سالمة هلال الراسبية
لم يكن التغير الذي طرأ على حياة يوسف الغيلاني وليد يوم وليلة، بل مر بمحطات كثيرة قاسية إلى أن جاءت اللحظة الذي انتقل فيها من مدمن مخدرات إلى صاحب مركز لتأهيل المتعاطين.
تزوجت والدته في العشرين من عمرها ووالده كان في السبعين، وعلى الرغم من معارضة الفتاة إلا أن إصرار الأهل أتم هذا الزواج، وجاء يوسف إلى الحياة وفارقها والده بعد 6 أشهر من ميلاده، وحاولت الأم أن تعيش حياة بسيطة تطمئن فيها على طفلها ليس أكثر.
دخل يوسف المدرسة، والتقى بأصدقاء السوء، ولم يجد من يوجهه أو يرشده إلى الصواب والابتعاد عن الخطأ، سافر إلى الكثير من الدول الآسيوية ليعيش تجارب الحياة لكنه انحرف إلى طريق المخدرات.
استمر “الغيلاني” في التعاطي وكان يقضي يومه في تناول المخدرات والنوم وفقط، حتى ألقي القبض عليه ضمن جهود شرطة عمان السلطانية لمحاربة المخدرات والمهربين.
يقول يوسف: “حكم علي بالسجن مدة 10 أعوام، أكملت 9 أعوام في السجن وعند خروجي من السجن لم أجد إلا ألسنة الناس وهروبهم مني، كنت مضطرا لتعاطي جرعة قاتلة قادتني إلى العناية المركزة، لكن رحمة الله بي كانت أكبر من معصيتي وعادت الحياه لروحي من الجديد ولكن بدون جرعة أخرى”.
حانت اللحظة الفارقة في حياة “الغيلاني”، فقد احتاج أحد الأقارب لمتبرع بالكلية مقابل 10 آلاف ريال، فقرر يوسف بيع كليته لتحسين وضعه المادي، وهنا كان الصراع الأكبر بين استثمار أمواله في تجارة المخدرات أم في طريق آخر يجعل منه إنسانا طبيعيا يحترمه المجتمع.
جاء قرار يوسف بالسفر إلى دولة عربية للتعافي من الإدمان، وبعد فترة زمنية عاد إلى الوطن بشخصية جديدة وطموحات عالية ليساهم في علاج مدمني المخدرات وتم اختياره كمرشد لمدمني المخدرات ليغرس في نفوسهم الأمل.
بعد ذلك قرر “الغيلاني” تأسيس مركز خاص لعلاج المتعاطين تحت اسم “بيت الأمل العالمي”، ويقول عن هذا المركز: “عملت مرشد للتعافي في بيت التعافي التابع لمستشفة المسرة ثم قررت فتح مركز خاص في ولاية صحار، وتم افتتاحه وبعد مضي ثلاث سنوات قررت أن انتقل إلى العاصمة مسقط وتم بحمد الله افتتح الفرع الجديد الذي يستوعب 30 مقيما إقامة كاملة لا تقل عن 6 أشهر وبه مجموعة من البرامج العلاجية والترفيهية مع نخبة من الأخصائيين والمرشدين العمانيين والعرب، وبات هذا المركز يستقبل من مختلف الجنسيات ولله الحمد، وأملي أن افتتح مستشفى خاصا يستوعب جميع الفئات من الجنسين، وما زلت أحاول أن أجد من يساعدني لتكملة هذا الحلم وبإذن الله سأحقق هذا بدعم ودعاء أبناء الوطن العزيز”.
وهنا ولد يوسف من جديد وولد معه حب الحياة والإيجابية، وساهم في تعافي الكثير من الشباب والفتيات ممن سلكوا نفس المسار الذي انجرف عليه في بداية حياته.
ولقد أجرت العديد من القنوات الإعلامية والصحف لقاءات مع يوسف الغيلاني كما أن لديه قناة على يوتيوب لتوجيه النصائح والإرشادات، بالإضافة إلى لقاء عبر قنوات متعددة تعد مصدرا لهذا الموضوع.
ويمتلك الغيلاني حسابا على موقع تويتر، يستخدمه لإرشاد المتعاطين وأفراد المجتمع، كما تأتيه عشرات الاتصالات اليومية من مختلف الدول العربية لاستشارته في كيفية البدء في طريق العلاج من الإدمان.