دعك مما لا تريد… ولا تحبس نفسك في هذه الدوامة، ومن الأشياء غير المرغوبة، والتي ستعطّل نشاطك وتطفئ حماسك، وتضعك في إطار اليأس والكسل والإحباط…
لنمسك سويا بكراس ما نريد…
حاول أن تجمع رغباتك وأحلامك وأهدافك، واكتبها، ولا تبخل على نفسك بحلم بعيد المنال، فالأحلام بالمجان…
ثم ضع لنفسك أهدافك التي تحقق لك حلمك… كن واقعيا وجديا… وتحمل مسؤولية حياتك الجميلة التي ترسمها الآن وسترى أحلامك فيها محققة – بإذن الله- عندما تعمل عليها حقا…
لا تتوقع عزيزي إلا ما تحب وما تريد… واعمل لتحقيق توقعك؛ لأن مارد الفانوس لم يعد له هنا أي مكان… والمستحيل قريب وقد تجعله في الإمكان؛ حينما تخطط له وتعمل عليه بعزم وإتقان.
هنا تكون قد خرجت من دوامة الماضي إلى ميدان الآن.
تعال فلنسطر كتاب الحياة الذي سيورّق إنجازًا، وعملًا، وجدًا، وراحةً، وهناءً…
ستسعد بعدها حينما تطل على مستقبلك من هنا… لترسمه كما تريد وتلون أوراقه الشفافة بألوان عزمك وقوتك…
قد تجد بعض الصعوبات – وستجدها مؤكدا-لأنه قانون الحياة فلا شيء يأتي بسهولة فائقة، وإلا فإننا لا نفكر بواقعية؛ ولكن تستطيع أن تتغلب على صعوباتك ومعوقاتك عندما تؤمن أنك بدأت طريقك بقوة وأن الله معك وأنك تستطيع أن تحقق ما تريد عندما تعزم وتعمل عليه – بإذن الله – شحذ الهمة من أهم طرق الوصول، فما وصل أحدٌ لمغنمٍ إلا وكان له من علوّ الهمةِ نصيبٌ…
ولتعلم أن ما حباك الله من حلم في نفسك إلا وأنت قادر على تحقيقه؛ وإلا لما دخل إليك وأخذ مكانه في نفسك وقلبك…
إياك عزيزي أن تستهين بأحلامك وأهدافك التي ستحققها؛ لأنها جزء منك وجزء من هويتك ورؤيتك لنفسك، ولما ستكون عليه في المستقبل… فهي باسمك مسماة… وبطموحك مجبولة… وبقوتك معقودة…
فلتعاهد الحياة ألا تكن إلا من الأقوياء… وليكتب القدر أنك هنا… سيكون لك مكان وبنيان…
**مديرة مؤسسة ” بصمة حياة ” للتدريب، ومدربة تنمية ذاتية وتطوير شخصي وبرمجة لغوية عصبية.