خاص- شؤون عمانية
يحلم الكثيرون من المثقفين ومحبي القراءة في سلطنة عمان بإنشاء مكتبة وطنية رائدة تضاف إلى الواقع الفكري والحراك الثقافي، نظرا لأهميتها في إبراز التنوع المعرفي ومواكبة التطورات الفكرية في العالم حولنا.
وتحدث عدد من الكتّاب والقراء الشباب إلى صحيفة شؤون عمانية حول هذا الأمر، أملا في تحقيق مبتغاهم.
تقول الشاعرة والكاتبة زهرة بنت أحمد الجامعية إنه من الضروري أن تكون لدينا مكتبة وطنية تضاف إلى ما تحقق من إنجازات فكرية عمانية في شتى المجالات، ويجب أن تكون هذه المكتبة متلائمة مع الاتساع الجغرافي لبلادنا، وتدار بشكل منهجي واحترافي وتحتوي على مصادر وأمهات الكتب، لتصبح منارة رائدة ومرجعًا للباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي، وتواكب أيضًا الانفتاح المعلوماتي والتقني.
وتؤكد أن هذه المكتبة ستعمل على إيجاد حراك ثقافي ومعرفي متنوع حيث ستضيف إلى خارطة الثقافة العمانية الكثير من البصمات النوعية في إطار فكري رصين ومتجدد وتستقطب كافة أفراد وطوائف المجتمع، وستكون قبلة معرفية وثقافية إقليمية وعالمية، ومنصة مهمة للتعريف بسلطنة عمان، ورافدًا مهمًّا للباحثين والطلاب والمهتمين.
ويرى الكاتب أسيد بن أحمد البلوشي، أن المجتمع العماني بحاجة إلى مكتبات وطنية وليس مكتبة واحدة لتعم الفائدة في كل المحافظات، وأن تتميز كل مكتبة من هذه المكتبات بروح وعراقة المكان، فكل محافظة في عمان لها تاريخ عريق وممتد يجعلها تستحق أن تنفرد بمكتبة وطنية عامة.
وأضاف: “يجب مراعاة القرب المكاني، فلا يجب أن تكون هناك مكتبة واحدة يستفيد منها من يقطن بمسقط ويصعب أن يستفيد منها من هو في محافظة ظفار مثلاَ والعكس صحيح”.
ويوضح البلوشي أنه عند الحديث عن بناء المكتبات الوطنية في أنحاء سلطنة عمان، يجب النظر إلى أبعاد هذا الأمر والمكتسبات الثقافية التي قد يكتسبها المجتمع، فضلاَ عن إيجاد وتد ثقافي ومقصد سياحي لكل محافظة من هذه المحافظات، معتبرا أن هذا الطموح ليس مبالغة أو أحلاما صعبة التحقيق، إذ أن الاستثمار في هذا المجال وبأقل الامكانيات يعود بالنفع على الأجيال المتعاقبة، ويعد مرجعاً لجميع القاصدين إن كانوا باحثين أو سائحين أو مجرد زائرين.
وترى المذيعة سندس سعيد أن الكتاب والطلاب ومحبي القراءة في حاجة ماسة لأن تكون هناك مكتبة وطنية عامة تضاف إلى المرافق العامة والفكرية، لما لها من دور فعال في الارتقاء بالفكر والثقافة العمانية وتنظيم الفعاليات.
وتتابع: “نلتفت إلى التاريخ لنجد أن خزانات الكتب كانت منتشرة في أرجاء البلاد وكان الوراقون يتناثرون في الأسواق قديمًا، في العصر العباسي كان بيت أو دار الحكمة مشعلا ثقافيا مهما، فكان ذات مستقلا ماليا وإداريا، وهو معني بالبحوث والدراسات العلمية، وكان خزانة كتب ومركز ترجمة وتأليف وتدريس”.
وتشير “سعيد” إلى أن التاريخ لم يقف عند بيت الحكمة، وكانت كل فترة من الرخاء الاقتصادي مرتبطة بالعلم وأشكاله وآثاره، ففي مصر تعد مكتبة الإسكندرية من المعالم الثقافية التي ينظر لها بعين الإعجاب والتفكر، ترتاح في أرففها لفائف أوراق البردي وكان العلماء يتناوبون على زيارتها والمكوث فيها والاستفادة من مزاياها.
وتضيف: “في محاولتي الخجولة لقراءة الفعل الثقافي متمثلا في المكتبات الموجودة في السلطنة أجد بأننا نحتاج إلى مظلة أكبر تحوي هذا الفعل الثقافي، فوجود مكتبة عامة ضرورة وليست رفاهية، نحتاج إلى يد تتابع الأداء في المكتبات الصغيرة بتنوعها ومدها بالمساعدة وتحسينها وتطويرها إضافة إلى موضوع استنطاق الأرقام التي ستفيد في تقديم معلومات تخدم المؤسسات من ناحية الطلب والعرض، المكتبات الوطنية دورها أشمل فقد تحتوي رفوفها تنوعا أكبر يضم كل الأطياف المجتمعية، ويكون دورها الرقابي من ناحية النشر والفهرسة وتنظيم الفعاليات الثقافية لتكون هي الجسر الإعلامي بين المكتبات في السلطنة وخارجها مع المكتبات الأخرى”.
ويعتبر يونس بن ناصر العبري أن وجود مكتبة وطنية له العديد من المؤشرات الإيجابية، مثل توفير بيئة خصبة للنقاش بين القراء كما أنها ستكون مكانا تزدهر فيه المناشط الثقافية والأدبية، في وقت يفتقد فيه القراء والكتاب لمثل هذه البيئة الثقافية إلا في أماكن ذات مساحة وإمكانات محدودة لا تسمح لها بالتوسع في مناشطها واجتذاب شريحة واسعة من الجمهور.
ويقول: “من المؤشرات الإيجابية أيضا، جمع الكتب والدراسات المعنية بسلطنة عمان في مكتبة واحدة؛ مما سيسهل على الباحثين الوصول للمعلومة، ويثري بدوره الحراك البحثي في المواضيع التي تهم الوطن”.